كيف الوثوق برشيد ايلال بعد اليوم ؟

هي النتيجة التي توصلت اليها بعد المقارنة بين شروحات الكاتب رشيد ايلال بنفسه لكتابه ( نهاية أسطورة صحيح البخاري ) وبين ردود بعض العلماء المنصفين من اهل هذا التخصص .

في البداية اود القول بان الذي يقرا الكتب والمقالات من عموم الناس صنفان :-

صنف يقرا ليفهم وهؤلاء نوعان :-

- نوع قادر على تحكيم مايقرا لمعرفته اصول المواضيع التي يستهدفها في قراءته التي هي من ضمن اختصاصه

- ونوع يقرا في غير اختصاصه ليحاول أن يفهم ويبحث عن الدليل في هذا الموضوع ليستنير ويزيد فهمه وإدراكه ويضيف إلى ثقافته وعلمه شيء جديد .

وهذان النوعان محمودان فهما اللذان ينتجان بالقراءة والكتابة ماهو في مصلحة انفسهم ومصلحة الناس فهم من يدققان بقراءاتهما ويتحرون الصائب والمقبول اجتماعيا وثقافيا وعلميا ويكون في مشاركاتهم وانتاجاتهم تقدم وازدهار لامتهم .

اما الصنف الثاني الذي يقرا للمتعة فقط فهو عبئ على كل الشعوب والامم فيما اذا عمدوا إلى نقل وتعليم ماهو مكتوب بغض النظر عن صحته ومصدره فانهم يدخلون انفسهم بذلك في متاهات هم غير قادرين على الخروج منها لانهم لايمتلكون القدرة العلمية على الرد ولا يمتلكون الدليل الواضح للخروج من الطريق بشكل سليم فمصير اكثر هؤلاء هو مجرد الاستمتاع بما هو مكتوب والاستمتاع بنقله والانتساب إلى فكرة قائلها والشهرة الحاصلة من وراء ذلك هذا ( اذا ذكروا حقيقة القائل ولم يسرقوا المنقول منه).وهنا تبدا الكوارث بالظهور فلك ان تتصور شكل المشكلة الاجتماعية والانسانية التي سيسببها امثال هؤلاء الكتاب خاصة اذا كانت الفكرة التي ينقلوها خاطئة فانه سيكون ضياع بعد ضياع .

وقد استشرت بعض اهل التخصص في الرد العلمي على كتاب رشيد ايلال هذا فقال ان مستوى كتابه لا يرقى لمستوى البحوث العلمية البسيطة والتي تمتلك ادنى مستوى من الرصانة بحيث يمكننا الرد عليها علميا وذلك لاحتوائها على شبهات ومغالطات تنمو عن قلة علم وفهم (واعتذر انا عن هذا الطرح لكنها امانة يجب ان انقلها كما هي علما ان اول من استشرته كان طالب دكتوراة في العلوم الاسلامية ) فكيف الرد سيكون بالله عليك يارشيد اذ انا سالت واستشرت احد العلماء ؟

فالذي يقرا لكتبك ومقالاتك من المنصفين العلميين من النوع الاول لااعتقد انا ولا غيري من الذين يحاولون فهم والتاكد من مافيها اذا وافقوا وقبلوا ان يردوا اصلا على انهم سيستمعون ويقبلون ما تكتب لان أي مقالة علمية او اجتماعية او ثقافية اذا خلت من الاسس العلمية الصحيحة بالاستدلال والاستنباط للوصول إلى الحكم الذي يبني عليه الكاتب فكرته سيجعل الكاتب نفسه في مجابهة التيار العلمي الذي سيرده بقوه وبذلك سيفشل ايما فشل وسيفقد مصداقيته بين الناس في كل كتاباته السابقة واللاحقة .

فحق الرد عليك مفتوح لكل مسلم على هذه الارض لتناولك حق من حقوقهم فانا شخصيا ارد عليك حيث رجعت قبل اعداد هذا الرد إلى اقوال فقهاء الاسلام الذين ينتسبون إلى اهل السنة والجماعة واستشرت بعض اهل العلم بذلك حتى اكون منصفا معك فوجدت بعض النقاط التي تعكس معنى السقوط في كتابك المزعوم اهمها :-

1- ان الراجح بين علماء المسلمين بان لايوجد كتاب 100% صحيح كله على سطح هذه الكرة الارضية سوى القران الكريم . وعليه فهم يعتبرون الكتب الصحيحة ظنية الثبوت . وهم لا يقدسون الكتب الصحيحة فالتقديس هو جعل الكتاب الهي وهذا كلام لايقوله مسلم صغير تلتقيه في الشارع فكيف بعالم .

