شعور غريب،
ان تولد في عالم مملوء بالضوضاء و الضجيج ، لكنه فارغ،
عالم تنقصه الأشياء التي تتمناها، الوجوه و الأمكنة التي تحبها و العادات التي تفضلها،
كل شيء فيه لا يشبهك،
لا يحبك، و لا تحبه ، و لا تريد ان تحبه،
عالم لن يكون ابدا عالمك مهما بلغ انتماؤك له، و انتماؤه لك
و مهما امتلئ هذا العالم بالناس و الأشياء،
لكنك مازلت تشعر بالخواء،
حتى بعد ان تبلغ العشرين و الثلاثين و الخمسين و السبعين و ربما تتخطى المئة،
و حتى بعد ان تصبح جدا فخورا لنصف دزينة من الاحفاد الذين يشبهونك، تدللهم و توزع عليهم حنانك،
بقلب وحيد لا زال بكرا،
و حتى بعد ان تموت،
المشكلة
ان هذا التناقض الغريب لا يزعجك،
فأنت شخص واحد فقط ضمن عدد مخيف من الناس الذين يختبئون تحت جلدهم ،مثلك تماما،
لكن تتملكك الغيرة،
من أولئك الذين وجدوا انفسهم في بداية الطريق او نهايته،
أولئك الذين استطاعوا اللحاق باحلامهم و ذهبوا خلفها غير مبالين بوعورة الطريق،
مهما كلفهم الأمر و مهما طال الوقت و بلغ الثمن،
أولئك الذين خفقت قلوبهم بصدق، و طرقوا قلوبا اخرى بصدق،
و كان خيارهم الاخير ان يتبعوا صوت اجراسها، فاوصلتهم إلى حيث أرادوا،
أو إلى حيث لا يريدون،
أو ربما لم يصلوا ابدا،
و في كل الأحوال
بقيت الذكرى الخالدة كوريقات ورد معطر في صفحات العمر الفاني،
و لكن ماذا عنك؟
اين تقف اليوم؟
على اي طريق؟
من انت؟
هل ترى نفسك في وجه رفيقك، أو في وجه طفلك؟
هل يكفيك هذا الوجود الثانوي؟
ان تكون جزءا من شيء ما ، و ليس الكل الذي تعرفه و الذي لا يشبهه احد،
و لم لا،
فهو شعور يعيش عليه الاف ، لا بل ملايين البشر،
و هو كاف للاستمرار،
لا بل قد يكون أكثر من ذلك،
قد يمنحك سعادة من نوع اخر تهون خساراتك المتكررة،
و لكن شيئا ما سيظل مفقودا ،
انت تعرف هذا جيدا حتى لو تظاهرت بعكس ذلك،
كل سعاداتك البديلة هذه التي تشترك في صنعها مع اخرين لن تعوضك فقدان سعادتك الخالصة، الخاصة التي لم تعرفها و لم تحصل عليها ابدا.
و مهما امتلئت حياتك بالضجيج
سيبقى عالمك فارغا،
وقلبك بكر!
-
كاتبةJournalist, feminist and writer