إلى غابرييل 13. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إلى غابرييل 13.

رسالة أخرى

  نشر في 12 يوليوز 2023 .

التاسع من تموز 2023

الحادية عشر من ليلة صيف حارة.

غابرييل

يا بائعة الكبريت التي أنارت أيامي، وطردت عني برد الذكريات...

ماذا سأقول لك هذا المساء؟

و أي أخبار يمكنها أن تُسٍّركِ؟

لا أظن أني أملك شيئا بعد يمكنه إسعادكِ..

كان اتصالكِ بي و حديثنا الشاهق الذي دام لساعات يأخذني معك و يحلق بنا نحو عالم من الصفاء و السلام، عوالم عدة لم استشعرها إلا في وجودك بجنبي.

صوتكِ وسرعتكِ في الكلام، ضحكتكِ و تفاصيل جمة لم تتغير بكِ .

مازال كل شيء على حاله، مثل ياسمينة أنتِ، مُزهرة و متفتحة و عطرة دائما ...

يا سمائي و أرضي، يا أبديتي و فنائي...

تحدثنا لساعات، كنتِ تبكين، على غير العادة..

مثل طفلة صغيرة أضاعت دميتها أو فقدت سِوارها أو طريق العودة إلى منزلها ..

لقد كنتِ صغيرتي التي لن تكبر و كنتُ منزلكِ الذي لم و لن يسقط.

أرى فيك جودي آبوت أخرى و ربما ترينني صاحب ظل طويل من زمن آخر، نحن فقط تبادلنا الأدوار ..

لقد كنتِ تبكين كما لم أعهدك، منهارة إلى أبعد الحدود..

لم أجد طريقة لأوقف بها جريان دموعك التي لم تتوقف عن الهطول، أو خيطا رفيعا أرقع به تصدعات سمائك التي كانت ستهوي علينا.

كنت متأثرة جدا، مكسورة، وغارقة في بحار من الكلمات و الخيبات.

عبارات بريئة كتبتُها في رسالتي التي أردتها أن تكون الأخيرة ولكن يبدو لي أني واقع فيكِ لا محالة، و لا أظن أن هناك ما يسمى الأخير بيننا.

تُحِسين بالذنب و تحملينه في صوتكِ المتقطع و أنفاسكِ المضطربة، و عباراتكِ المبللة بالدموع ..

لا تحزني أرجوك، لا تبكي ..

أتركي لي فعل هذا، رُبما هذا ما تعودت عليه بمحطات حياتي، شعور الحزن و الكآبة، الخذلان والخيبة، أشياء اعتدتها.

عيشي حياتك و دعيني خلفك، أحزن و أبكي، أتذكر وأُجَن وأركض وأسقط وأصرخ، وأكتب وأموت في صمت لوحدي.

فلا أريد أن أراكِ حزينة مجددا.

يكفي أن يحزن أحدنا، أن يصنع للآخر طريقا يعبر من خلالها نحو سعادته.

لم أكن أظن يوما أن كلماتي حادة و قاطعة لتفعل بك ما فعلت هاته الليلة..

كل ما قلته كان بسيطا و صادقا، لم أبرازك بشيء لم أبرر شيئا، كان مثل نظرة سريعة للخلف فقط.

ما أحزنني في كل ما تحدثنا عنه، لم يكن زواجكِ السريع او حياتكِ التي تعيشينها مع عائلتكِ الجديدة ..

لم يكن يخصك، كان يخصني ..

سألتك عن تلك التي أظنها كانت أحد أهم أسباب فراقنا.

لا تعلمي كم صعقت حين أدركت الحقيقة، ليتك صارحتني من قبل، ليتك.

كيف أمكنها فعلُها بتلك البساطة.

غابرييل ..

لماذا الطيبون دائما يتألمون؟ لماذا يؤذيهم الأقرب دائما؟

لماذا يؤذينا من اتخذناه أخا وصديقا نصنع سعادته و نشاركه سعادتنا ؟

كيف يمكن لشخص يحبنا أن يطعننا من الخلف و يمضي و كأن شيئا لم يحصل؟

أي حب هذا؟

أي جنون هذا الذي يدفعهم لإعدامنا و تشويهنا تحت مقصلة من الأكاذيب و الإفتراءات ؟

ربما لأننا كنا معهم طيبون كفاية لنتألم و نتوجع بنفس القدر.

ليتني لم أسألك، و تركت فضولي يقتلني بدل الجواب الذي مزقني إلى أشلاء و أرداني القبر و انا على قيد الحياة ..

لا مشكلة..

عبارة كنت أرددها كثيرا، والمشاكل بداخلي لا تريد أن تنتهي .

مزدحم داخلي هذا المساء بالحزن، ملوثة مشاعري بإنبعاثات الضياع و الكآبة و الوحدة..

أحسُ أني وحيد، رغم حديثنا المطول، وحيد جدا يا صغيرتي.

لم يكن الحديث إليكِ و سماع صوتكِ سوى مخدرٍ أحقن به نفسي، مورفين آخر أنتشي به لساعات طوال، قبل أن يُدخلني نوما عميقا ولذيذا، أفيقُ بعده كمن يفيق من غيبوبة.

و لكن سرعان ما يتلاشى ذلك الإحساس الجميل تدريجيا، فأعود للصفر أو ما تحته، حين أتذكر أنها كانت مجرد مكالمة، مجرد صوتٍ مخدرٍ، و فقاعة إنفجرت بالهواء مع اللمسة الأخيرة لإنهاء المكالمة.

وكنا نحن مجرد تيتانيك أخرى غَرِقت بعرض محيطات الفراق العميقة، دون سبيل لإعادة القصة أو البحث عن رفات سفينة قضت نحبها.

أتمناك بخير يا عزيزتي..

دائما و أبدا..

آرثر


  • 1

  • Abdelghani moussaoui
    أنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
   نشر في 12 يوليوز 2023 .

التعليقات

سناء لعفو منذ 1 سنة
ما أجمل عباراتك:" ليتني لم أسألك، و تركت فضولي يقتلني بدل الجواب الذي مزقني إلى أشلاء و أرداني القبر و انا على قيد الحياة ."أتمنى لك كل التوفيق
1
Abdelghani moussaoui
من ذوقك بالطبع، كل التوفيق لك ايضا، أسعدني مرورك الأنيق، تحياتي⚘

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا