نقدُ الناقدِ. مواطن العالم د. محمد كشكار

أ‌. ما هي التهم المتداولة الموجهة للناقد من قِبل المَنقودين؟

1. واقف على الربوة!

2. نقده هدامٌ و ليس بنّاءً!

3. لا يقدّم البديل لِما ينقد!

4. يذكر العيوب و لا يذكر المحاسن!

5. المتفرج فارسٌ!

6. مهنة مَن ليس له مهنة!

7. نضال صالونات!

8. لسان بلا عظم و قول بلا فعل!

9. لا يحترم وجهة نظر محاوره!

10. يتهرب من تحمل مسؤولية العواقب غير السارة التي قد تنتج عن أي إجراء، حتى لو كان إجراءً سعيدا في العموم، و يتملص من احتمال دناءة أسباب حدوثه التاريخية!

ب‌. دفاعا عن الناقد و عن نفسي بما أنني أعتبر نفسي بعد التقاعد ناقدا موضوعيا غير منحاز:

1. واقف على الربوة! و أين تريده أن يقف لو عشِق وضوح الرؤيا و حرِص على الإلمام بكل جوانب الخلل؟

2. نقده هدامٌ و ليس بنّاءً! و متى كان البناء يسبق الهدم؟ الهدم يؤسس للبناء على قاعدة صلبة.

3. لا يقدّم البديل لِما ينقد! و هل يملك الناقد البديلَ الجاهزَ وحده حتى يقدمه؟ البديل يُصنع و لا يُهدى، والنقد فردي و البناء جماعي.

4. يذكر العيوب و لا يذكر المحاسن! و متى كان الناقد مدّاحًا طماعًا أو شاعرَ بلاط؟ الناقد حرٌّ و مستقلٌّ أو لا يكون!

5. المتفرج فارسٌ! و كيف يصبح الفارسُ فارسًا إن لم يكن قبل ذلك متفرجًا مقلِّدًا؟

6. مهنة مَن ليس له مهنة! و هل النقد ليس مهنة؟ بل هي أنبل المهن. و أكبر النقادِ هم نقّادُ المعرفة أو علماء الإبستمولوجيا، هم ناصية علماء المخابر و حارسوهم، هم كّشّافهم و منير دربهم، هم العين الساهرة على سلامة طريق العلم و بدونهم لن يتعدّل و لن يتطور رغم أنهم لا يشاركون في إجراء التجارب العلمية. و مَن يمنح الدكتور شهادة الدكتورا؟ أليسو نقاده، أعضاء لجنة التحكيم؟ و كيف يصبح إبستمولوجي البيولوجيا ناقدا إن لم يكن مختصا في البيولوجيا؟ (إبستمولوجيا البيولوجيا هي اختصاصي الأكاديمي و موضوع رسالتي التي نلت بها ديبلوم الدكتورا بعد نيل الإجازة في البيولوجيا).

7. نضال صالونات! كل نضال فلاسفة الثورة الفرنسية في قرن الأنوار كان نضالَ صالونات ثم نقله الثوار إلى الشوارع و الساحات.

8. لسان بلا عظم و قول بلا فعل! و متى كان اللسان و المخ بعظم و متى سبق الفعل القول أو الفكرة؟ المخ يفكر و العضلات تنفذ. و مَن اختار محاكاة المخ في ربوة الجسم ليس كمَن اختار العضلات في الأطراف. و عند الاقتضاء يقطع المخ الدم عن أطراف الأطراف و يضحي بها من أجل المحافظة على المركز، أي الجذع و الرأس.

9. لا يحترم وجهة نظر محاوره! يعطيه الصحة، و هذا ما هو مطالب به بالضبط، أي تفنيد و تكذيب وجهة نظر محاوره، لكن في المقابل وجب عليه احترام شخص محاوره و التضحية من أجله لكي يعبر بكل حرية عن رأيه المخالف.

10. يتهرب من تحمل مسؤولية العواقب غير السارة التي قد تنتج عن أي إجراء، حتى لو كان إجراءً سعيدا في العموم، و يتملص من احتمال دناءة أسباب حدوثه التاريخية! العامل المنفذ يُسألُ عن عواقب أعماله و يُحاسَب عليها، و الناقد المفكر يُسألُ فقط عن أفكاره و لا يُحاسَب على تنفيذها من قِبل الغير، و إلا لَسُئل الإسلام عن أخطاء الإسلاميين و ما أبشعها اليوم من داعش إلى بوكو حرام، و القومية و الشيوعية عن أخطاء القوميين و الشيوعيين و ما أفظعها أمس من هتلر إلى ستالين!

إمضاء م. ع. د. م. ك.

يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد الهدام المفيد.

لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.

تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الثلاثاء 27 أوت 2014.