شرع الله - تعالى - الزواج ؛ للحفاظ على النوع الإنساني ولعمارة الأرض بأفضل بنيان ألا وهو بنيان الإنسان ، وقد بينت الشريعة الإسلامية عددًا من الضوابط التي ينبغي وضعها في الاعتبار عند إقامة هذه الرابطة المقدسة بدايةً من : استحضار النية في الزواج بأنه زواج بنية الاستقرار والديمومة والاستمرار – لا بنية التوقيت والمتعة - ، ومرورًا باختيار الزوج أو الزوجة بحيث يتم الاختيار على أساس من الدين والأخلاق – كما ورد في الأحاديث النبوية الشريفة – ولا شك أن الاختيار على هذا الأساس من شأنه تحقيق الحفاظ على تلك اللبنة الجديدة في المجتمع أعني : الأسرة .

ولكننا في هذه الأيام وجدنا بعض الناس في أمر الزواج بين اتجاهين :

أولهما : يلتزم بكافة تفاصيل وشروط الزواج إلا أنه يقيم هذه الرابطة المقدسة بدون تدبر وتفكر ثم ينتظر آثارها ونتائجها .

بينما الاتجاه الثاني : فإننا نجد أنصاره من قبل الشروع في رابطة الزواج المقدسة يضعون شروطًا وقيودًا من شأنها أن تجعل هذا الزواج بمثابة التجربة فإذا تحقق الشروط والتزم الطرفان بالقيود تحقق الزواج وإلا فما هو إلا تجربة .

فأصحاب الاتجاه الأول - أعنى : القائلين بتجربة الزواج - : يرون الزواج مجرد تجربة لابد من المرور بها دون التدبر في الاختيار - من الطرفين – فالذي يهم والد الفتاة ووالدتها أن يروا بناتهم بفستان الزفاف ؛ حتى لا تسبقها فتاة أخرى من عائلتها أو صديقاتها في الزواج – أصغر منها سنًا - فيفوتها قطار الزواج . فالمهم أن تتزوج وبعد ذلك ننظر في نتيجة الزواج ونتدبر عواقبه سواء كانت خيرًا أم شرًا فما الزواج - من وجهة نظر هؤلاء - إلا تجربة لابد أن نجربها ثم ننظر بعد ذلك في عواقبها .

أما أصحاب الاتجاه الثاني : فيحاولون الهروب من الأخطار المتوقع حدوثها مع أصحاب الاتجاه الأول فيقولون : لابد من الأخذ بالاحتياط فنجعل الزواج زواج تجربة بمعنى أن الزوجين يتفقا على إقامة رابطة الزواج ولكن هذه الرابطة في حقيقة أمرها مجرد تجربة ؛ إذ أنها تشتمل في عقدها على مجموعة من القيود والشروط التي يتفق عليها الزوجان فإذا وجد الطرفان قبولًا وارتياحًا وانسجامًا وتحقيقًا والتزامًا بهذه القيود والشروط فإن معنى هذا نجاح زواجهما التجريبي وحينها لهما أن يستمران وإلا فإن الأمر مجرد تجربة !

ونحن لا نتفق لا مع القائلين بكون الزواج تجربة ، ولا القائلين بتجربة الزواج . فإننا لا نتفق مع القول بأن الزواج تجربة ؛ ذلك لأننا نرى أن كلا الطرفين – الشاب والفتاة - وأولياء الأمور مطالبون بحسن الاختيار على أساس من الدين والخلق فإن تم الاختيار على هذا الأساس – مع إخلاص النية لله تعالى - كانت نتائج هذا الزواج – بإذن الله تعالى وتوفيقه - موفقةً ومرضية .

وكذلك لا نتفق مع القائلين بتجربة الزواج ؛ لأن هذا الأمر مناقض لطبيعة الزواج التي حددتها الأديان السماوية من أن الزواج رابطة مقدسة وليست تجربة كما يدعي القائلون الذين ما أراهم – مع حسن ظني بهم – إلا من راغبي الشهرة بين الناس والظهور في وسائل الإعلام والانتشار على وسائل التواصل الإجتماعي .