2- اذا وجدت اناسا يمجدون الكتب الصحيحة فليس معناه ان في هذا الكتاب خطا ديني او اجتماعي بل طريقة فهم هؤلاء الناس للكتاب خاطئة ومقصوده غير مفهوم وطريقة الاخذ به غير صحيحة وهذه قاعدة بسيطة يفهما كل ذي عقل . والراجح عند العلماء هو ان ما ياتي به البخاري في رؤوس الابواب يكون صحيح و هناك احاديث تاتي بعده تعتبر من المشاهدات والمتابعات وهي ذات درجة اقل من الصحة عندهم . (فكان يمكنك قول ذلك لا ان تجعل من غايتك التجريح والتسقيط وهذا واضح من مقالك )

3- الكتب الصحاح ومن ضمنها البخاري هي كتب حديث فقط حسب مايقوله ويبينه العلماء المسلمين ولاتعتبر من كتب الفقه أي الشخص الذي يريد ان يبني فتوى على حالة معينة لايعتمد فقط على نص وجد في الصحيح ولكن هناك اسس اخرى تدخل في انشاء هذه الفتوى من علم فقه الاخذ بالاسباب وفقه المعاملات وفقه النزول وممكن ان تجتمع كلها بما يسمى بفقه الاجتهاد .

4- ان كتاب صحيح البخاري الذي شهرت عليه سيفك هو ليس فقط الكتاب الصحيح المعتمد لدى المسلمين في استباط الاحكام منه والاستدلال به وانما هناك صحاح كثيرة منها صحيح ابن حبان وابن خزيمة ومسند الامام احمد وغيرهم تستخدم لتاصيل بعض القواعد الشرعية عند المسلمين ( فهل ستكون القداسة للكل ؟) .

5- والواضح من طرحك في الكتاب ان تجريحك وتسقيطك للصحيح (وحسب ماتم الاستطلاع عليه من مقالاتك حول شرح كتابك هذا) هو اسقاط شخص الرجل( البخاري) وحقيقته الايمانية بادعائك ان التاريخ المنقول عنه غير صحيح وان فيه خرافات منها ان البخاري يصلي ركعتين استخارة قبل انزال الحديث في صحيحه وهو مبدا غير علمي وهذه علة في غير محلها فما المشكلة من صلاة الاستخارة بعد الاخذ باسباب التدوين الصحيحة والمعتمدة وهذا هو مايقوله العلماء في شروحاتهم ان الانسان ياخذ بالأسباب ويستخير ويستشير ولكنك تدعي استعمال العقل في ذلك من غير وجه صحيح .( وارى انه سياتي يوم عليك تشككنا في وجود صحة النبي ورسالته الذي لم نتشرف برؤيته في الحياة بل أزيدك علما انك ستاتي يوما تشككنا في وجود الاله الذي نؤمن به بقلوبنا وتشككنا بالقران الكريم ) .

6- تقول لم يرد تدوين الحديث في عصر النبوة وهو امر( فيه اختلاف) وان أي امر فيه اختلاف لايمكن البناء عليه ووضع قرار مثل قرارك بسقوط هذا الارث وذلك لوجود مايثبت عكس قولك من حديث عبد الله ابن عمر بن العاص الذي رواه الامام احمد في مسنده ومسند المكثرين من الصحابة ومسند عبد الله بن عمر بن العاص وصحح اسناده الشيخ احمد شاكر في تعليقه على المسند ورد ذلك موجود في موقع بيان الاسلام في الرد على الشبهات http://bayanelislam.net

7- وقد ادعيت انك تسقط صحيح البخاري حسب لقاء تلفزيوني معك لشرح كتابك عام 2017 بقولك ان الاستدلال عند المحدثين هو بالسند عن صحة معلومات الرجل وليس صحة العلم المنقول وهذا حق منك لكن اردت به باطل لان صحة المعلومة في حينه بين الرجال لشخص معين هو حياته العلمية فيما افناها وحياته الدينية وسيرته الذاتية( وان مقدار صحة مايقال له علاقة كبيرة بصدق القائل ونوعية مسيرته في الحياة وهذا مانسميه بزيادة الخير بخيرمضاعف) يضاف إلى ذلك ان الحديث له اصل اما ماينقل من علم سيبنه الفقهاء لاحقا ويوضحوه للناس حقيقة ماذكر وهذا الذي اسقطته انت من حقيقة كتابك لتوهم الناس بامر لاتعلمه او تعلمه وتحاول الالتفاف عليه ؟

