مررت في حياتي الشخصية على العديد من الناس ، و على أصنافٍ مختلفة ، فقد احتككت بالصغار و الشباب و الشيوخ و بعلماء الدين و أساتذة المدارس و أساتذة الجامعات و زملاء الدراسة و الأصدقاء و الأهل و غيرهم ، وأستطيع القول بأني اكتشفت بعض الصفات التي لا يتحلى بها إلا فئة قليلة جداً ، و التي تجعل منهم هذه الصفات أناس مميزين و عظماء ولو لم يكونوا مشهورين بين الخلق ، و في الحقيقة يولد الإنسان بهذه الصفات ، ولكنه يفقدها تدريجياً بسبب التنشئة الخاطئة في المجتمع .
- الإنسانية :
مفهوم الإنسانية لدينا مضيق عليه بشكل كبير جداً ، لأننا وضعنا عليه حجب كثيرة متمثلة في الدين و الجنسية و المذهب إلى أن نصل للقرابة ، فمثلاً حز في نفسي عندما رأيت البعض يكفر الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا فقط لأنه من الطائفة الشيعية ، و أُحبطت لما رأيت البعض يحتاج للتأكد من شرعية الترحم من علماء الدين ، للأسف أن البعض وصل لهذا الحال المزري ، فالإنساني لا يهمه المذهب و لا الدين ولا الجنسية ولا القرابة لكي يتعاطف مع الآخرين ، فالمنطلق لديه للإهتمام والحب و التأثر هو الإنسان فقط ولا شيء آخر .
- الإعتراف بارتكاب الأخطاء :
هذه صفة من أهم الصفات التي نادراً ما أراها بين الناس ، وهي صفة الإعتراف بالأخطاء ، وما أحزنني أكثر أنني لاحظت أن هذه الصفة غير موجودة بشكل واضح وجلي حتى بين طبقة المثقفين ، والذي من المفترض أن تكون هذه الفئة هي من تبدأ بنفسها بغرس هذه الصفة فيها ، ولكن ولله الحمد يوجد من يعترف بأخطائه ولو أنهم قلة قليلة ، بل هناك من هم أفضل من ذلك ، أعني بذلك الذين يعترفون بأخطاء لم يقترفوها لأجل مصلحة أكبر كاستمرار صداقة أو أخوة .
- الإيثار :
أنا في هذه الصفة العظيمة لا أقصد من الإيثار بالأمور الصغيرة والتي هي موجودة في الجميع بنسب متفاوتة ، وإنما أعني الأمور الكبيرة ، كأن تكون بأمسّ الحاجة للمال و يأتي شخص محتاج و يطلب منك مساعدته مادياً فتساعده بدون تأنيبٍ للضمير ، وكل ما زاد الإنسان إيثاراً زادت تضحياته ، هذه الحالة التي يُأثر بها الفرد الآخرين على نفسه هي حالة نادرة الوجود في زمننا ، فأغلب الناس لا يهمهم إلا أنفسهم ، بل يقومون بأفعال تسبب ضرر كبير للآخرين ، يفعلونها فقط لأنها تخدم مصالحهم ، و هنا تظهر الأنا في أبشع صورها .
- التواضع :
وهذه هي الصفة الأخيرة التي سأتحدث عنها ، في هذه الصفة سأحاول إيصال الفكرة بضرب الأمثال الواقعية ، فمثلاً المتواضع لا يتحرج من اللعب مع من يصغرونه سناً و بالخصوص الأطفال ، المتواضع لا يخجل من التحدث مع من هم أقل منه علماً وفكراً ، المتواضع لا تهمه المناصب ولو كانت صغيرة ، فهو يعتبرها تكليفاً و ليس تشريفاً ، المتواضع لا يحب أن يُمدح بين الناس حتى ولو كان يستحق هذا المدح و الثناء ، المتواضع إنسان بسيط دائم الإبتسامة ، لا يحمل في قلبه الكره و الحقد و الحسد لأحد .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم