هو العالَم..
لم تكن أنانية، كانت رؤية..
نظرية يمكننا أن نرجعها للفطرة.
يحيا وكله إيمان أنه الأحق والأجدر بكل شيء، وأن كل شيء إنما وجد لأجله!
كان إذا تواجد في مكان يحب أن تُوجه أنظار الجميع إليه، ومع ذلك يُظهر غير ذلك!
يتظاهر باللامبالاة تجاه الأشياء التي لا يختلف عليها اثنان أنها محط اهتمام البشر كافة! على سبيل المثال، لو أنه في جمع من الناس، وتواجدت فتاة فاتنة وخطفت الأنظار، إن سُئل عنها وجمالها، قال أنها لا تروق له، وأنها لم تشغل حيزًا ولو ضئيلًا من تفكيره! وإن جئنا للحقيقية، هو يموت غيظًا وهي تتطلع هنا وهناك، وتخاطب هذا وتسلم على ذاك، ولا تلقي له بالاً، ولا توجه إليه نظرة أو سلامًا!
كان يسير في الطرقات وكأنه فارس مغوار على ظهر حصان شرسًا ويحمل سيفًا بتار، يملؤه غرور ليس له مثيل.. وفي تصوره أن الدنيا بأسرها تحت طوعه وإمرته.. فقط يأمر وسيُطاع.
ومع ذلك.. مع كل تلك الثقة، يتمنى لو أن أحدهم يناديه ويحدثه، كي يشعر بأن له قيمة وأن هناك من يأبه به ويضعه في اعتباره! كان غريبًا.
يحب أن ينال كل شيء، يسمع مديح الناس له، إطراءهم عليه، تحيتهم له بحرارة.. وكأنه آخر مخلوق من جنسه، والأمل كله فيه أن يبقى نوعه ولا ينقرض!
كان يعتقد أنه العالَم.. قال دوستويفسكي فيما معناه:
"يكفي أن يطلق رصاصة على نفسه حتى ينتهي العالم بالنسبة له".
مَن منا ليس مثله؟ ولكنها أسرار النفس البشرية العصية على الفهم.
وقد تتفاوت وتختلف نسب الإعجاب بالنفس ودرجات الاهتمام بالعالَم.
ولما لا نعتقد أن حتى الذي يضحي لأجل قضية أو هدف ما، أنه لم يفعل ذلك إيمانًا بقضيته، وإنما من أجل حبه الزائد لذاته.. أن يُقال عليه بعد ذهابه، لقد كان بطلًا. ربما.. ومن الجائز أنه قد حدث.
ولم أفوت هذه المناسبة، وسأذكر قصة "نرسيس" أو "نركسوس"
...........
❤️ أسطورة نرسيس ( نرجس ) ❤️
الأسطورة الإغريقية التي اتخذها سيجموند فرويد مثالاً في حديثه عن الشخصية النرجسية وعشق الذات.
كان نرسيس آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء.
وكانت هناك فتاة تدعى ايكو أو (ايخا) هامت بحب نرسيس (نرجس) ومن فرط حبها له وإعجابها به سقمت حالها ومرضت بسببه. ومن أجله كابدت وصبرت حتى أضناها هذا الحب وجعلها تذبل شيئًا فشيئًا حتى فارقت الحياة.
ولكن الآلهه - بزعم الأسطورة - لم تترك الفتى دون عقاب. لذلك كان العقاب قاسياً عليه للغايه حتى أودى بحياته. كان العقاب أن يعشق نفسه بصورة مرضيه عندما رأى صورته منعكسه على الماء لذلك أخذ يجلس الساعات الطوال أمام صورته بكل فخر وزهو. واستمر على هذه الحاله حتى مرض نفسياً بسبب هذا التعلق الذاتى. وما هى إلا فترة بسيطه حتى فقد عقله وفى إحدى خلواته وعشقه لنفسه قفز إلى بركة الماء ليمسك صورته ولكنه غرق ومات.
وظهرت فى مكانه زهرة سميت على اسمه زهرة نرجس. والتي تعرف الآن بزهرة النرجس.
تلك كانت أسطورة، لا أستطيع أن أؤكدها أو أنفيها، وأيضًا يمكن أن تختلف الأسماء فيها، لكن الغاية منها؛ أن شدة التعلق بالنفس مرض قد يكون فتاكًا.
فكم نرجسيًا الآن يعيش بيننا؟
كم شخص يرى أنه العالَم؟
- محمد كمال/ هو العالَم..
التعليقات
فكما قلت بمقالك الجميل ( قد تتفاوت وتختلف نسب الإعجاب بالنفس ودرجات الاهتمام) لكن يجب الا تزيد عن المعقول حتى لا يصاب المرء بالغرور و الخيلاء لاسيما النرجسية
فشدة التعلق بالنفس مرض قد يكون فتاكًا لأي شخص منا ... أسأل الله العظيم ألا يجعلنا من المغرورين أو المتكبرين ..