حياة الفهد وصدمة جمهورها ومحبيها - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حياة الفهد وصدمة جمهورها ومحبيها

هيام فؤاد ضمرة

  نشر في 03 أبريل 2020 .

حياة الفهد وصدمة جمهورها ومحبيها

بأزمة أنى لها أن تعدي

...هيام فؤاد ضمرة...

حياة الفهد وما أدراك من حياة الفهد، هي فنانة وممثلة كويتية من مواليد منطقة الشرق في الكويت عام 1948م، أقدم مناطق الكويت السكنية التي حفلت ببدايات تأسيس الإمارة حين كان يسكنها النواخذة الذين يمتهنون أعمال البحر من صيد السمك وصيد اللؤلؤ والتجارة مع موانئ الهند وإيران ودول جنوب آسيا، لتكون هذه المرأة أقدم من مارس فن التمثيل في وقت كانت فيه النساء الكويتيات يتعففن عن العمل الفني لما فيه من اختلاط وجرأة بالمواجهة وظهور اعلامي كثيف، وحاجة للخروج في أوقات مسائية متأخرة، لا تناسب الثقافة الكويتية المحافظة، فيمتنعن عن مهنة التمثيل وينظرن إليها نظرة دونية لهذه الأسباب، كون المجتمع الكويتي بذلك الوقت لم يعتاد الاختلاط.

اضطرت حياة الفهد مع اصرارها وعنادها الشديدين أن تواجه الصعاب مع قسوة والدتها في البداية لمنعها العمل في التمثيل، لكن صاحب فرقة أبو جسوم المسرحية استطاع انتزاع موافقة شقيقها لعملها بالفن، وكانت حينها تعمل ممرضة لأن ظروفها منعتها من تكملة دراستها الابتدائية، ولهذا ظهرت الفنانة حياة الفهد في زمن خلو الساحة الفنية من العنصر النسائي الكويتي وهذا يعد شجاعة بالغة، ولم يكن أمام متطلبات العمل الفني في الكويت آنذاك إلا استخدام شخصيات ذكورية لتمثيل الأدوار النسائية.

امتلاكها لقدراتها الفنية واندفاعها بجد ظاهر وعزم على الارتقاء جعلها تختار العودة إلى الدراسة لتنهل ما فاتها نهله، فنالت باجتهادها تمكنها من اللغتين العربية والانجليزية بجدارة، مما أهلها لاحقاً لكتابة السيناريوهات والقصة ومن ثم كتابة الشعر، كما ارتقت تصاعدياً بعملها الفني لتتصدر الواجهة الفنية بين كافة الفنانات الخليجيات، ولتحمل بعد ذلك مسمى سيدة الشاشة الخليجية، ويتصاعد رصيدها الجماهيري بشكل كبير، فأحبها وقدر فنها الوافد إلى جانب الكويتي ابن البلد، وتربعت بقلوب الجميع لاستحقاقها الابداعي.

ليس ذلك وحسب فقد حمل الوافد حبه لفنانته وفنها معه حتى بعد مغادرته الكويت عائدا إلى بلاده، وظلت الفضائيات الكويتية مصدرة لمتابعة فن حياة الفهد حتى تأثر بهم أهل بلدهم وصاروا يتابعون أعمالها أيضاً، وبهذا شارك الوافد بتسويق فنها في بلده الأم، لأنه ظل يحمل للكويت انتماء العاطفة وميل الروح والوفاء بكل إباء، أليست هي الكويت التي كانت بيت شبابه ووطن ذكرياته، وحصاد مشاعره، وهو في تمام صحته وعافيته يقدم أقصى عطائه، ومنحها من ذاته روحه وعافيته وقوة شبابه، ليعود إلى بلاده منهكا يحمل أمراض مكبره وحاجته للعلاج بعد استنفاذه عافيته في دولة اغترابه.

لهذا ليس الوافد وحده من صدم بتصريح الفنانة حياة الفهد، واستهجن صوتها العالي فوق العادة بتبجح لا لزوم له، وإخراجها أقوال غريبة لا يمكن وصفها إلا بالعنصرية والمتنكرة والمستنكرة والصادمة إلى الحد البعيد، فالمواطن الكويتي الشريف كان أشد استنكاراً لتصريحها العنصري المبالغ فيه، وأشد مواجهة لها واعتراضاً على ما تفوهت به، دون أن تراجع حتى ضميرها الإنساني، فمثل هكذا رأي ليس من شيمة المواطن الكويتي ولا من أخلاقياته، ويأنف بطبيعته الرحيمة والمستمدة أخلاقياته من كتاب الله القرآن الكريم ومن قدوته في رسوله المصطفى لأن يتقبل مثل هذا أو يتبناه، فكان تصديه نابعًا من احساسه الصادق كإنسان يمتلك مشاعر الإنسانية أولاً، وكممتن لهولاء الوافدين الذين على عاتقهم يتقدم مسير العمل، هو الكويتي العربي الأبي الذي لطالما أثبت شرف ثباته على قيم أصالته في مواقف لا حصر لها، وما زالت مواقف الكويت أشد عروبية من كثير من الدول، ترفع برجالاته رؤوس العرب في المحافل الدولية.

