في عهد بعيد مضى.. كان الشعر قبساً من سنا روحي، جذوة شعلى وهجها يملاً في الأرض أقطاراً، ويسلكُ دافئاً عذباً في تباعيد السمواتِ..
ثم تغيَّر كل شيء فجأة، وأصبح الشعر أسوأ عاداتي..؟!
وبعد إن كُنَّ القوافي عذارى وماجنات يسرحن غدواً في حقولي مصبحاتٍ، ويغدون رواحاً في سفوح أيامي، وبعد أن كان قلبي ربيعاً دائماً وبعثاً جديداً، تغيَّر كل شيء فجأة، فأعلنتُ عن الشعر توباتي..
لقد نسيت حقاً تلك الحقبة من تاريخ تفاصيلي، حتى أني لا أذكر في أي حين نأيتُ عن صُحبة "الجِنِّ العباقر"، وطهَّرتُ من غُبار القوافي شرايين أقلامي وأرواح صفحاتي؟!
كنت أطوفُ على جسد القصيدة وتضاريسها كل ليلة.. يُدهش رؤوس أناملي بزوغ مساماتها زغبة، تأخذني على بساط الدهشة الى عوالم رعشتها الأولى صوب اللانهايات في وجود يغدو كألف حياة وحياة؛ وفي الأرجاء كان عطرها يُثملُ في شغافي: شغافي..
أقسمُ أنها كانت تصنعُ من بياض عطوفها لمتعتي أراجيحاً.. ومن قدَّها البَّضِ سلالماً حلزونية تسرقني من كنف الشوق لتغرقني في بحور لذَّاتي..!!
قد كان ما كان؛ حتى جاء يومٌ ما عاد في لغة الشعر روحٌ، ولا عُدنَ القصائد للنساء مرايا؛ فهجرتُ "العيوف" وخدرها في "ماسل الجمح"، واغتسلت لألف مرة من بعدها؛ فهل كانت العُمُّردة لتحصي إليها زوراتي وليلاتي؟!
..
أيا عيون العُمُّردة..
ويا جسد العيوفِ
أنا ما عُدتُ للشعر، لا ولن أعود..
-
فكري آل هيرمواطن لا أكثر ..