موت سريري
أم محاولة خروج من عمق الزجاجة
نشر في 17 أبريل 2023 وآخر تعديل بتاريخ 11 يونيو 2023 .
"السودان، موت سريري أم خروج من عنق الزجاجة"
في الفترة المعتبرة، والمحاولاتَ التي خاب مسعَاها في مكان لائقٍ على الورق، أصررت للأمانة في اللحاق بالأنباء المتسارعة القادمة من السودان، ليست إلا محاولة لصُنع الفن نفسه الذي تلعبه القوى السياسية على أنقاض شعب لا يريد الا كسرة خبز وبعضا من كرامة وحرية، وللصدق أكثر، راعي الحرفة وحده، من لا تخفى عليهِ أسرارها.
الوصول مُتأخرًا نعمة، وأعرف الآن أن الأمر برّمته أكبر من حنجرة أقوى، وترددات عالية، إذا كانت الأيام نفسها تُفضل أن تنتظر، مُجددًا، لبعض الوقت إن كان لا مانع لدّى من يتنازعون على السلطة متناسين هموم وطن وشعب لا يؤمن بالروايات ولا بالشعارات الرنانة التي لا تؤوي طفلا ولا تطعم جائع.
يقف السودانيون اليوم، وكُلهم رجاء كثير.. وليس لهم خيار غير الصبر زاد، كمَا يحدث، عندمَا تُحب الأفكار النابعة من خلايا الدماغ، أن تمارس لعبةً كل ليلة، فتعرفَ أنك آثرت النور، وإن تطلّب منك أن تضيع في النفق حتى تجد مخرجًا، يليق بروحٍ حاضرة العمر كله في ضيافة إنتظاراتٍ لا تُحصى.
"سيأتي نهار" يُنهِي بهدوء ضجيج المسرحية الضخمة، المخرج نفسه، والممثل نفسه والمنتج نفسه، والسوداني هو المُسافر، الذي وجد أخيرًا ضالتهُ، أو وجدتهُ هِي كنهاية غير مكتوبة ضمن سيناريُوهات القصة، أو أسوأ، كان لابد أن يتذوق مُر حسرتهِ ويدحض نظرية: "ما تبحث عنه يبحث عنك بالمقابل. "تدفع ثمن أخطاءك المقصودة، وتنسى عدم كتابتك لإحتمالاتٍ أخرى واردة، لا لقاءاتٍ مُبللة بشوقكِ عند النهايات السعيدة.
سيبقى السوداني المواطن في جلوس دائمٍ، في انتظار النهار الذي يرسم خريطة العمر من جديد.
لن تكون المعاناة اقل وطأة من الساعات المقبلة.. بعدها ستتسلل النفس بعيدا عن قرب.. تحاول استعادة تلك الأطلال الساكنة.. فإما أن يتقافز القلب كأيل صغير يلجم القلم أمام هديل من المشاعر ينفثها ماض جميل لوطن عربي ضم الأمن والأمان! وإما؟!
المتقبلون لمشاعرهم وهم يمتطون أعتى الأسلحة والدبابات: هؤلاء على الرغم من وضوح رؤيتهم بالنسبة لمشاعرهم، فإنهم يميلون لتقبل حالتهم النفسية، دون محاولة تغييرها، ويبدو أن هناك مجموعات من المتقبلين لمشاعرهم: المجموعة الأولى، تشمل من هم عادة في حالة مزاجية جيدة، ومن ثم ليس لديهم دافع لتغييرها. والمجموعة الثانية تشمل من لهم رؤية واضحة لحالتهم النفسية، ومع ذلك فحين يتعرضون لحالة نفسية سيئة، يتقبلونها كأمر واقع، ولا يفعلون أي شيء لتغييرها على الرغم من اكتئابهم. وهذا النموذج من المتقبلين يدخل في إطار المكتئبين الذين استكانوا لليأس.
بإمكان الكائن البشرى أن يتحمل العطش اسبوعا والجوع أسبوعيين، بإمكانه أن يقضى سنوات دون سقف، لكنه لا يستطيع تحمل الوحدة، لأنها أسوا انواع العذاب والألم. كل هؤلاء الرجال الذين يتزاحمون على كسب السلطة على أنقاض الشعب لا أظنهم يتعذبون، ويضنيهم هذا الشعور المدر، هذا الشعور بان الشعب والأرض والهوية لا تعني لأحد شيئا على وجه هذه الأرض.. أشبه بموت سريري ولا أظنه محاولة خروج من عنق الزجاجة!!
هزني الفضول وآثرت الارتجال وانا أتابع أخبار الدمار في سلة الوطن العربي، وبمناسبة الارتجال اليوم استمعت لأنغام دبابة ساحرة، وتذكرت أنه اليوم الأول من الشتاء، موسمي، وأغمضت عينيّ، لم استمع للأنغام بعينين مغمضتين منذ مدة طويلة، لا كلمات ولا صور ولا ألوان، صوت القذائف هو اللون والصورة والكلمة!
ماهر باكير دلاش
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير