لقد تربينا جميعنا على الخوف من الوقوع في الخطأ سواء في الحياة الدراسية أو الرياضية أو المهنية أو الاجتماعية و غيرها.

ففي مرحلة ما قبل الدراسة كانت الأمهات تنبه أولادها أثناء اللعب و تخويفهم من فكرة سقوطهم أو تعرضهم لإصابة أو لجرح بسيط. و في فترة الدراسة ينبه الآباء أبنائهم من الرسوب في الامتحانات أو حتى الحصول على درجات ضعيفة. مما أدى إلي ترسيخ فكرة "الخوف من الفشل" في أذهان الجميع.

فأصبح هناك صوت داخلي في نفس كل إنسان يحذره من الفشل. و بالتالي أصبح العالم بأجمعه يعيش حالة من التنافس اللا متناهي!

و خاصةً في مجتمعاتنا الشرقية؛ فنحن نؤمن بأن الإنسان الناجح كان و يكون و سيكون دائماً ناجح و لن يعرف الفشل طريقه. و نؤمن بأن الإنسان الذي يفشل في خطوة من خطوات حياته لا مكان له في قائمة الشخصيات الناجحة.

إن فكرة حب النجاح و التمسك به ليست بالفكرة السيئة بل بالعكس فمن حق كل إنسان أن ينجح؛ فالنجاح في أي مجال من مجالات الحياة يحقق الاستقرار و السعادة. و لكن فكرة الخوف من الفشل و اعتباره هو أكبر عدو للإنسان فكرة مُدمرة.

فأكبر عدو للإنسان هو في الحقيقة أكبر صديق للإنسان؛ فالفشل هو أهم درس في حياة الإنسان. و الإنسان الذي لم يتعرض للفشل لم يتعلم شيء في الحياة.

فالوقوع في الخطأ في الامتحان يُعلمك المعلومة الصحيحة فيما بعد، و الوقوع في خطأ في الحياة العملية يعلمك العمل بدقة و تفادي الأخطاء فيما بعد، حتى سقوط الأطفال و هم يلعبون و تعرضهم للجروح يعلمهم فيما بعد كيفية المحافظة على أنفسهم و توخي الحذر أثناء لهوهم.

و أنا لا أعني أن يتخلى الناس عن حبهم للنجاح و لكن أعني أن يحاولوا تحويل النقاط السلبية و تحويل الفشل إلي نجاح على المدى البعيد.

أنا أعني أنه لا داعي أن تلوم نفسك أو تقسو على نفسك لمجرد الوقوع في خطأ، تعلم من ذلك الخطأ و صدق أنه من الطبيعي جداً أن تقع في الخطأ، من الطبيعي جداً أن تجد من يرفض أفكارك في العمل، من الطبيعي أن تحصل على درجات منخفضة في امتحان ما و لكن ليس من الطبيعي ألا تتعلم من ذلك الخطأ.

و إذا كان يجب أن يتحلى الناس بروح المنافسة فيجب أن تكن تلك المنافسة بينك و بين أخطائك و ليس بينك و بين الآخرين.

و لا تغفلوا أن "توماس أديسون" الذي فشل في حياته الدراسية و تعلم على يد والدته أصبح هو اليوم السبب الرئيسي في تنوير حياتنا.

و تذكروا أن الخوف من الفشل هو في حد ذاته فشل.