في الانتخابات الرئاسية بموريتانيا ظهر شعار كتب على كل حائط بخط عريض "قاطع..تم فبيتك" أي قاطع و ابق في منزلك و ظهرت حملة في الاتجاه المعاكس تدعو جميع المواطنين للتسجيل على اللائحة الانتخابية و تحثهم على المشاركة في الاقتراع.
هنا نجد أن أنصار كل فريق حددوا أهدافهم من العملية الانتخابية و عملوا على التعبئة لذلك الرأي.
فأصحاب توجه المقاطعة يعطونك أسبابهم المنطقية لذلك منها مثلا ما لاحظناه الأيام الماضية في الجزائر من كون المجتمع ليس مؤهلا بعد لعملية ديمقراطية نزيهة و حتى المتنافسين لا يحققون التطلعات لمستقبل خالي من بقايا النظام السابق.
بينما يرى أصحاب التوجه الآخر في المشاركة الحل الأمثل للتعبير عن الإرادة السياسية للمواطن و أن بيده ورقة تحديد ربان سفينة الوطن.
وصلت نسبة المشاركة في الجزائر إلى 40% و إذا اعتبرنا النسبة المتبقية هي نجاح لدعوة المقاطعة فكيف سيكون الأمر لمن لم يسجل من الأساس على اللائحة الانتخابية؟
كل ما سبق هو وظيفة السياسي بينما تختلف وظيفة "منظم المجتمع" الذي ينظر للموضوع من زاوية ثالثة زاوية حرية الاختيار أن يشرح الوضع القائم للناس و يتركهم يحددون بأنفسهم هل يريدون المشاركة أو المقاطعة؟
في المساق الثاني "فهم هياكل السلطة المجتمعية" على منصة معهد الفضاء المدني تمت عنونة الأسبوع السابع ب "حرية الاختيار" هذا العنوان هو تجسيد للبعد الثالث لعمليتي المشاركة أو المقاطعة و هو ما ينبغي أن يتحلى به منظم المجتمع الذي عليه أن يكون حياديا يقول أحد المشاركين و هو عماد جابر "المنظم هو عنصر مؤثر في عمل إنجاح المجموعة,و لا يقوم باتخاذ أي قرار خاص بالجماعة التي يعمل معها و هو مسؤول عن إتاحة الفرص للمشاركين للتعبير عن مشاعرهم بكل حرية" و يضيف محمد إسلم "يجب أن يكون منظم المجتمع محايدا و أن يترك للجميع حرية اتخاذ القرار"
هذا هو عمل المنظم و ليس ذلك الذي يأتي حاملا رسالة تخدم أهدافه و مصالحه فيقول لك قاطع أو شارك دون أن يهمه قرارك أنت.
و عمل المنظم يختلف عن عمل السياسي الذي يعمل على حشد الأنصار من جهة و يعمل في الاتجاه المعاكس على تعبئة أنصار منافسيه و حثهم على المقاطعة إن هو لم يتمكن من استمالتهم لصالحه.