نصيحتي لكل مقبلة على الزواج .
حسن غريب
صديقة لنا في هذا الفضاء الأزرق، أرسلت لي على الخاص، تطلب نصيحة مختصرة تستقبل بها حياتها الزوجية، تقول :
زفافي بعد أيام .. ما نصيحتك لي؟!
قلت : مبارك عليكما ..
أتم الله لكما ..
وجمع بينكما في خير.
نصيحتي ..
١- لا تغلبنَّك أيامك القادمة ومسؤوليتها ومنغصاتها على إراقة مخزونك من الحياة.
٢- واحذري خفوت بوارق أملك وجفاف منابع عينيك؛ أنتِ في بيتك مورد الحياة ومعينها وينابيعها وأسبابها وألوانها؛ وأنت أنت الحفيظة عليها. فلا تسمحي لنفسك "أولا" قبل غيرك تجفيف معينك، ولا اطفاء الأمل من عينك، واحذري الظن؛ فبعض الظن هدم!
٣- بيدك خزائن الحياة وخزائن الأمل، وليست في يد زوجك؛ واعلمي أن الحيوات الزوجية لم تفشل إلا حين أباحت الزوجة خزائنها وفرطت في ما استحفظت عليه من حياة وأمل.
٤- لا يذهب بك ظنك إلى أن زوجك زادك في الأمل، أو ساقي الحياة قبلك، بل هو تابع لك، وعالة عليك، فلا أمل في بيت سيدته منطفئة، ولا حياة لزوج فارقت بوارق البهجة عين زوجته.
٥- الحياة منك أولاً، وأنت من يشرق بها؛ وأنت راعية الحب، وصانعة الحياة، وزوجك حامي الحمي وراعي المرعى، فإن أحسنت صنعك، واتقنت دورك؛ تكونين راعية الراعي وساقية مرعاه!
إن وعيت هذا .. فلا حاجة لك في ما عداه من ثرثرات المستشارين الأسريين، الذين لم تسعفهم التجربة، ولم تحنكهم مرارات الحياة وحلوها، ولا حاجة لك في فلسفات الحروب الزوجية الطاحنة، التي إن دارت رحها؛ يبست الأكباد، وجفت المآقي، وخرجت الأضغان من قاع الصدور.
فلا تتوشحي في حياتك الزوجية سيف العناد والمناورة، فما أعلم امرأة توشحت سيفها وركبت رأسها إلا كانت قاتلة مقتولة. ولو أنها لم تلبس لامة الحرب، ولبست لامة الحب، لكانت الناصرة المنصورة، ولجاءت يوم القيامة في صفوف الشهداء؛ الذين أحيا الله بهم، وأحياهم، ورزقهم، وأحسن عاقبتهم.
هذا .. ولا تذهبن بك الظنون أن الحياة الزوجية حروب ومعارك؛ لا، بل هي سلام ووئام، إلا أن يسقي -أحد أمنائها- بذور الشطط والعناد.
وأني لا أعلم لزوجٍ حارب زوجته .. عذر.
ولا أعلم لرجل قانل امرأة .. مروءة.
ولا أعلم لخافر ذمة .. عهد.
ولكني أنصحك نصيحة الساد لذرائع الخلاف، والقاطع لأسباب العداوة، وليس الغارم كالغانم، ولا الطاعن كالمطعون.
والمدارة نصف العقل.
والله يدافع عن الذين آمنوا، ويرد بأس الظالم.
ولا ظلم أشد على النفس من ظلم العاقل لنفسه.
ولا هدم أنكى من هدم المحصنة حصنها.
فإن علمت عواقب المر،
أحسنت تقدير مذاقات الحلاوة.
هنيئاً لك مستقبلك الجميل المتوهج بالحياة والأمل.
وهنيئاً لكما حياتكما المليئة بالحب والحكمة والوئام.
-
حسن غريبعضو اتحاد كتاب مصر عضو نادي القصة بالقاهرة عضو أتيليه القاهرة للفنانين والكتاب عضو نادي القلم الدولي