انبرت بعض الاقلام الشريفة الصادقة للزود والدفاع عن الناصر صلاح الدين , وقد حفظ لنا التاريخ ان الناصر صلاح الدين قد انتصر لقضيتين كبيرتين في عصره.
هما التصدي للحملات الصلبية الغاشمة بعدما وحد الجيوش تحت لواءه ، و محاربته للفكر الشيعي بما يحمل من ضلال.
ثم بعد ذلك مضي الرجل الي قبره وقد حسب نفسه ملاقيا كل ثناء ، كلما التقا تاريخه او اطلع عليه انسان يعرف لكل عظيم مكانة في النفوس.
ولكن لا بآس ان يخرج علينا بعضا من الذين يحسبون ان التطاول علي العظماء شيئا من الرقي ، ولوازم الارتفاع بهم الي مراتب المفكرين والمثقفين طلبا للمجد او لبعض المناصب الرفيعة الزائلة.
لقد نادي أحد المفكرين الكبار بان صلاح الدين هو احقر الشخصيات ، لا بد اذن ان يكون من واجههم صلاح الدين هم اعظم الشخصيات.
فمن واجه؟
لقد واجه صلاح الدين قادة الحملات الصليبية ، الذين راحوا يرسلون جنودهم ليقتلوا كل معني للانسانية ، ويستولوا علي خيرات البلاد والعباد.
ثم اذ هم بعد زمن ، لم يرحم همجيتهم التاريخ ، فقاموا احفادهم بالتبرا منهم ومن افعالهم في كتبهم وتاريخهم .
بعد حين ، بل زهدوا وابتعدوا عن دينهم لانهم وجدوه رخصة ترخص بها حفنة من القتلة والمجرمين.
ثم واجه احقر الشخصيات في قضيته الثانية الشيعة فهل ياتري هم اعظم الشخصيات؟!
حسنا لن نتناول الشيعة من حيث انهم اصحاب نهج ، خرجوا علينا به في لقاء نهج من نزل عليه الدين وقام به.
ولكن اليس غريبا ان تقول السماء صاحبة الدين ان ابو بكر وعمر مبشرون بالجنة ، و يخرج من يقول انهم ملعنون ، ثم يذهبون الي المساجد لتادية شعائر نفس ذلك الدين من صلاة و صيام و زكاة ، اهذه عقول يرتجي منها فكرا وكتبا يهاجم صلاح الدين اذ قام بحرقه ، ام انه فكرا حراما النار اولي به.
واخير ا ياتي اصحاب الحضارات ليقولوا ان صلاح الدين ورجاله هدموا بعض صغار الاهرام ليبنوا قلعتهم . ولا ادري ما الذي يدفعهم لذلك امن قلة الاحجار .
من كان يمنعهم ان ارادوا ان يهدموا الهرم الاكبر ففي احجاره ما يكفيهم من تحطيم الاهرام الصغيرة توفيرا للمشقة وسهولة الانجاز ، ام هي محاولة لتاليب عشاق الحضارة الفرعونية وايغار صدورهم ضد واحدا من ابناء الحضارة الاسلامية.
قال التاريخ ان نقطة مضيئة قامت لهداية البشرية منذ ما يزيد عن الف وربعمائة عام من التاريخ فحملت المشاعل والهداية للعقول والقلوب وهي الحضارة الاسلامية.
مثلما قال التاريخ ان ثمة حضارة. قامت منذ ما يزيد عن سبعة الاف عام وحازت للبشرية تقدما في الفلك والعلوم
وهي الحضارة الفرعونية.
فلماذا ترمي الاخيرة بالتقدم والمباهاة ، ونرمي التي عقبتها بالتخلف والرجوع الي الوراء.
لم يكن صلاح الدين يوما ولن يكون ضريحا للتبرك ، حتي يشيعه اصحاب العلوم المادية بهالات القديسين ، فلم يذكر التاريخ انه قد تحلق حول شخصيته الاتباع والمريدين ، و ارتفعوا به الي مصاف الانبياء و المرسلين علي النحو الذي يرميه به شانئيه.
وانما ما نحسبه ، انه رجلا سطر التاريخ له انه قام في عصره بالتصدي لاخطار ، حدقت بامته بروحه وسلاحه ، مواجها لاخطار الاحتلال والاستعباد ، ثم واجه فكرا بفكرا وهذا غاية ما ترجوه اسمي الحضارات.
لقد عرفت فرنسا لقائدها نابليون ، عظمة فتوحاته ، و سطرت امجاده و جعلتها اوسمة علي صدورها ، وهو في ميزان الانسانية نجح في مواضع واخفق في كثير.
فما بالنا نبرآ من صنيع الرجل تمنت حضارات ان تولد له امثالا فتخلد اعماله و بطولاته فنونا وتماثيل.