فمن تكون الفنانة التي تمتهن العمل على المسرح وأمام عدسات التصوير، بجانب قيادات البلد وكباره لتلقنهم ماذا عليهم أن يفعلوا تجاه وافدين قدموا نتاج علمهم وخبراتهم وطاقات قواهم ووقت عطاءهم من عمر شبابهم، لينالوا بنهاية المطاف الامتنان بهذه الصورة غير اللائقة وبكل بساطة يجدون من يطالب بإلقائهم في مكب الصحراء، والأدهى أن تأتي هذه المطالبة بصوت فنانتهم التي أحبوها وأدخلوها صدارة قلوبهم،

ولست أدري ولا كل انسان يدري لم فنانة لها شعبيتها تشغل نفسها في أمور لا يعنيها التدخل فيها، فحدود اختصاصها لا يبتعد عن فن التمثيل لتخصصها بالفن وتميزها فيه.. فلم يا حجة أم سوزان تنسيىن نفسك في حمأة انشغالك بالخوف من الفيروس وتوابعه الذي يهاجم كل شعوب الأرض وكل دولها ولا يستثني دولة عن أخرى.

فاتركي أمر القرارات لأهل القرارات فهم أدرى بشعاب مكة، واتقي الله بالوافدين الذين أخلصوا لهذا البلد وخدموه بالغالي والنفيس، وتحملوا ما تحملوا في سبيل عيش كريم بأقل كثيراً مما يستحقون، ولتعلمي أن دخولهم لا تكاد تفي بالحاجات الضرورية لمتطلبات عيشهم الكريم، واسألي البنوك لتعلمك كيف يتدبر الوافد أمر ضروريات معيشته ومدارس أبنائه وجامعات الكبار منهم وتكاليف علاجهم، لتعلمك البنوك كم قرض يأخذ الشخص منهم لسداد متطلبات أموره، ثم يسد هذه القروض بالفوائد مرغما وهو يعتصر أحشاءه مع اعتصار تكاليف معيشته، لأن كل القوانين تتعامل مع هذا الوافد على أنه متطفل أجنبي يحق عليه امتصاص دمه وعافيته مقابل أجره القليل الذي يقبضه.

الوافدون ليسوا أقلية في دول الخليج حتى بهذه البساطة يلقوا إلى التهلكة بمجرد تعرض البلاد لحالة طارئة، كل العالم ياحجة حياة شاهدوا بأم أعينهم كيف دولة الصين وهي الدولة غير المسلمة عالجت الصيني وغير الصيني المسيحي والبوذي والمسلم بمساواة انسانية تحدث عنها العرب قبل الأجانب، وكيف وجدت سريعا طرقها الصحيحة لمواجهة الفيروس دون أن تلقى بالأجانب غير الصينيين بالصحراء، ودون أن يصرخ مواطنهم الصيني محتجاً ومطالبا بإلقاء الأجنبي خارج مصحاته ومشافيه وحدود بلده..

لقد ارتكبت أمراً منكرا يا فنانتنا القديرة، فبأي وجه ستقابلين ربًا أول رسائله إلى عباده في القرآن الكريم أن الاسلام دين العدالة لا يفرق بين عربي وأعجمي، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين غني وفقير إلا بالتقوى، فإذا كان ميزان دين الإسلام هو التقوى، فكيف يخرج العربي المنضوي تحت جناح الاسلام وثقافته الإسلامية عن عروبته وعن قيم دينه..

رحماك إلهي فما ألفت نفوسنا مثل هذا بالكويتي الذي به نفتخر، وقد شاهدنا مواقف الشرفاء من الكويتين من أصحاب العمارات التي يستأجرها الوافدون يتوقفون عن قبض أجرة مساكنهم لعلمهم أن شركات بلدهم أوقفت عنهم معاشاتهم دون أن ترحم ظروف متطلبات عيشهم وأسرهم، إذ كيف لدولة غنية أن تعامل موظفيها بمثل هكذا قرار في ظروف غير عادية لا سلطة لأحد عليها،

والأردن البلد الفقير بمقدراته ومياهه الذي تحمل ضغوط فوق العادة في استقبال ثلاثة ملايين لاجئ سوري ومليوني لاجئ عراقي وقدم لهم كافة المساعدات العينية واللوجستية، وأبدا ما قبل على نفسه أن يترك الناس دون معاشات لحاجة الناس أن يصرفوا على معيشتهم، ففرض على أرباب العمل ألا يوقفوا معاشات موظفيهم مقابل انزال الضرائب عنهم، بل أيضاً أوقفوا سداد قروض البنوك مع الاتفاق معها دون تحميل المقترضين الفوائد إلى أن تنتهي ظروف الأزمة الفيروسية،