8- انبهك لخطر كبير توقع نفسك فيه فان كلامك هذا يشبه كلام من يسمون بالمعتزلة كما يوضحه الاستاذ ابو عاصم المصري في كتابه موقف المعتزلة من السنة حيث قال ( وعليه فان المعتزلة اول من فتح هذا الباب الا وهو رفض الحديث بالعقل وطعن في الصحابة فاصبحوا مادة للمستشرقين والعصرانين الرافضين للسنة والاسلام ) وان هذا الخطر نابع من ان ما تدعيه هو شبه ضد الاسلام على حد قول الاستاذ ابراهيم محمد في كتابه الشبهات الثلاثون . وكما ورد الرد عليهم في الفتوى بالرقم 117397 الصادرة من مركز فتوى اسلام ويب والتي تقول( ان هذا الطريق والمذهب من اقبح المذاهب ومشتمل على جملة من المساوئ والمتناقضات وقد اختلف العلماء في تكفيرهم).

9- وان اخطر ماتقوله يكمن في شبهة تعارض الاية مع الحديث بل لو ابعدت نظرك قليلا لوجدت الايات تخالف بعضها بعضا حسب ادعائك ومستوى فهمك فكل العلماء ناقشوا قول الله عز وجل (لا اكراه في الدين ) وكيفية توافقه مع ( امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ) وان كل التوافقات والمناقشات تبين على ان الاكراه هو محله القلب أي لا يكتب على احد بالأيمان من دون ايمانه طواعية من قلبه هذا مقصود لا اكراه في الدين(فيك ان تراجع تفسير ابن كثير  ففيه مايشير الى هذا المعنى بخصوص الاية الكريمة ) اما القتال في معنى الحديث الشريف والدفع عن الدين لم يوضع الا للصد عن من يبغي بالمسلمين سوء ويعاديهم وبذلك يحفظ دماء المسلمين وحقوقهم كباقي الامم والشعوب وينقل عن الشيخ محمد صالح المنجد قوله في ذلك ( بل ان ابن قدامة رحمه الله يقول في معنى الاكراه هنا :" وإذا أكره على الإسلام من لا يجوز إكراهه كالذمي والمستأمن ، فأسلم : لم يثبت له حكم الإسلام حتى يوجد منه ما يدل على إسلامه طوعا " انتهى من "المغني) .

هذا الرد المتواضع لبعض ماتناولته انت في كتابك اعتقد جزما انه يعكس عملية السقوط التي اردتها لكتاب البخاري فلا ارى سقوطا الا لمقالتك وسيرتك مع الاسف .

اما الصنف الثاني من القراء لكتابك من الذين يقراون للمتعة فقط فلا اناقشك فيهم لان قبولهم او عدم قبولهم لما هو مكتوب ليس الدليل على صحة ما تكتب .

ان الامر الذي تخوض فيه ليس بالجديد فكل من خاض فيه من قبلك سقط في هوة الفشل .فهو امر قد بنى عليها الناس دينهم وثقافاتهم وعاشوا عليها مجتمعين راضين مرتاحين لعقود من الزمن . وبشروا من مات على هذ الدين بل استبشروا بمن مات على هذا الدين بحسن الختام الذي نتمناه واعتقد انك أيضا تتمناه ولكن بأسلوب خاطئ .

وانا وكما معي الكثيرين لانراك من مصاف المجددين لان المجدد من يقوم بالامة وينهض بها إلى الامام لا من يجعل من تاريخها اضحوكة بين الناس ويسقط كل اثر بنوا عليه دينهم .

وان فرضنا انك قد وجدت شيءا لم يجده قبلك من آلاف السنين من الشخصيات المتمكنة في العلم والتخصص الذي خضت به دون سابق علم منك . فحتى تقنع اهل العلم والباحثين في كتاباتك فمن البديهي انك ستحتاج إلى علم مسبق بتاريخ الرجال وعلم مسبق بتاريخ الاسلام وعلم مسبق بفتاوى وفقه الاسلام وعلم مسبق بالحديث النبوي الشريف وعلم مسبق بأسباب النزول وعلم مسبق بعلوم القران ووو .. حتى تكون لكتاباتك نظرية مفهومة ورصانة يمكن قبولها والا اقتحامك لهذا الامر لايزيدك الا سقوطا .

فالكاتب الذكي يستطيع استمالة عقول القراء بما فيه مصلحتهم ولكن بالاحتفاظ على سلامة النقل والاختيار الصحيح من المواضيع التي تؤثر على ثقافة المجتمع بشكل ايجابي ويقلل من الاختلاف ولايزيد منه ويعمقه فيكفي مجتمعاتنا اختلافا .

فبالله عليك كيف تريدني ان اثق بك .