سميرة بيطام 

ان غزو الجزائر وسكانها وكذا احتلالها واستغلال ثرواتها كان من صنع كافة أنظمة الحكم في فرنسا، اذ قبلت تلك الأنظمة كلها مفهوم الاحتلال ولجأت كلها الى "السيف" والى نزع الملكية على حد سواء.

كتب روبير لوزون (Robert Louzon) في كتابه الموسوم "مائة عام من الرأسمالية في الجزائر (Cent Ans de Capitalisme en Algerie) ما يلي:

تتابع البورجوازية الفرنسية من 1830 الى 1871، في ظل أنظمة حكم خمسة مختلفة

-بدء من الإصلاح ، وصولا الى الجمهورية الثالثة ومرورا من لويس فليب والجمهورية والإمبراطورية –غزو ذلك المكان الذي كان يسكنه قرابة خمسة ملايين ساكن ، أربعون سنة من الحروب وأعمال القتل والنهب ، أربعون سنة كانت تثور خلالها في كل لحظة تلك المنطقة التي هدئت بالأمس، وعادت لتثور مجددا وتهدأ، بعد ذلك بنيران الغارات وأعمال القتل ، أربعون سنة لخمسة ملايين ساكن ،أربعون سنة من الحرب بين شعب مجرد من كل تنظيم عسكري حديث، من جهة ، وجيش فرنسي كان ، من جهة أخرى ، أول قوة في أوروبا بلا منازع ،جيش كان بالأمس جيش نابليون وسيظل جيش سيباستبول (Sébastopol) وماجونتا(Magenta).

لم يكن لدى بيجو وأتباعه ما يدعو للقلق ، هم من كانوا يعملون في سبيل تلك الحضارة، في سبيل فرنسا ،في سبيل الصالح العام ، في سبيل الإنسانية ،وأخيرا في سبيل المسيحية جمعاء ، و ينبغي لبلوغ تلك الغاية طرد السكان الأصليين طردا مبالغا فيه ، كان يقول:

 " بما أننا لن نحضرهم ،ينبغي أن يتراجعوا أمام منشأتنا حتى يصلوا الى أقصى الصحراء ليلقوا الى الأبد في رمالها .

لم ينجو حتى الأموات من أعمال المستعمر المحتل ، وفي هذا الشأن يكتب المؤرخ شارل أندريه جوليان : "لفتح الجزء الرابط بين ضاحية باب عزون وحصن الامبراطور ولتشييد ساحة بعد باب الواد أمر الجنرال المسؤول روفيقو بتدمير مقبرتين اسلاميتين ، ضاربا عرض الحائط معتقدات الأهالي ومشاعرهم.

كتب المؤرخ ألبير دوفول في كتابه " المنشآت الدينية للجزائر القديمة ( Les Edifices Religieux de L’Ancien Alger) : كان اهتمام الفرنسيين الأول، أثناء استيلائهم على مدينة الجزائر ،منصبا على تهيئة بعض المكان للأحياء على حساب الموتى وتخليص ضواحي المدينة من تلك المقابر الكثيرة ،ينبغي أن أقول بالمقابل أن عمل التحويل لم يُستكمل في حدود ما يستحقه الموتى من احترام ،وانه شبيه الى حد كبير بعمل التدنيس ، لقد لوحظ لسنوات عديدة، أكوام عظام مبعثرة هنا وهناك، منتزعة بخشونة من قبورها ومرمية بنوع من الشراسة .

في نهاية المطاف ، اذا تم التفكير في ضعف رسالتنا ..أمنيتنا الكبيرة هو أن يبادر القراء المنبهون بوضع التصحيحات والتصويبات والاضافات المناسبة ، أولا يقال " ان التاريخ ،عندما يؤدي واجبه بصدق ، هو الضمير المكتوب لشعب في طريق الرقي.

لقد كان لدى فرنسا ،بكل تأكيد "مطامع كبيرة" وطموحات في احتلال الجزائر ،لم تكن تتمنى سوى توفر ذريعة .

انتهى .