في 21 يونيو 1935 يولَد "بحر محمود عبده" ذلك الطفل الأسمر فتعود أصولهُ إلى قرية "جرشة" بالنوبة ، ثم هاجرت الأسرة من النوبة إلى مدينة من مدن القناة ثم إلى القاهرة في حي بولاق أبو العِلا ليعود بحر مجدداً للأسكندرية ، هاجر الطفل بحر من النيل للبحرين ليُغرم بالبحر فيعيش حياته ويعمل صول بالبحرية وفي الأجازات كان يظهر للغناء في الأفراح وكما يروي أحد المعاصرين لبحر " صوته ولا كان له زيّ .. يتمشى من المينا لحواري باكوس "ذلك الحي الشعبي بالأسكندرية" وكانت النسوان تفتح الشبابيك تبص له وفإيده إزازة الخمرة يشرب منها ولافف حوالين رقبته منديل أحمر ويبقى زي العيال بتوع أمريكا اللاتينية" ، كانت نعمة بحر أبو جريشة في صوتِه العذب ، لكن لم تجد مصدراً أو قصة حقيقة مؤكدة حول إلتحاقه بسوق الكاسيت هُناك روايات عديدة حول عمله مع صوت الدلتا هناك من يقول " أن علي كوبان هو من قدمه لـ نصيف قزمان وقال له إنه جيمس براون الأغنية العربية" و هناك رواية أخرى تقول "إن بحر قد أنفق ما يملك من أموالِ على تأجير الأستوديوهات مما جعله أن يتجه للموزعين فقام نصيف قزمان بتولي فكرة الإنتاج لبحر أبو جريشة" ولكن لا تعلم أين الحقيقة ولا أين كانت بداية إتجاه بحر للعمل مع صوت الدلتا ، فأول ألبوماتهُ مع صوت الدلتا لم تجد بيتًا في مصر إلا وهو يسمع بحر أبو جريشة " كسر الدنيا " وكان يُعتبر المنافسًا الوحيد لعدوية في سوق الكاسيت ويتصارع موزعين الكاسيت على شراء أعماله من الشركات وبيعها للجمهور، موسيقى بحر كانت نابعة من غُربتِه في بيئاتِه الأربعة " النوبة والأسكندرية و مدن القناة و البحر"، تدور كلمات الأغاني حول " الغربة .. الحزن .. فقدان الحبيب .. والترحال" ولكن الإختلاف كان في تقديمه الأغاني بشكل البلوز مع الإيقاع الخماسي في بعض الأحيان ، بحر كان من أهم من أستخدم موسيقى البلوز في مصر أن لم يكُن من أول الفنانين في أستخدام موسيقى البلوز ، لكن الفارق إنه تمكن وبرَع في تقديمها ، كان من أبرز الشُعراء الذي تعامل معهم " أبو جريشة" هُم " أحمد المستشار و عبد الرحيم شاهين و عبدالعزيز زين العابدين " وغيرهم كثيراً ولكن على مدار العشر ألبومات كان النصيب الأكبر للشاعر أحمد المستشار فقدم مع "أبو جريشة" حول 18 أغنية ومنهم " جمّال الصحارى و بحار و ليه يا زمن و في شرع مين و أيوب" لكن الأغنية الأشهر لأبوجريشة كانت من نصيب الشاعر "عبدالعزيز زين العابدين" الذي قام بتلحينها أيضًا وهي أغنية "مقادير" ،أما العشر ألبومات فهم "ألبوم كفاية بُعاد و ألبوم رحال وألبوم مقادير وألبوم غريب وألبوم على فين يا قمر وألبوم مغناوي وألبوم حبيبي حبيبي وألبوم ماشي كلامك وألبوم أيوب وألبوم غريب"، فلا تجد أغنية تشبه الأخيرة ولكن ما يجذبك تجاه الأغنية الكلمة التي يقدمها الشاعر وبحر للجمهور بصوتِه العذب، كما لحنَ "أبو جريشة" بعضًا من أغانيه ومنهم " سماره ، رحال، ياشاغل بالي"، فالتوزيع الموسيقي أو التنفيذ كما كان يُكتب على الألبوم في وقتِها في ألبومي "غريب " و " على فين ياقمر" من تنفيذ الفرقة النوبية بقيادة علي كوبان، أما الأغاني فهُناك أغاني عديدة مشهورة لبحر فمثلاً تجد أغنية "كفاية بُعاد فهي من كلمات وألحان عبد العزيز زين العابدين" و أغنية "ماله ماله من كلمات و ألحان عبدالرحيم شاهين" و أغنية "رحال من كلمات أحمد المستشار و ألحان بحر أبو جريشة" و أغنية "جمّال الصحارى من كلمات أحمد المستشار وألحان فتحي جمال" وأغنية " فينك يا حبيبي من كلمات وألحان عبد العزيز زين العابدين" ،التي أعاد تقديمها محمد منير في ألبوم "باب الجمال" ومن كلماتها

" فينك يا حبيبي يادنيتنا؟ .. قاسية الأيام فين ودتنا؟

والطير الرايح لبلادك .. حامل لرسايل دمعتنا"

وشارك أبو جريشة في شاشة السينما في فيلم"إحنا بتوع الإسعاف"من إخراج وسيناريو وحوار "صلاح كريم" وتأليف"كمال زكريا" وقدم أبو جريشة أغنية ليلتك ياعريس من كلمات "جمال عمار" وألحان "بحر أبو جريشة" مع فرقة النيل النوبية بقيادة شمس حسين ومن كلماتها

"نرقص ونميل يا شباب النيل .. زغروطة فرحه الليلة

ليلتك يا عريس أجمل ليلة ..

شباب النيل جاية تهني .. يا عريس نرقصلك ونغني

نعيش ونشوفك متهني .. شباب النيل في الليلة ديه

تديك يا عريس 1000 تحية .. ونقول ونغني بحنيّة"

، في 30 مارس عام 1995 توفي الفنان النوبي "بحر أبو جريشة" رائد موسيقى البلوز في مصر عن عمر يناهز 60 عام، كان من أهم مُطربي مصر آنذاك وكان مُحافظاً على نشر الأغنية النوبية والحفِاظ عليها وأحيانًا يُضيف لها موسيقى البلوز ليُنتج لنا بحر أبو جريشة رصيداً فنيًا هامًا ويتركه للجمهور ..