الشعب الصعب العجيب

هيام فؤاد ضمرة

17/5/2021م

نعم.. نعم.. صدقت وأصبت القول يا جدعون ليفي، فالشعب الفلسطيني طينته تختلف عن طينة البشر، فهم بلا منافس شعب الله المختار الحقيقي، ليس مختارا زيفا بالقول الاعتباطي المثير للضحك، وليس مجرد قول للإحتيال والضحك على ذقون الغرب والأمريكان، بل الله جل وعلا اختارهم شعب الجبابرة الأبطال، العماليق الأخيار، العباقرة الأعلام، الأذكياء الشطار،

هم ليسوا حقا كأي شعب، وليسوا من طينة البشر، لأنهم نزلوا أنبياءاً من السماء ظاهرين مطهرين أتقياء، وحين ترتقي أرواحهم لا تختلط ببقية الأرواح، فهم من مادة غير مادة البشر، يرتقون ليعودوا، ويعودون ليرتقوا، لأن الشهداء ينبتون نصرا على المدى الطويل، فأرواحهم لا تذهب هدرَا، يوما ما سيكون الحصيد مُثمراً والمحصول مُبهرا، الفلسطينيون هم شعب الرجولة والفحولة والبطولة المؤمنون، الذين وعدهم الله بالنصر المؤزر المبين، صنعوا قذائفهم من مخلفات قذائف عدوهم، تحدوا الحصار بالأنفاق، استولوا على القمر الصناعي عاموس، صنعوا طائراتهم الصغيرة بلا طيار لتحرق عدوهم، لم تردعهم كل وسائل الترهيب والتحطيم المعنوي والمادي والإنساني، كانوا دوما مبهرين، عظماء عبقريين، وما زال المستقبل سيحمل لنا الكثير من المفاجآت.

إنهم يأتوكم كالقدر بنفس صلابة الحجر، وليس كأي حجر، إنه الصوان الذي يقدح شعلة النيران، ليمزقوا شأفتكم، ويبددوا حصاد ألاعيبكم، ليناثروكم كما الرمال في مهب ريح عاتية، تقذفكم إلى حيث كنتم، ولتعودوا مثلما أتيتم حفاة عراة،

فإذا فاض صبر الفلسطينيون وانفجر غضبهم، تحولوا لهيبا لبركان ثائر يذيب الحجر والمعادن، ويحرق ما انثوى بالدنية من أمصار، يُشعل الأرض والسماء والبحار والقارات وسلاسل الجبال، لتمتد ألسنة نيرانه من عمق باطن الأرض إلى عمق باطن السماء، حيث لا نور إلا نور الله، وحيث الذي وعد الخلائق بنصره المؤزر، وسيتحقق الوعد لأنه من عند الله.

لا تستهينوا وتُهينوا فتَهنوا، فتصبحون الأردى قيمة بين خلق الله، ولا يغرنكم بدايات لكم أصابت نجاحاً لخيبة من التقيتموهم، فالآتي ليس كالذي تولى وأصبح من ضمن ( اللي فات مات)، فلا يجرمنكم شنآن زمن قوتكم الآفلة، هي بحقيقتها صحوة ما قبل الموت والانتهاء، فأنتم مشرفون على الذوبان، وهذه المرة لن يكون الذوبان الذي يلحقة تماسك، بل سيكون ذوبان يختلط فيه الحابل بالنابل فلا تعرفون بعدها أنفسكم ولا تمايزوها.

ولعلك يا جدعون ليفي لا تعرف أن كل العرب والمسلمين، في كل مكان من بلاد العروبة والإسلام، طينتهم كما طينة الفلسطينيون، لا تختلف عنها بشيء، طينة عربية ومسلمة غير عربية، ينتمون لدين محمد عليه الصلاة والسلام دين الحق والإسلام والسلام، وانتماءاتهم للقدس وللأرض المسلمة لا يعادلها انتماء، جعلتهم على جاهزية عظمى لأن يأتوا أرض فلسطين بكل الوسائل المتاحة للنقل، لينتصروا لشعب فلسطين، ويدعمون هبته للدفاع عن حق المواطن الفلسطيني الذي احتل بيته، وسرق عفش داره، ومونته، وممتلكاته الشخصية، بدم بارد برود ضمائرهم، والقيام بحركات مغايظة دنيئة بإخراج أصحاب البيوت والاحتفال بالرقص على صوت أغانيهم داخل المنازل المحتلة، هذه من أحقر أنواع الظلم والعنصرية غير المسبوقة في تاريخ العالم.

