أتعلم يا صديقي ما هي المهزلة الحقيقية في هذه الحياة ؟ إنها القيود التي لم تُخلق مع البشر إنما اختلقوها هم ليبرروا لأنفسهم قصورَهم في مجالاتٍ عدة كالطب مثلاً اخترعوا ما يسمى بالأخطاء الطبية في مجتمع ما اخترعوا ما يسمى بالطبقة الراقية وما يسمى بالطبقة الكادحة كاسم خفي لأُناسٍ استعبدوهم ليعملوا ما ليسَ بمقدور هذه الطبقة الراقية عمله ! أما بالنسبة للعلاقات الاجتماعية فإنهم أدهى وأمر فقد استخدموا ما يسمى بثقافة " العيب " ونسوا ثقافة الدينِ و الوازع الشرعي الذي يجب أن ينبضَ في كل فعلٍ نفعله وفي كل نفسٍ نتنفسُه ، فمنذ متى يكونُ المجتمع له سلطةٌ أقوى من سلطة الدين و الشرع ؟! 

وكيفَ يتحكم بحياتنا بخروجنا و بدخولنا من مكانٍ لمكان ، نحكم باسم العادات و التقاليد على فتاةٍ بقلةِ الحياء على أقلِ فعل دونَ أن نوضحَ لها الأسباب ، و نحكم على الشباب بإنهم العنصر الأقوى و الذي لا يُخطئ! وما أقوله ليسَ معمماً على جميعِ المجتمعات والأفراد فالحمدلله لا يزال البعض ينبضُ فيه الأصل وهو القرآن الكريم . 

ما أحاولُ الوصولَ إليه و أطرافُ الخيط الذي أحاول تجميعه هنا هوَ أن الحياة مليئة بالتحديات و المشاكلِ اليومية التي تتطور بتطور الزمن وبعض المفاهيم التي كانت سائدةً في زمنٍ معين قد تختلف باختلاف الظرف الزمانيّ و المكانيّ فلا ينبغي لعاقل أن يُحَّكِمَ واقعين مختلفين في الزمان بنفس المعايير و المقاييس ! 

ومن المقولات المشهورة والتي تُنسبُ في أصح ما قرأت لسقراط : " لا تكرهوا أولادكم على آثاركم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم " 

وهذا لا يعني بالضرورة الأخلاق الثابتة كالصدقِ و الإخلاص و الأمانة ...الخ . بل بمجمله يعني التصرفات الفردية في التعامل مع المعضلات اليومية  .

وبهذا المفهوم و بتطبيقه نستطيعُ الوصول لجيلٍ جديدٍ بعقلية متفتحةٍ مستقيمة قويمة تقومُ على أساسٍ نبيلٍ لا يستدعي الخوف من هذا الجيل كما نسمعُ من كثيرٍ من كبارِ المجتمع كأساتذةِ الجامعات و بعض الآباء ، فإنَّ هذا الجيل يختلفُ بدرجاتٍ عن جيلكم و توقعاتكم منه بان يلتزم بنمطية تربيتم عليها لا يكونُ الحل ! بل إنه بحاجةٍ لدعمكم وثقتكم فيما يقومُ به فإن فعلتم أحسنتم لهم ولكم ولأجيالٍ قادمةٍ من بعده .