بعد تاريخ طويل من الصراع والحروب المريرة بين الدول الاوروبية، تلك الصراعات التي اهلكت الحرث والنسل وجدت الدول الاوربية أن الحرب ليست حلا لخلافاتها، وبالتالي لجأت تلك الدول إلى الحوار ووصلوا إلى اتفاقيات انهت المأساة اﻹنسانية في ذلك الجزء من الكرة اﻷرضية ، كما لجأت إلى الحوار العديد من دول العالم كوسيلة حضارية لحل مشاكلها والخروج من الأزمات والحروب التي تتخبط فيها.
اليوم و على صعيد العالم كله مهما تكن القضايا معقدة، ومهما تكن المشاكل كبيرة، لم يعد السلاح هو الحاسم، ولم تعد اراقة الدماء هي الحل، ولم تعد الحرب هي المنطق، وإنما الحوار هو اﻷسلوب الصحيح لحل جميع الازمات.
وكم نتمنى اليوم من اخواننا في جميع الدول العربية الغارقة في اتون الصراعات المسلحة الأحتكام إلى العقل والمنطق، والرجوع إلى جادة الصواب ومراجعة حساباتهم بأن تلك الحروب والصدامات المسلحة لم تعد حلا مجديا لمشاكلنا فالوطن العربي ارضا و وانسانا هو الخاسر الوحيد من هذه الصراعات. ففي اليمن من لم يقتل بسلاح يمني قتل بسلاح عربي سعودي، و في سوريا من لم يقتل بايادي سورية قتل باموال خليجية سعودية...ونفس الشئ في ليبيا... لقد اطفأت الأرض ظمئها وأروت عطشها بدماء ابناءها ...من أجل ماذا ؟ من اجل اطماع زائلة، أو من أجل تنفيذ سياسات واجندة دولية تسعى الدول الكبرى من خلال تلك الدول الداعمة والممولة للصراعات إعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة وهي لا تعلم - الدول الداعمة - بأنها أول من ستكتوي بنار تلك السياسية .
وما يلاحظ اليوم هو أن جميع الصراعات تغذى باموال دول الخليج العربي ذات نظم الحكم العتيقة البالية و الهشة ، والتي عجزت في توظيف اموالها لخدمة مجتمعها وانتشال البلدان العربية من براثين الفقر، فوظفت تلك اﻷموال في تغذية الصراعات واشعال الفتن بين ابناء جلدتها.هذا هو حالنا في الوطن العربي نقتل باموال إخواننا. وفي نفس الوقت فأن التعاطي الخليجي أو بالاصح السعودي مع الصراع اليمني والصراع السوري على سبيل المثال متناقض، ففي اليمن فالسعودية مستعدة لهدم الوطن بمن فيه من أجل عودة الرئيس هاااادي وحكومة المنفى...وفي سوريا فهي مستعدة لتسويتها بالأرض من أجل رحيل بشااااار اﻷسد ونظامه عن وطنه وأرضه...في كلتا الحالتين فهى تسعى لهدم جزء مهم من الجسد العربي.
لذا ندعوا إخواننا في بلدان الخليج كف ايديهم عن تغذية تلك الصراعات فما امسى في جارك أصبح في دارك وفقا للمثل العربي...ومن اﻷفضل لهم معالجة شؤونهم الداخلية و استثمار اموالهم بما يعود على مجتمعاتهم بالمنفعة والفائدة.
ومن خلال ما سبق ... فهل يمكن للسلاح أن يكون الحل الوحيد لمشاكلنا ؟ ..اليس الحوار هو الحل الذي من خلاله نستطيع ترميم الجسد العربي ولملمة الشمل الوطني.الحوار الجاد والمسؤول وليس الحوار وفقا للرغبات والأهواء الشخصية.حيث والحوار يعد منهج ديمقراطي سليم يعبر عن نظج فكري ورقي حضاري لحل مشاكلنا.
د.اكرم العجي