في الواقع أنا حزين، ولا أعتقد أن هناك وقت ملائم أكثر من هذا لأكتب فيه، فلا يفل الفوضى الداخلية إلا محاولات التنظيم، ولا ينظم العقل إلا بالتعبير عما في داخله..
لنتحدث..
كثيرا ما كنت أقرأ اقتباسات حكماء عن الزهد وعلاقته بالمرغوب، والزهد-المتفق عليه-هو استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب، آي لا تلمك شيئا، ولا يملكك شيء.
وقد عرف الإمام أحمد الزهد قائلا:
"الزهد في الدنيا: قصر الأمل."
والزهد بالمرغوب هو عدم الاهتمام به، وهنا قال بن القيم:
"القلب مثل الطائر، كلما علا بعد عن الآفات، وكلما نزل احتوته الآفات."
وقال شمس التبريزي:
"تبتعد الأشياء عنك بقدر حاجتك لها، وتقترب منك بقدر زهدك فيها."
وكلما قرأت الكثير والكثير من الاقتباسات عن هذا الموضوع، ازدادت التساؤلات، ومن ضمنها..
كيف أزهد؟ لمّ أزهد إن كنت أرغب؟ لمّ تأتيني الأشياء في الوقت الذي أهجرها فيه؟ آي تأتيني بعد أن أملّ من تمسكي بها..ألاهتمام بشيء يعود بالخطأ؟ ألحياة عنيدة الى هذا الحد؟
واستمرت التساؤلات حتى قابلت المقولة الأقرب إلى قلبي..
أمور كثيرة نرغب فيها، تلك هي الحياة..مع كل خطوة تخطوها تتشكل رغبات جديدة، نحو شخصيات وأحلام ومكنونات..
تعيد تدوير شتاتك بغية في أن تكون قطع بناء لشخص جديد..
أمور منها تحققها وتبتسم ثم تحمد الله، وأمور منها لا تحقق ولو بعد حين..
تقترب من أشخاص، تتمناهم، فتعود خائبا..وهناك، تقترب من آخرين فتتحقق آمالك، والأمر مفعل على الأشياء..
فليست العبرة في الأشياء والأشخاص، بل العبرة في أسلوب التقرب ذاك..
الزهد هو ألا تملك شيئا، ولا يملكك شيء..
لا تبتعد عن الأشياء، بل ازهد فيها..اجعلها تحت سقف تقوى الله..
التوقيع
-
Mahmoud Gawishمحمود صلاح جاويش، من مواليد 12/4/1996 في مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، أدرس هندسة الحاسبات بجامعة الاهرام الكندية..كاتب شاب، كان لي رواية بعنوان "كازانوفا والفصول الأربعة" عن جريدة الجمهورية، وقصتان قصيرتان بعنوان "ليلة في ا ...