ولنا في الهجرة "حياة وألم"
نشر في 09 أكتوبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
الهجرة بحثاً عن العمل وتأمينا لحياة أفضل، ملاذ لجأ إليه العديد من الأشخاص،باحثين عن بلد آمن ومستقر يضمن لهم العيش الهنيئ والتعايش في أمن وسلام.
عدد كبير من المهاجرين وجدوا ضالتهم في بلد السعادة والعطاء الإمارات العربية المتحدة التي تضم أكثر من مائتين جنسية مختلفة، ومنها الفلبينيين الذين أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من هذا البلد ولا يمكن الاستغناء عنهم في الكثير من المهام، وهم بدورهم وجدوا الحياة في هذا البلد الذي شعروا فيه بالإنتماء، وبعضاً من ملامح عاصمة بلادهم مانيلا في دبي.
جوسان جولان أليون فليبيني الأصل، يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاماً، حالة من آلاف الحالات التى فضلت الهجرة بحثا عن قوتها اليومى ببلد آخر وطمعا في مستوى حياة أفضل من ذلك الذى كان يعيشه فى بلاده الأصلى.
انتقل جوسان إلى العيش بالإمارات وهو ذو العشرون عام لتحسين وضعيته والحصول على عمل قار يوفر له العيش الهنيئ، فبلده لا يخول له أن يعمل بشكل دائم, هي فرص عمل بثمن بخس وبتعاقد لمدة لا تتعدى الستة أشهر.

هذا الشاب الفتي لم يكن يعلم أنه سيلتقى بنصفه الثانى بالإمارات العربية المتحدة، وسيبنى أسرة صغيرة ويتحمل مسؤولية كبيرة. مسؤولية إضافية عن تلك التى كان يحملها تجاه والديه.
ألف ومائتان وخمسون درهماً إماراتياً, راتب يسدد حاجات جوسان اليومية ويصرف منه على أسرته الصغيرة, يقول لنا "حالياً هذا الراتب يكفينى لأعيل زوجتى وطفلتى الصغيرة ولكن لا أعلم مستقبلاً في حال ازداد عدد أفراد أسرتى هل سيكون كافياً أم لا".
حمل زوجة جوسان غير مجرى حياته، فزوجته اضطرت للعودة إلى بلدها لتضع مولودتها، فوجد نفسه أمام نفقات عديدة وواجبات جديدة وأحاسيس مختلفة.
أسباب الهجرة متعددة والنتيجة واحدة.
اشتياق، فقد وإحباط... أحاسيس مختلفة تختلج صدور المهاجرين. يحكي لنا جوسان والدموع تملأ عينيه عن حزنه الشديد لابتعاده عن أسرته وتأثره بالاشتياق الكبير لهم.
يقول لنا متأثراً :"يصعب علىّ العيش وأسرتى بعيدة عني ولكن الظروف تحكمنا، هم يتطلعون دائماً لإهتمامي وحبي ووجودي، وينتظرون مني أن أكون على تواصل دائم معهم ولكن الوقت لا يسمح لي في بعض الأحيان، زوجتي تتفهم ذلك وأنا أحاول أن أستغل كل فترة راحة للتواصل معها" .
يوم راحة جوسان هو وقت مخصص لأسرته، يقضى النهار بأكمله يتحدث معهم بالصوت والصورة، الشيئ الذي يبث فى نفسه الراحة ويشعره وكأنه معهم. ولكن مهما كانت وسائل التواصل الاجتماعي تقرب المسافات وتختصر الأميال إلا أنه في بعض الأحيان ذلك الوجود الفعلي للشخص لا تعوضه وسيلة..

يحكي لنا جوسان مسترجعا ذكرى قدوم طفلته إلى الحياة " كان يوما صعبا بمعنى الكلمة، لم أستطع التواصل مع زوجتي ولا مع أي أحد من أفراد أسرتنا، جربت الاتصال بكل معارفنا ولكن بدون جدوى. شكوك وتخوفات فظيعة انتابتني، ساعتها تمنيت شيئا واحدا وهو أن أكون بجانبها، أن أطمئن عليهما. ولكن ظروف العيش حكمت علي أن أكون بعيدا، أن أحرم من أجمل لحظة في الوجود. أنا هنا وزوجتي هناك تتألم من دوني، ساعتها أحسست بالمعنى الفعلي للغربة وبألم الفراق ..."
التحدث عن الهجرة وأسبابها وآثارها شيء ألفناه دائما ،ولكن الغوص بين ثنايا حياة المهاجر أمر مختلف تماما. ربما قد يبدو الحديث عن حياة المهاجر عاديا في ظاهره ولكن جوهره مليء بالألم والمعاناة. فرؤية دموع في أعين مهاجر وملاحظة ارتجاف يديه وهو يتحدث عن أسرته وعن مدى اشتياقه لهم، دموع تحكي لنا كل أحاسيس الفقد والاشتياق والغربة في حياة مهاجر.
-
فاطنة الربولي Rabouli Fatnaفاطنة الربولي صحفية ومتخصصة في إنتاج المضامين السمعية والبصرية والرقمية, مدونة مغربية
التعليقات
أعاننا الله على زحام هذه الحياة ، سلمت يداكِ دكتورة