هل يمكن الصفح عن زوج خائن؟
هيام فؤاد ضمرة
الخيانة هي أصعب تجربة ممكن أن تمر بها امرأة كانت تعطي بسخاء بلا حدود وبكل اخلاص وشفافية، فتشعرها كما السكين المسنن تحفر بأعماقها وتحدث ندوبا يصعب علاجها
ما من سبب يدعو الرجل للخيانة إلا فراغة عينه وتشوه مبادئه واستعداده الطبيعي للخيانة والسقوط نحو الحضيض دونما رادع يعيده للاتزان، فالسوء ليس فايروس يأتي المرء فجأة فتنهار أجهزة اتزانه، ويسقط وقاره وهيبته، وتتمرغ روحه بوحل الخيانة على بشاعتها وأسنها الفظيع، فالسوء طبع يبدأ منذ النشأة الأولى كإحساس كامن يكبر ويتطور مع الزمن ليصبح واقعا محسوساً، فالخيانة كما الذبابة تشدها تركيبة جيناتها نحو القمامة..
وحين ينكشف أمر الخائن يحاول جاهدا البحث عن مشاجب يعلق عليها أسباب خيانته ليبرر بشاعة فعلته ففي داخله يعرف تماماً حجم ما تمرغ به من انحلال، رغم أن الحقيقة غير ما يتحدث عنه تماما، والخيانة عند الرجل تبدأ في عقله وتخيلاته وتتطور في أفعاله على أرض الواقع، فالجريمة بعقله تكبر وتتوسع مع تعدد ممارساته في الخيانة، فانقلاب زوج على زوجته وأم أولاده لن يمنعه ذلك من خيانة زوجته التالية لنفس الأسباب المتكونة في عقله هو مع سهولة ارتكاب الخيانة العملية عليه، الصعوبة دوماً تكمن بالتجربة الأولى للخيانة، لأنه بعد ذلك يصبح أكثر خبرة ووعي للدخول في سلسلة ممارسات للخيانة الزوجية ويموت به ضميره تماماً بعد العملية الأولى، مثله مثل مرتكب الجريمة يصبح ارتكاب الجرائم معه بعد أول جريمة أكثر تطورا وأقوى عنفا وأجرأ ممارسة
حين يريد الله بعبده أن يستره ويخفي عورته فذلك لأن عملا ما صالحاً أوقف فضحه.. وحين يفضحة الله من خلال فعلته الأولى يكون الله يريد به الفضيحة لسوء كامن داخله كان يحاول جاهداً ألا ينكشف فيه، فالله يعرف خائنة الأعين وما تخفي العقول والصدور من خبث ومكيدة، وكثير من الناس يغطون سوء خلقهم بمظاهر التدين وفي اعتقادهم أنهم بذلك يكونون بعيدين عن الشكوك
حينما يغتر الرجل بما وصل إليه في عمله وارتقائه المتسارع تصيبه حالة من اللا اتزان واللا منطقية وتنتعش فيه مشاعر السوء الكامنة لتحوله إلى حالة مرضية تبحث عن التجديد في حياته لأنه يعتقد أن منصبه الحالي يحيطه بهالة مضيئة تسلط الأضواء عليه وتجعله أكثر جاذبية في أعين النساء ويتحول باتجاه محاولات التقرب من النساء للوصول إلى هوة الخيانة الآسنة.
عدة دراسات أكدت أنّ الرجال بالخيانة يتفوقون على النساء، وأنّ لذلك أسبابه رغم أن لا فروق تذكر من حيث القدرة على عدم مقاومة الإغراء الجنسي، أو في مواجهة الرجال لصعوبات ضبط وتمالك النفس عن التوجه نحو الخيانة، فلا فروق تذكر بين الجنسين من حيث القدرة على تمالك الرغبات الجنسية ومقاومة الإغراء، إلا أن الرجال يمتلكون القوة بالاندفاع لرغباتهم بسبب العادات الاجتماعية التي تبرر فعلهم بالسقوط الذي يمكن له بعده النهوض سالما، وفعل المرأة بالسقوط المدوي المدمر أخلاقيا واجتماعيا ونفسياً،
إذن لا يسقط بالخيانة إلا من هو راغب بالخيانة فعلاً ومقبل عليها بإرادة ذاتية غير منضبطة بأي قيم أو أعراف، حتى القيم الدينية التي تعتبر الجنس خارج فراش الزوجية من المحرمات العظمى، ومن لا تثنيه عن الخيانة قيمه الدينية فلا أسوار يمكن أن تحميه عن سقوطه أمام رغباته بقوة صادمة تحدث ارتطاماً هائلاً.
