سنة 2020 و كرونولوجيا التغيير في قطاع الصحة الجزائرية
سميرة بيطام
نشر في 31 ديسمبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لعل كل جزائري و جزائرية عايشا في سنة 2019 ارهاصات و توجسات و آمال وآفاق للتغيير في نفس الوقت ، حيث رسم الحراك الشعبي أهم حدث في الخريطة الجزائرية بقوة شعب خرج ليطالب بحقوقه المسلوبة منه بسبب الفساد، كل شيء كان عفويا و كان مرتبا في البيت الجزائري الخارجي في شوارع احتضنت ابداعا جزائريا بامتياز ، قابله في الجهة العليا مرافقة جيش مؤمن بضرورة الدعم الكامل لهذا الشعب الأبي الذي فهم رسالة المرافقة و صاحبها بسلمية و كان الوعد كما كان لم ترق قطرة دم واحدة ، هو في ميزان الدول الغربية و العربية خربشات أقلام ساسة لم يفهموا ما يحدث في أرض الشهداء و لو أن الابداع الجزائري يغذيه عبق مسك رجال نوفمبر العظماء ، خاصة فرنسا التي لوحت و طالبت بضرورة أن تستمع السلطة للشعب و كأننا رضع ننتظر الأم لتوجه الحليب بناحية الطاعة و الخنوع ، لك يا فرنسا آخر كلمة في أن تلتفتي لمشاكل السترات الصفراء و تصرفي نظرك قليلا عن جزائر الشموخ أرى ذلك أحسن في خضم التحديات .
عودة لرفقة الجيش لشعبه في تنظيم محكم ظهرت فيها ملامح الأخوة و الاتحاد رغم ما تخلل الحراك من ظهور بعض الوجوه التي تريد اقحام أنفها باسم الدين و باسم الحرية و باسم احترام حقوق الانسان ، ناسين أن بيت الشعب في الجزائر منتظم و معتدل في سمات التحدي للرهانات التي بدت آفاقها ترتسم جيدا مع نهاية سنة 2019 و بداية التحرك الليبي لزلزلة الشمال الافريقي بدعم دول أخرى ، من هنا بدأت كرونولوجيا الأحداث تأخذ مجراها بنكهة تقسيم ما لم يتم تقسيمه من الدول في حضرة اتفاقية سايكس بيكو الثانية .
قلمي اللحظة يخربش خربشات راقية ليدير الستار عن أحداث السياسة و يركز على قطاع الصحة الذي لم يراوح مكانه رغم تداول بعض الشخصيات على المناصب السامية فيه ، و كان لحادثة مستشفى الوادي فاصلة للانتباه و تشخيص المستوى الذي آل اليه القطاع بسبب التهاون و اللامسؤولية و موت الضمير .
بسيطة يا بلدي ، كل الدول لها مشاكل في قطاع الصحة حتى لا يسخروا منا أننا لم نراوح مكاننا ، و في خربشات قلمي اللحظة أن بعض التقدم له سلبياته فلنتقدم برفق و لكن بثقة ، فالعالم أصبح في نهاية 2019 يعيش مخاضا عسيرا على كل الأصعدة ، و في الجزائر ما يمكن الثناء عليه هو تسطير أجندة الجزائر الجديدة بإرادة تريد الجديد و التجديد و بنخبة أكيدة تريد هي الأخرى أن تتفقد أين تضع اقدامها جيدا لتثبيت قوائم و أساسيات التحضر من غير هشاشة ، و هذا لن يمنع من وجود ارتدادات أو إخفاقات ، كل شيء لحد اللحظة عاد جدا يا بلدي ، فاليابان و فلوريدا تتصارعان ضد الزلازل و الحرائق ، نعم يجب أن نتكلم بلغة التفاؤل ، و نطمئن الجزائر أن كل شيء عاد جدا ، المهم أن لا يتوقف الغزال عن الركض فيأكله الأسد و لا يتوقف الأسد عن البحث عن الفريسة فيموت جوعا فتأكله أسود أقوى منه ،هي عجلة الحياة من لا يجب أن تتوقف ، هي سنة الحياة في الكفاح من أجل البقاء و الديمومة جيلا بعد جيل ، و على هذا الجيل أن يتحدى العراقيل بوعي و بمواطنة تكسر الحواجز فتحولها الى جسور يمر عليها صناع الجمهورية الجديدة بكل رفق و ثقة .