الشعوب العربية التي باتت مستعدة لأن تحطم الحدود التي رسمها المستعمرون الكائدون، ومن ثم يحطمون أسوار العنصرية، ويقلبوها حربا عالمية دفاعا عن القدس وعن أرض الرباط، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين،

فنهايتكم يا بني الإجرام والنهب والعنصرية قاربت لا محالة، وستجدون أنفسكم تدخلون بكل الجدران الني ابتنيتموها تحت الذرائع الواهمة لحفظ سلامتكم، فيما أنتم تتعدون على حقوق الفلسطينيون وتحيلون حياتهم إلى عذاب وقهر، وتقتلوهم بالدماء الباردة فيكم، هذه الجدران هي من ستكون جدران مقبرتكم القادمة.

إن الأقصى تظل له القيمة المقدسة العليا في يقين كل عربي ومسلم، ومثله الأماكن المقدسة المسيحية، وكل مسيحي حر من أبناء هذه الأرض المباركة هو الرديف المساند في الدفاع عن هذه الأرض،

فرغم ما تمارسة بعض دول العرب المنبطحة بالذل والخنوع بكل أشكال التطبيع المخزي الذليل ذل العبيد، وما تمارسه فئة المنحرفين والمشبحين من بعض الإعلاميين من فئة السقط المأجورين، السفهاء المغترين، بوجوههم الحمقى، ومنطقهم الغبي الخليع، المسطح التافه، فما زال يقين الشرفاء في بلادهم بذات مستوى عزتهم ونظافة انتمائهم العروبي، يقفون موقف المؤمنين المؤيدين الشرفاء، مهما استخدم معهم من قوة وجبروت في إسكات أصواتهم، وفي كتمها والتغطية عليها، فهم على العهد قائمون، وللدعم منتصرون، وللوقفة الشريفة هم قائمون مشرئبوا الرقاب فخرا ورجولة، فبهذا لن يتزحزحوا عن شرف الدعم قيد أنملة، ولن يتخلوا عن الدور حين يهدر صوت الواجب هديره الأعلى،

ففلسطين اليوم تعتبر لكل أهل طينة الأحرار آخر معقل حقيقي من معاقل الكرامة والعزة والنضال ضد محتل عنصري كريه، وأول واجهة حقيقية للدفاع عن هذه الكرامة المهدورة، وشعب فلسطين البطل الحر هم المتصدرون اليوم بصدورهم العارية وسواعدهم الفارغة عنوة من السلاح، وحدها هي التي تتصدى بكل بطولة وكل شرف وكل عزم رغم كل المعيقات التي تواجه شعبها البطل، غير هيابة قوة الحديد والنار.

بوركت مواقفكم البطولية أيها الأبطال الميامين بالداخل الفلسطيني، وسدد الله يا أبطال غزة وفلسطين رميكم وأحرق عدوكم، وأصاب هدفكم الأهم والأكثر تأثيرا كمثل ابراجهم ومخازن سلاحهم، وقواعد دباباتهم، ومرابط طائراتهم، وأذل للتاريخ عدوكم، ورفع للحق والنبل كلمتكم، فسواد أهل العرب والمسلمون بكل بقاع الأرض لن يتخلوا عن واجبهم، ولن يلقوا للذل عصاهم،

إن محاولات بعض حكومات الدول العربية خاصة المطبعة منها، لأن تُسكت وتُهمد صوت الثائرين من مواطنيها بالطريقة الناعمة، وتجفف ساحة المفكرين من المؤثرين من أعلامها وقياداتها الإجتماعية والدينية، ليس فقط أنها لن تنجح أبدا وقد وصل الصبر إلى مُنتهاه، مثل هكذا مواقف هو إثبات على وجود خلل عقائدي وأخلاقي وعقلي يفقدهم الأهلية للدور المناط بهم،

فحق على القيادات أن تتخذ مواقف جديرة بالذي يحدث بالداخل الفلسطيني، وتصدى الفلسطينيين بكل ما يملكوه من دافعية وطنية في وجه شياطين دولة الاحتلال ووحوشها المسعورة، وهي تتعدى على النساء والأطفال والبيوت والحرمات، وتدنس حرمة المسجد الأقصى وتحطم محتوياته التاريخية،

فاستنفار آلتكم العسكرية لهدف منع المتسللين إلى الأراضي الفلسطينية سيحولكم لقتلة توجهون سلاح آلتكم لصدور أبنائكم بالنيابة عن العدو نفسه، فاتقوا الله بالأبطال الثائرين لبني جلدتهم.

فالهبة الفلسطينية مشروعة للتصدي لحقوقهم الإنسانية، بسبب منع الفلسطينين الصلاة بمسجدهم، والحؤول بينهم وبين مسجدهم المبارك، فيما تشرع أبوابه لتدنيسه من قبل المستوطنين، ولسرقة منازل الفلسطينيين وإلقائهم بالعراء وإرهابهم بقوة الجيش المسلح.