الدخول في قراءة شخصية الخائن يحتاج لمعرفة عميقة بالطبيعة الانسانية العامة ومن ثم الخاصة وتلك الأحاسيس الفوضوية التي يعيشها كأي حالة مرضية تظهر بأعراض اللا توازن واللا عقلانية وأحياناً بتهور واندفاع يعرضه للمخاطر
فالناس بطبعهم يجتمعون على احترام وتقدير الشخص الذي يتمتع بأخلاق عالية وراقية ومنضبطة، وينبذون ذلك المتردي في الصفات الأخلاقية إلى درجة الخيانة، فالأخلاق ثقافة مجتمعية متجذرة بالانسان منذ عرف الانسان متطلبات الحياة الاجتماعية التي لا يستطيع العيش بدونها
"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"
فاندثار حضارات سادت بالماضي ومن ثم بادت كأنما لم يكن لها وجود فقد اعتراها الهزال القيمي وغشاها الفساد بأشكاله مما أدى إلى اندثارها وهذا أمر طبيعي بالانسان حين يفقد أخلاقه إلى درجة الخيانة المحرمة في متن الشرع، فحين يتخلى إنسان عن مبادئه وقيمه وتتردى أخلاقه فهذه تكون بالغالب بداية الطريق نحو السقوط المدوي والفشل في جميع نواحيه الحياتية، وهذا الشيء الذي علينا إدراكه هو أن لا صلاح للدنيا إلا بصلاح الأخلاق، ولا صلاح للقلوب المزيفة والأعمال الشريرة إلا بصلاح الأخلاق، ولا صحوة في الضمير إلا باتخاذ قرار مع الذات بالاصلاح والصلاح، فحين نتكلم عن حسن الأخلاق فيكفي أن نذكر مكارم الأخلاق على ما جاءت عليه في كتاب الله وفي محكم آياته
"ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين" الشعراء138
"إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون" النحل90
الخيانة أسوأ أنواع الظلم وليس من ظالم يبرأ من دعاء المظلوم عليه ولا من عقاب الله له في الدنيا والآخرة حسب الحديث الشريف "فاتقوا دعوة المظلوم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"
قال تعالى "ولا تحسبن الله غافلا عما يفعل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار" ابراهيم 24
عقد الزواج بين الأزواج هو عقد أمانة مقدس وحين الانقلاب على عقد الزواج بالخيانة فإن الخائن يعتبر أنه قد خرج عن ملة الاسلام
وفي ذلك قال الرسول عليه صلوات الله وسلامه " لا إيمان من لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له"
ولأن الخيانة من الكبائر العظمى فقد قال الله تعالى "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" النساء107
وأيضاً " إن الله لا يحب الخائنين" الأنفال58
وفي النهاية من يرد للزوجة المغدورة كرامتها المجروحة ومن يعيد إليها ثقتها بنفسها وبالرجال حين يؤتى من مأمنه الحذر؟.. من يعيد إليها شتات عقلها من فعل الصدمة؟ فالمرأة كائن رقيق هش يحتاج للكلمة الطيبة والحنان البالغ، والزوج الخائن أصبح غير أهل للثقة وبث الأمان في الكيان المجروح
-
hiyam damraعضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
التعليقات
لـ هذا سيدتي القديرة/ هيام لا نجد من يقدر قيمة الرباط المقدس ويعمل من أجل إنجاح هذه الزيجة، كل يعمل حسب ما يمليه عليه هوى نفسه لا يضع الآخر في مكانه فيعمل ما يحب أن يتلقاه منه.
للأسف اهتزت هذه المنظومة في عيوننا فأصبحنا نعزف عن الزواج عزوفََأ هاربين من هذه اللوحة السوداء التي تتجسد في الخيانة والزيف والحب المزيف.
اسأل الله أن يهدي كل عاص وأن ينزل سكينته وفضله على بيوت المتزوجين.
أضفتي للقضية وزنََا وقيمة بفتح حضرتك جرحها لتطهيرها فكنتي طبيبة بقلمك ... لا أسكت الله له حِسََا... شرفني كثيرََأ قراءة هذا المقال سيدتي واستدلال حضرتك بآيات الله عزوجل.