ان فكرة التغيير في قطاع الصحة ليست وليدة اليوم بل ظل حلم كل موظف يعمل في القطاع ، و حلم المريض الذي يتطلع لذاك اليوم الذي يرى فيه مستشفيات الجزائر بمقاييس لا أقول العالمية بل أقول مقاييس النظام و الخدمة الجيدة ، و آليا تدخل في موسوعة العالمية بهدوء و إصرار في نفس الوقت .
فالمعايير الصحيحة التي يجب اتباعها في سنة 2020 هي معايير الكفاءة بكفاءة و التنظير العلمي للخبرة في مواجهة الخبرة العالمية ، و الطاقات الايجابية في مواجهة الطاقات السلبية و هذه القواعد تسطرها بوادر القدرة على التطوير سواء على مستوى الإدارة في المستشفيات أو على مستوى التطبيب و التمريض ، فلن يكون صعبا أن لا يجد التعامل الإداري الصحيح نفسه فوق خلفيات رديئة عطلت النهوض بالقطاع ،و هنا لا بد من إحالة كل من ليس لهم علاقة بالجد و الصرامة اما على التقاعد أو الى مناصب تتناسب و قدرتهم المحتملة منهم ، فقطاع الصحة لا بد أن ينتعش لا أن يموت ببطىء في ألفية جديدة ، و ليس ضروريا مرة أخرى أن نخسر مزيدا من الوقت أو نبقى نراوح مكاننا بذهنية لم تغير شيئا و لم تأتي بالجديد و الملموس حقيقة من الواقع ، لأنه يوجد من لا يزال متخندقا في مكتبه يريد البقاء و مؤهلاته لا تسمح له بالبقاء أو الاستمرار مع ألفية تنتظر منه تقديم الأروع و الأجود و طاقته لا تسمح، فعلى من لا يقدر أن يغادر فورا و ليس عيبا في المغادرة فعلى الأقل حفظ ماء الوجه من السؤال، لأن الواقع الجديد سيفرش شروطا جديدة للانطلاق في سباق الأمم و الشعوب نحو التطور، هذا الاخير الذي يركز القادة للنهوض بشعوبهم على العنصر البشري و فن
الاستثمار فيه ، فطريق الريادة و النجاح في سنة 2020 سيكون مفتوحا للجادين و الراغبين في العطاء لأننا في البداية الآن ، نعم نحن في البداية و على خطانا أن تكون وئيدة و ثابتة و أكيدة باستراتيجية جديدة مغايرة تماما لسابقاتها ، فعندما نتحدث عن المستقبل لا نحسبه بعيدا انما هو الآن في هذه اللحظة ، و يجب أن نفهم جيدا أن قطاع الصحة في مواجهة تحديات جديدة لابد أن نواجهها بطموحات كبيرة ، و ستتوقف قدرتنا على تجاوز تلك التحديات على العمل و التخطيط و الاستعداد و التفاؤل و الثقة بأنفسنا و بقدراتنا ،واضعين في عين الاعتبار أن التحديات الكبيرة هي التي تصنع الشعوب الكبيرة ، و اذا نظرنا الى الماضي و نعود لنتطلع للمستقبل فنحن مقتنعون في قرارة أنفسنا بأننا سنتغلب على تلك التحديات و سنحقق النجاح لأننا آمنا بذلك في الماضي و لم نحققه صحيح في وقته ، لأن ما حصل كان تعثرا و لم يكون نهاية كل شيء و التعثر له مقومات التصحيح و النهوض من جديد بأكثر جاهزية و أكبر شموخ ، كيف لا و نحن نحمل جنسية جزائرية أرخت تاريخها بانجازات كبيرة ، و هو ما سيؤرخ حاضرها بعبقرية أبنائها و ترسم مستقبل أجيالها بوصايا من ضحوا و أودعوا لنا الجزائر أمانة .
ان قطاع الصحة كما كنت دائما أنظر اليه نظرة ثقة ويقين أنه سيتغير و سينهض من كبوته ،كنت دائما أحترق كالشمعة في هذا الحلم برؤى أضاءت أفكارها رغم ما شابهها من رياح الشر و العراقيل ، لكنها لم تنطفأ لأنها حلمت يوما بقطاع جديد و متوافق الاركان و الأبعاد ، و ركيزة ذلك هو التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية و تطوير مناخ الاستثمار في الدماغ الجزائري بكل مؤهلاته ، و تحسين البنية التحتية و الاهتمام بإصلاح القوانين و التشريعات و الأنظمة الداخلية التي تتداولها المستشفيات في اداراتها و التي لم يحتكم اليها في كل صغيرة و كبيرة عبر التسيير الإداري ، و إيلاء الحقوق لأهلها من أطباء و ممرضين و اداريين ، إيلاء الحقوق يطوي صفحة مظالم طالت الموظفين و نالوا من التهميش ما نالوه كعقاب لكفاحهم و جديتهم ، هذه الفئة الجادة اما للفئة المفسدة فلها أن تغادر لأن المكان لن يتسع الا للمصلحين ، فهل يعقل في 2020 يبقى التهميش حاضرا في أجندة التغيير بآفاق تصرخ صرخة مطالب بوضع نقطة نهاية للمظالم و لتهجير الأدمغة ؟.
اذن ، التغلب على تحديات قرن جديد في ألفية جديدة يتطلب قبل الخوض في التفاصيل الى تفكير جديد و أساليب مبتكرة يمكن الاستفادة منها في تطوير المجتمع و تعجيل حركة التنمية ، و هذا يقتضي التغيير ،التغيير يعني القبول بالجديد المفيد و الاقتناع النهائي بأن القديم غير المفيد لم يعد مناسبا وآن أوان طرحه من العقول و الممارسة اليومية ، انه يعني تغيير أنماط التفكير و القدرة على فهم اللغة التي يتحدث بها العالم الصحي ، و القدرة كذلك على نقل رسالتنا و أهدافنا و مواقفنا بالوضوح و البساطة و الصراحة التي تمكن العالم من فهمنا و بالتالي تعميق التعاون بين الشعوب و إزالة مكامن سوء الفهم و اتاحة المجال لتوجيه كل الجهود الى صنع التنمية ، و سأفرد مقالات قادمة في كل مجال من مجالات الصحة في الجزائر لتكتمل حلقة التغيير و البناء نحو دولة جديدة تزخر بالخدمة الصحية الرفيعة بعيدا عن لغة التشاؤم و اليأس أن دار لقمان ستبقى على حالها ، لن تبقى دار لقمان على حالها بل ستحافظ على مبادئها و تغير العقول بأفكار راقية و إرادة فاعلة بإذن الله ، و المرجعية في ذلك : أن ليس نيل المطالب بالتمني و لكن تأخذ الدنيا غلابا، فحتى نرى المستقبل بعيون متفائلة يجب الأخذ بالأسباب و هو الاستعداد النفسي و المعنوي و الفكري و المهني على قدم وساق نحو العلا دون الالتفات للوراء لتفحص أخبار الماضي البائس في الفساد..
فكما للفساد أصحابه فان للإصلاح أصحابه ، و الأيام تتداول بين الناس ، و من شعر في قرارة نفسه أنه أخطأ أو أفسد ما عليه الا الانسحاب من الميدان بعد تصحيح ما يمكن تصحيحه ، فما لم تقتصه عدالة القانون حتما ويقينا و أكيد ستقتصه عدالة الرب فيعود الحق لصاحبه و ينفض قطاع الصحة في الجزائر غبار الرداءة و الفساد عن جمال الجزائر بفضل سواعد أبنائها المخلصين ..
-
.سميرة بيطاممهتمة بالقضايا الاجتماعية
التعليقات
احييك مرة اخرى وبالاضافة الى متابعتك سلمت أناملك