كان الجو حار ، شديد الرطوبة ، العرق يبلل جبهتى و الالم يفطر قلبى و الناس من حولى لا يعلمون شىء عنى و لا عن مآساتى.
لقد كنت اسير فى الشارع المؤدى الى المقهى ، لا ارغب فى الجلوس بها و لكنى اعتدت على اللجوء اليها.
الغريب فى الامر تلك المرة اننى تركتها و اكملت السير لا اعلم الى اين اذهب و لا ادرى بأى ارض سأعود.
كان القلب ضرباته تتزايد و القلق فيه يمتزج بخوف و الم و حسرة.
كان سبب مأساتى هو اهلى ، نعم اهلى هم السبب فيما انا به ، لقد خذلت منهم و السبب انهم صارحونى بانهم لم يعدوا يثقوا بى ، لم اعد الابن الذى يعتمد عليه ، لم اعد انا و لم يعدوا هم.
كنت اتسائل و انا ف الطريق المشمس و جبينى يتناثر منه الماء ، هل انا سىء ؟
هل لم اعد كافيا ؟
لقد تركت كل شىء من ورائى و قررت السير و لكنى ارى الطريق كأنه لهيب من النيران ، لا ارى بشر و لا شجر و لا حيوانات كل ما اراه نيران مشتعلة.
لقد سحب اهلى الثقة منى لاننى اخترت ، اخترت طريق لا يشبهم و لكنه يشبهنى ، مختلف عنهم قريب منى ، يؤلمهم و لكن يريحنى ، اخترت فتاة يروها لا تغنى و لا تسمن من شرف و اراها فى طهارة مريم و حسن يوسف.
اخترت ان اغير مسار عملى لاننى لا اريده و اخترت عمل اخر يروه عيب و عار ، يؤلم شرف العيلة و لكنه يرضى شرفى.
اخترت صحبة تريحنى ، تحبنى و تنزع منى الم الوحدة ، لا يريدوهم لمجرد انهم دون مستوى ابنهم المثالى الذى لم يعد مثالى و لا ادرى مازال ابنهم ام لا.
كنت اسير و كانت النيران تقترب منى لا اخاف منها اريدها ان تحرقنى لانجو منهم و اريحهم منى.
لا اريد الحكم و لكن اريد حلا ، لا اريد معصيتهم و لا حزنهم ، و لكن كل ما اريده ان يفهمونى ، ان يشعروا باننى مختلف عن القطيع ، خلقنى الله مختلف بتفكيرى و عقلى و قلبى.
كانت النيران تزداد و لهيبها يحاوطنى كنت اقتحمها حتى تلاشت فجأة على صوت بوق سيارة مرتفع ، لقد شعرت اننى اطير فى السماء و ارى العالم من تحتى ، كانت اشد لحظة فرح اشعر بها و هى اننى سافارق تلك الحياة و اريح كل من تألم بسببى ، سوف اشكو الى الله اهلى و سوف اسامحهم و لكنى لست متاكدا انهم سوف يغفروا لى.
-
على نور الدينإن عالم “الواقع” لا يكفى وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة !
التعليقات
ليس لأن أهلك اختلفوا معك تعذب روحك وتتمنى موتك، كان عليك أن تثابر وتصبر وتصبح أقوى لتثبت لهم نجاح اختياراتك.
الكثير لا يتفقون مع ذويهم، والبعض يتألم والبعض لا يبالي والمميزون من يبقون على حبل الود مع الإعتزاز بالنفس والتوكل على الله.
لا يكون الإختلاف او النبذ من الأهل سببا في أن نضيع حياتنا مادمنا على حق ونرضى الله...