أول ماي :

5 درجات على الرابعة صباحا : 30 درجة على الثانية عشر زوالا تحت الشمس ،اعصار أثناء النهار : تساقط الأمطار في السماء.

وصلنا مبكرا الى تيوت التي لم يعد اليها السكان ولكنهم اقترحوا العودة ودفع الجزية لا نقدا لأن هذه العملة نادرة في الصحراء بل عينيا وكانوا فيما مضى يدفعون للأتراك أغطية وعبيدات سود كما أبدوا استعدادهم لتسليمنا أشياء من صنعهم لقضاء دينهم ، لكن الجنرال صرح أنه لن يدخل في مفاوضات نهائية الا بعد عودة السكان الى القصر وقصد اثبات احترامنا لأملاك أصدقائنا نصبنا قواعد أمامية داخل البساتين وحول القرية لكي لا يحصل أي تخريب.

03 ماي:

لقد خدعنا فعلا حيث انتهز سكان تيوت الوقت المتاح لهم للقيام بنقل كل الأشياء الثمينة التي تركوها في القصر كما اختفى تقريبا كل الأشخاص المتكلفون بالتفاوض معنا، لم يبق اذا مجالا للتردد : النهب مسموح ولكن بدون تدمير ولا حرق.

من بين الأهداف التي يصبو اليها الجندي الافريقي بكل شغف هو أن يصبح مكتشفا ماهرا للمطامير وان كانت الحملة التي يشارك فيها تشمل مطاميرا للتفريغ فهو يسرع خطاه ويحث رفقائه على ذلك، فالمطمور يمثل ثروة صغيرة بالنسبة له وهو غنيمته وجائزته ووسيلة للحصول على شيء من المتعة التي هو محروم منها وسط كل الحرمان والتعب اليومي، ان المطامير تمثل باختصار نعمة بالنسبة للجندي الافريقي.

في القصور ، لا توجد المخابئ في الغرف الكبيرة المطلة على الفناء أو على الشارع بكثرة، بل في الحجرات الصغيرة المظلمة التي تكون لديها فتحة ضيقة على الغرفة الأولى، غالبا ما يكون المطمور بعيدا عن الجدران الا اذا كانت الحفرة تمتد الى الغرف المجاورة عبر الأسس.

تبرز أخلاق وطباع مختلف فيالق الجيش خلال الحمالات الصعبة والمملوءة بالأحداث غير المنتظرة مثل التي تقوم بها، فالمشاة والفرسان والأسلحة الخاصة لها هيئة وعادات خاصة بها في فرنسا ،ولكن في الجزائر يصبح لدى الفيالق التي تقيم باستمرار مثل الزواوة والفيلق الأجنبي وقناصو افريقيا نمطا خاصا.

أما الفيلق الافريقي فهو فيلق متنوع مشكل من جنسيات متعددة منها الألمانية والاسبانية والإيطالية وغيرها، بعضهم فر من وطنه لأن سيئاته طردته منه أو لأن الكسل منعه من خلق منصب لنفسه هناك، ولكن أغلبهم قدم لتجريب حياة جياشة ومليئة بالمغامرات أو هاجر للتخلص من الاضطهاد السياسي ، ان توحيد هذه الفئات المختلفة وغير المستعدة أصلا للعمل سويا وجعلها تصبو الى تحقيق هدف مشترك ليس بالأمر السهل وتطلب مساهمة رجال تجتمع فيهم روح التراضي ولباقة مشهودة مع الصرامة والعدالة للتوفيق في ذلك .

باختصار يمكن القول بأن لا الفيلق الأجنبي ولا فيلق الزواوة يملكان على حدة الخصال المطلوبة لتحقيق استعمارنا واحتلالنا على أحسن وجه، فالثاني يتكلف بالتدمير والحرب والأول بتنظيم وترسيخ فوائد الانتصار ،اما اذا تحالفت جهودهم فبإمكانهم تلبية كافة الحاجيات وتحقيق جميع المتطلبات ...

يتبع..........