وصرفت حكومة الأردن معاشا لكل العاملين بالمياومة أردنيين كانوا أوغير أردنيين ليواجهوا ظروف تعطلهم عن العمل، عدا عن المواد الغذائية والمبالغ النقدية التي وزعت على بيوت المعسرين، وأيضاً عدا عن التوقف عن صرف فواتيرالكهرباء والمياه خلال أشهر تعطل الناس عن العمل، وتقديم خدمة استمرار الاتصالات بما فيه خدمة النت عبر خطوط شركات الاتصال، وتوزيع الخبز بلا مقابل.. كل هذا يا فنانتنا القديرة قام به بلد فقير لا يملك لا نفطاً ولا غازاً ولا حتى اطلالة بحرية استراتيجية تجعله طريقا تجاريا لدول الجوار.. فمن لا يرحم الناس لن يرحمه خالقه

حقا الدول سارعت إلى إخلاء رعاياها من الصين ممن هم راغبين بالمغادرة لوجودهم هناك بظرف طاريء، وكانت على رأس هذه الدول أفقر دول العالم العربي الأردن وعلى حساب حكومتها، كون الصين بلد صناعي وتجاري يؤمه كل صاحب عمل أو طالب علم، ولم ترغم تلك الدول كل الرعايا على المغادرة، فهناك من هم مقيمون في الصين ولهم حياة لا يمكن فصلهم عنها، ولم تتخلى من ناحيتها الصين عن رعايتهم الصحية في حال الإصابة ولم ترفض مشافيها استقبالهم، رغم أن لا فضل لهم على تطور حضارتها، عكس ما يقوم عليه وجود الوافد في دول الخليج.

واسمحي لي يا فنانتنا القديرة أن استعرض أمامك وأمام كل العالم ما قدمته دولة المملكة الأردنية الهاشمية بقيادتها الرشيدة والإنسانة لشعبها وللمقيمين على أرضها عربا وأجانب على حد سواء، فمن لا يعلم أجدر به أن يعلم، لأننا هنا لا نسمي العربي أجنبياً وكأننا ننسلخ عن عروبتنا، فقد أنزلت الحكومة الأردنية المواطن الأردني والعراقي والسوري والفلسطيني جميعهم وبمساواة عادلة بالحجر الصحي في فنادق الخمس نجوم الأرقى المطلة على البحر الميت، وقامت بدورها بالإنفاق عليهم بالأكل الفاخر والعلاج الآمن وتقديم أرقى الخدمات على حد سواء، فلم تضع الأردني في فنادق خمس نجوم وغير الأردني بأماكن أقل مستوى، والفيديوهات التي نشرها غير الأردنيين جابت فضاء مواقع التواصل الاجتماعي ليشهد القاصي والداني رحمة حكومتنا وأمانتها بالتعامل الإنساني أمام ظروف غير عادية.. فاتقوا الله يا أولي الأمر بمن يتغربون عن بلادهم ويفقدون حياتهم الطبيعية بين أهلهم وذويهم وأجواء بلادهم المعتدلة ليتحصلوا على لقمة عيشهم ويتفانوا من خلال عملهم في خدمة بلد اغترابهم.

واتقوا الله بشرف العدالة الربانية، فالكويت ليست بفقر دولة الأردن الغنية بإنسانيتها وعروبيتها وحفظ كرامة كل من يدب على أرضها، والكويت ليست كالصين غير مسلمة، والكويت تعتمد بمسيرة حضارتها على الوافد بقدر ما تعتمد على غناها المالي من الطاقة التي منحها الله لأهلها.. ولأذكرك سيدتي لو فرغت العمارات بمناطق الوافدين من ساكنيها وتعدادها بمئات الآلاف ماذا سيحل باقتصاد البلد وبدخول أصحابها وبمصيرها، ولو فرغت الأسواق من القوة الشرائية التي يمثلها الوافدون، ماذا سيحل بالأسواق وتجارها، إن الله جعل بالبشر تفاوتا ليكون لهم في بعضهم الفائدة، فليس هناك جانب واحد مستفيد في هذه المعادلة بشقيها، فهذه النقطة يجب أن توضع باعتبار كل صاحب عقل ودين... وتحية إجلال وإكبار لحاكم الكويت الإنسان الأمير ولكل كويتي أصيل وكويتية ماجدة يعون حقوق غيرهم كما يعون حقوقهم ويحترمون الأخر الغريب وما هو بينهم بالغريب.. فلك دولة الكويت حبنا ووفاءنا.



  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 03 أبريل 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا