التعليم سلاح يعتمد تاثيره على من يمسك به والى من تم توجيهه - جوزيف ستالين
ليس من الضرورة ان اكون متضلعا في نظم التربية والتعليم او حتى خبيرا متمرسا بها حتى استطيع انشاء راي خاص ,عن ما ال اليه واقع التعليم بالمغرب واقع جعل هذا القطاع حقل تجارب بمتياز.. اذا انه بعد اكثر من خمسين سنة من "الاستقلال" _ الاستقلال الشكلي طبعا_ لم يوفق المغرب في خلق منظومة لتربية والتعليم كاملة مؤسسة على مرجعيات محددة غايتها المثلى تعليم عمومي مجاني علمي وعلماني ,يساير رياح التطور وامواج العولمة الجارفة ..انه لم يوفق الا في اعادة انتاج الجهل والامية حسب مفهوم "بير بورديوا" ولم يوفق الا في افراز الفشل المدرسي بكافة تلاوينه او كما عبر عن ذالك احد المفكرين المغاربة "المدرسة لم تعد تنتج الا الضباع" واضحت المنظومة عبارة عن الة لتفريخ الجهلة والعاطلين والفاشلين ودفع بهم الى محيط البطالة حيث النهاية والمال الاخير اذن ما "الاصلاحات الهيكلية"_ رغم تحفظنا على هكذا مصطلح _ التي قام بها المغرب من اجل تجاوز حالة التردي هذه ?
ان اهتراء وذوبان المنظومة التعليمية بمنطوق التقارير المحلية قبل الدولية ,او ربما بمجرد ملاحظة واقع الحال يستوجب شن حملة من الاصلاحات الجذرية بمعنى اعادة بناء منظومة تعليمية تتخذ العمومية والمجانية والعلمية والعلمنة كاحجار الزوايا ..اصلاحات جذرية وليس وضع مساحيق التجميل بكميات هائلة من اجل تسويق صورة مغلوطة والاهتمام بالوجهة وترك الجوهر منخور بسرطان من نوع خاص .بمعنى اخر اشعال الجذوة وليس ملئ الوعاء كما جاء على لسان "سقراط" ,لنقف هنا ونعانق بوصلة التاريخ لنسلط الضواء على المسار الاصلاحي لمنظومة التربية والتعليم حسب فهمهم ..
" اللجنة العليا للتعليم "(1957م) إصلاح التعليم الموروث عن الاستعمار (الهياكل، البرامج، الأطر...)، مع المناداة باعتماد المبادئ الأربعة (المغربة، التعريب، التوحيد، التعميم) لإرساء نظام تربوي وطني.
" اللجنة الملكية لإصلاح التعليم "(1958م) إصلاح التعليم بالدعوة إلى إجباريته و مجانيته مع توحيد المناهج و البرامج.
" المجلس الأعلى للتعليم "(1959م) التأكيد على ضرورة مجانية التعليم و تعميمه.
" مناظرة المعمورة "(14 أبريل 1964م) الدعوة إلى تطوير آليات ثوابت الإصلاح : المغربة، التعريب، التوحيد، التعميم.
" المخطط الثلاثي "(1965م – 1967م) إلزامية التعريب في مرحلة الإبتدائي.
" مناظرة إفران الأولى "(1970م) تطوير التعليم العالي و الإهتمام بالتكوين المهني
" مناظرة إفران الثانية "(1980م) تقدم مسلسل التعريب و مغربة الأطر بالرغم من المشاكل المادية التي كان يجتازها المغرب في تلك الفترة، و التي أثرت على البنيات التحتية للتعليم نتيجة اعتماد التقويم الهيكلي "سياسة التقشف".
" اللجنة الوطنية للتعليم "(1994م) محاولة تجاوز آثار التقويم الهيكلي على التعليم خلال ثمانينيات القرن الماضي و ذلك بالرفع من بنياته.
" اللجنة الملكية للتربية و التكوين "(1999م) وضع أسس إصلاح التعليم : إلزامية التعليم، إدماج التعليم في المحيط ...
" اللجنة الخاصة بالتربية و التكوين " (الميثاق الوطني للتربية و التكوين) (2000م) إصلاح المنظومة التعليمية بتغيير البرامج و المناهج تعددية الكتب المدرسية، الإهتمام بتدريس اللغة الأمازيغية(...) سنقف عنذ هذه المحطة قليلا بعتبار هذا الميثاق اهم وثيقة سياسية حول التربية والتعليم بالمغرب ..صاغه مستشار للملك مميز خريج مدرسة تقنية ,صاغ "تصورا" لقي الرضى فعمد الى تنفيده ولم يفرز الى "الاخفاق والفشل" ..فنتسال نحن هل من المعقول والسليم ان يعمد الى تكليف تكنوقراطي ذو نظرة احادية وضيقة بحكم "الثقافة التقنية" الى صياغة ميثاق يراهن عليه حاضر المغرب ومستقبله ?
كنا دائما نعلنها جهارة ب اخضاع التكنوقراطي للسياسي وليس العكس ,بسبب ان الاول قد يتقن تصميم القناطر والمطارات او ترميم الطرق لكن لا يصلح ولايملك حتى صلاحيات تعاطي مع الشان العام .اللهم الا من باب صياغة دفاتر التحملات وتنفيذ توجهات الثاني ام ان يتحول الى مصدر من مصادر القرار فهذا لن يبزغ عنه الا الفشل والهزيمة.
" المخطط الإستعجالي " (2009 – 2012م) زرع نفس جديد في مسلسل إصلاح المنظومة التربوية : اعتماد بيداغوجيا الكفايات و الإدماج، محاربة الهدر المدرسي، تشجيع جمعيات دعم مدرسة النجاح...
التدابير ذات الأولوية لوزارة التربية الوطنية و التكوين المهني و البحث العلمي و "الرؤية الاستراتيجية "لإصلاح التربية و التكوين للمجلس الأعلى للتربية و التكوين (2015م – 2030م)
بعد ما جلنا بين ثنايا قافلة "الاصلاح الهيكلي" كما تحب ان تسميه الجهات المسؤولة عن التعليم بالمغرب .القافلة التي لم تجلب سوى الشؤوم والاخفاق والرتب الاخيرة المخجلة في كافة التقارير الدولية دعونا نتساءل عن سبب الحقيقي لهذا الفشل الغير مبرر ?اهو ضعف النجاعة وعدم القدرة على التكييف وتردي الانتاجية والقول ان "الاصلاحات " كانت غير مؤطرة بتصور ناظم وغير محكوم بروابط مع الاقتصاد والمجتمع والمحيط العام ولا تساير حتى التحولات كما اشرنا سابقا . ام ان الفشل ممنهج سببه ايادي خفية شعارها ان الجماهير كلما كانت امية وجاهلة وجائعة ومريضة ومسلوبة الحقوق فانه يسهل درء مخاطرها وضبظ رد فعلها بالزمكان .ام ان سبب ذالك اعادة خلق تراتبية اجتماعية تعيد انتاج السائد المهيمين او ثنائية السيد والعبد ,حيث المدارس الخاصة الراقية بالداخل والخارج للطبقات الارستقراطية والمدارس العمومية المهترئة لابناء الكادحين والطبقات الدنيا …بعد هذا التشريح الطويل لوضع التعليم بالمغرب والوقوف ولو نسبيا على مكامن الخلل ,سنقف لحضة تامل قد تطول او تقصر ونحن نحذق بتساؤل الاتي : ما العمل ؟
-
خالد بوفريواكاتب