أزمة سكر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أزمة سكر

محمود جابر

  نشر في 26 أكتوبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

محمود جابر 

"قبل ما يحصل انتخابات لرئيس الجمهورية كان عندنا سكر يكفينا وكان عندنا رز وكنا بنصدره.. راح فين عايزين نفهم"

                                                                                              مصطفى "سائق التكتوك"

كلمات بسيطة موجزة اخترقت أسماع المصريين وأصبحت الأكثر انتشارا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. لم تكن هذه الكلمات هي الأولى التي تعبر عن حال المصريين في هذه الأيام ولن تكون الأخيرة، فمصر على مر أكثر من خمس سنوات تعيش على أزمات متكررة، تنتهي أزمه ليلاً لنستيقظ على أخرى صباحاً. فبين أزمة أرز، وغاز، وقمح هناك "أزمة سكر".. نهيك عن ازمه الدولار.. ولا ننسى الأزمات السياسية المتأزمة التي يعاني من ويلاتها مصر وشعبها في كل يوم.

أزمة سكر ...إحنا عايزين نفهم راح فين ؟؟

     ولسوء الحظ فالأمر غريب وعجيب، فمصر التي تحتل مكانة عالمية في صناعة السكر من القصب تعاني "أزمة سكر" ولكن لا عجب فنحن (مصر "الدولة") أصبحنا بلد العجائب والأزمات. ولكن كما يقولون اذا عرف السبب بطل العجب، فهناك أسباب شاركت في خلق أزمه السكر التي نعيشها حاليا وربما ليست الأزمة هي السكر بالتحديد ولكن قد تكمن في مسبباته التي تتواجد في جميع الأزمات، فمشكلة التخطيط والإدارة وافتقار المسئولين للرؤية المستقبلة دائما تتربع على جميع الأزمات وبالنسبة لأزمة السكر ، قامت الحكومة بداية 2015 بفتح باب استيراد السكر -المكرر الجاهز- من الخارج، بأي كميات على الرغم من عدم حاجة السوق المحلى لأكثر من نصف طن سنوياً، كما أصدرت قرارات إعفاء من الجمارك والرسوم على استيراد السكر ، الأمر الذي تسبب في تدافع الشركات المستوردة لاستيراد كميات كبيرة من السكر وإغراق السوق المحلى لتحقيق مكاسب نظراً لانخفاض سعر الاستيراد عن سعر المنتج محلياً، وقد أثرت هذه العمليات على حال صناعة السكر في مصر فقد أدت إلى تضرر صناعة السكر بالكامل، مما أدى في كثير من الأحيان إلى توقف إنتاج بعض الشركات وتسريح العمالة، وانصراف المزارعين عن زراعة قصب السكر والبنجر في هذا الموسم.

     وتجدر الإشارة إلى أن مصر تستهلك حوالي 3 مليون طن سكر في السنة، وينتج 16 مصنع مصرياً حوالي 2.5 مليون طن، ويتم سد الفجوة بين حاجة السوق وإنتاج مصانع السكر باستيراد نحو نصف مليون طن من البرازيل أو الهند.

     ولكن مع تفاقم أزمة الدولار وارتفاع سعر العملة الخضراء، لم يجد المستوردين العملة الكافية التي تمكنهم من استيراد كميات السكر المطلوبة لسد احتياجات السوق من السكر مما أدى إلى العودة مجددا لصناعة السوق المحلية ولكن بعد فوات الأون، حيث أدت قرارات الحكومة إلى جعل المستورد المتحكم الرئيسي في هذا المنتج الهام لجميع المصريين، الذي بدوره يتحكم الدولار (المتأزم في مصر) في تعاملاته، و أدي ارتفاع سعر الدولار إلى ارتفاع سعر السكر. . ومما فاقم الأمور وزاد الطين بلة عمليات الاحتكار والجشع الذي يمارسها التجار، وهذه المشكلة ليست حكرا على أي سلعة أو منتج فأينما يكون هناك نقص في سلعة معينة حتى لو شائعات يهرع التجار إلى الاحتكار مما يساهم في تفاقم الأزمة ونقص السلعة أكثر فأكثر.

    ولكن لم تكن قرارات الحكومة بشأن الاستيراد هي السبب الوحيد في الأزمة، فقد ساهمت قرارات رفع الدعم في تفاقم أزمة السكر حيث أعلنت الحكومة عن خفض حصة الدعم في الموازنة هذا العام بنسبة 14 %، لتتراجع إلى مستوى 8.7 مليار دولار، بحسب صحيفة أهرام أونلاين. وكان الأمر جلياً حيث لم تقتصر الأزمة على الأسواق الخاصة بل امتدت إلى منافذ السلع التموينية أيضا.

     وربما لا تخلو أسباب هذه الأزمة من تضارب المصالح والتنافس السياسي فقد بدأت أزمة السكر بالظهور عقب إقالة وزير التموين الذي يُعتبر مقرباً إلى حد كبير من غرفة التجارة الأمر الذي يشير إلى تنافسات سياسة وفقا لما افأد به أحد مصادر في غرفة التجارة (وإن لم يكن الأمر مؤكداً ألا أن الساحة السياسة لا تخلو من مثل هذه الحوادث)، نهيك عن حالة الغليان السياسي التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى أن المتحكم في استيراد السكر من الخارج ثلاث شركات مملوكة لرجال أعمال كبار في الدولة.

ولكن بعد معرفة هذه الأسباب والمسببات .. ما الذي ارتكبه المواطن "الغلبان" من بين هذه الأشياء، ليعاني من أزمات لا حول ولا قوة له في إحداثها أو حتى حلها. لا نملك إلا الدعاء،  فلنصلى جميعنا إلى أبانا الذي يملك مفتاح "أزمة السكر" قائلين: أحنا النمل فين السكر... أحنا النمل فين السكر.. أحنا النمل فين السكر.


  • 3

   نشر في 26 أكتوبر 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا