رسالة تأبين قائد
أيها الرائع... بنسعيد آيت يدر.
أرتعش في الكتابة إليك... بشغف ذكوري ترتبك حروفي... وكلماتي... نظراتي تائهة وأناملي المرتبكة في رسم الكلمات...
الإنسان البعيد القريب، الموغل في ذاكرة، أتنفس ذكراك بكل تفاصيلها الرائعة، أيها المرابض بدفء في أعماق القلب، لا أعرف من أين وكيف أبدأ الكتابة إليك...؟ تخونني الكلمات... تخذلني الألفاظ... تهرب الحروف مني... لأنك أكبر من الكلمات ومن الألفاظ المرتعشة ومن الحروف الهاربة... لأنك بكل اعتزاز وحب أنت ابن السعيد... ليثني لم أتعلق يوما بك وليثك وليثني... وليثنا معا...
أشتاق إليك أكثر وأجتاح إلى كلماتك أكثر وأكثر... أحتاج دفء كفيك، بسمتك المشجعة... خطاك الثابتة...
عزيزي... المجاهد:
أشعر بدفء يغمرني... علبة تلفاز صقيعية حد التجمد... أهرب منها مخافة تجمد أوصالي وأناملي... كلماتك أطلت من هناك على ذاكرتي... تحمل دفئا وشوقا جارفا يجرني إلى العمق أكثر وأكثر... وأنا التائه بين حنايا القلب بحثا عنك... آه... أيها الابن السعيد...
أيها الرائع... النائم بين حنايا دفء قلب خذلته... مشتاق أنا إلى كلماتك إلى نموذجك الأبي... إلى نظراتك المترقبة، القلقة على وطن نتقاسم وجعه معا... كن كما كنت... كما أحببتك أن تكون...
لن أقول لك أني بخير مثل ما تعودت في قراءة رسائل متعبة مضجرة، أرسلتها مؤخرا عبر شاشة التلفاز، دون سابق إنذار... أو تشاور كما عهدتك... بل أنا متعب ومضجر وغاضب حد الجرح... وقلق على مصير هذا الوطن المدفون تحت رمال الجهل و التبعية... وطن منسي، كنا نحمل همه جميعا... وترجلت السفينة تابعا سرابا يصيب البحارة من كثرة التيه وسط أمواج المحيط...
اخترت جزيرة، يحيط بها، وشاح ووسام كمسد على عنقك في مذبح الإعدام... نم قرير العين... مرتاحا بتقاعد مشبوه... وضمير يتأنب... أيها الأب القائد، المجاهد، الربان، الانتهازي...
أتابع السير على الجسر كما وعدتك رفقة آخرين أوفياء... لإزالة ألغام من أرضنا زرعت في ظلام دامس تحصد أوصال أبناء الوطن... هذا رجله بترت وذاك ساقه وآخر يده وآخر أزهقت روحه وآخر غربت صورته وآخر... وآخر...
ليست بالعمل اليسير... لكننا نسير... علنا ننجح... ولن أترك الوطن يغرق بالوحل وأرحل كما فعلت...
أصرخ بصوت عال جدا: أعشقك أيها الرجل... يتردد صدى حروف اسمك الدافئ بين الجدران... أكرر التلفظ بحروف اسمك...
ب
ن
س
ع
ي
د
كأني أتلفظ الحروف للمرة الأولى بعد طول غياب لوقع اسم بنسعيد على عزف موسيقى الأوتار...
أغمض جفني وأعيد رسم الكلمات ... وأحلم بيوم جميل وأرض خالية من ألغام تؤرقني...؟ مع ما تبقى من نساء ورجال وطني...
أعيد قراءة رسالتي بحب...
فتح من الشعب.... ونصر قريب....
إمضاء: سعيد بكل شوق
سعيد تيركيت
الخميسات - المغرب - 31 / 07 / 2015