فن القيادة... في الفضاء المدني - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فن القيادة... في الفضاء المدني

مقال تلخيصي لمقررات مساق فن القيادة في معهد الفضاء المدني CSI

  نشر في 10 أكتوبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

مقدمة:

جاء هذا المقال للحديث عن المساق الموسوم بفن القيادة، والذي كان مقررا دراسيا ثانيا في معهد الفضاء المدني CSI المختصر للكلمات الانجليزية » « civice space institute عبر البوابة الإلكترونية ،https://www.schoology.com في ثمانية أسابيع تفاعلية متتالية بداية من 27 أوت إلى 21 أكتوبر 2018، حيث يحتوي هذا المساق على سلسلة علمية قيمة ومتنوعة بين القانون و المعارف الأكاديمية والقصص الواقعية والاستنباطات من عالم الحيوانات والإحصائيات العالمية والندوات والمحاضرات العامة والعلمية المهتمة بالقطاع الثالث، ولتفصيل أكثر في ما جاء به هذا المساق والاستنتاجات التي نستمدها منه نعرضها وفق المنهجية التالية:

1- الجنب الشكلي 2- جانب المضمون

I. الجانب الشكلي:

بدأ هذا المساق من 27 أوت ويمتد إلى غاية 21 أكتوبر 2018 عبر البوابة الإلكترونية schoology أعلاه، أين تم تقسيم المساق إلى ثمانية أسابيع متتالية، يلتزم من خلالها الأعضاء المتدربون بالتفاعل الأسبوعي و اليومي بعد قراءتهم للمواد العلمية المصاحبة لكل أسبوع، والمشاركة بأفكارهم وما استنبطوه من هذه المواد وفقا لثلاث مناقشات ومهمتين وسؤال للجميع. وبداية من الأسبوع الثالث تم إدراج ارشادات لإنجاز المهمة الختامية لكل متدرب والتي على أساسها يتم تصنيف و تكريم المنجزين و المتميزين.

تميزت مشاركات المتدربين بين الممتاز و الجيد و الحسن و الضعيف، فالممتازين هم من استطاعوا أن يتفاعلوا بشكل إيجابي في جميع الأسابيع من خلال اطلاعهم العميق على المواد المقررة في كل أسبوع و تنفيذ المهام بكل منهجية علمية وبمشاركات بناءة توحي للقارئ بأن الذي كتبها درس جيدا المواد المقررة واستنتج الاجابات، أعطى من خلالها نماذج تطبيقية لتنمية المجتمع المدني أو لإزالة لبس كان يكتنفها، في حين سجلنا مشاركات البعض الآخر بتعليقات أكثر برغماتية.

كل المواد كانت شيقة و شائكة، شيقة لأن بعضا منها يصف بعض الحيوانات ويسرد بعض القصص الرائعة والتجارب الهادفة والمقالات المحكمة، يستمتع كل من يقرأها أو يشاهدها. وشائكة لأن الغرض من عرض هذه القصص و الفيديوهات و المقالات ليس اعتباطيا و إنما لمحاولة استنتاج واستخلاص المفاهيم المتضمنة فيها وتطبيقها على منظمات المجتمع المدني، وهذا لأمر ليس بالسهل و إنما يتطلب التركيز و الاجتهاد والقدرة التلخيص وبراعة التطبيق على هذه المنظمات وقادتها.

تميز هذا المساق بأوله من عقد للمتحاور الذي تحدث عن السلوكيات العلمية و الأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها كل المتدربين في كتاباتهم وتعليقاتهم و تفاعلاتهم مع بعضهم، لينتقل إلى فضاء التعريف والترحيب أين تتلاقى الأسماء و الهوايات ومجالات الاهتمام والوجهات والجهات، فنُسِج بذلك شجرة من المتدربين يجمعهم هم واحد وهو النهوض بالدول العربية من مدخل الطاع الثالث. وليختتم هذا المساق بمهمة ختامية تهدف إلى معرفة درجة صقل كل ما تم تعلمه في قالب مقال أو فيديو أو ورشة تدريبية بغرض نقل المعرفة المكتسبة.

II. جانب المضمون: بين ثنائية (منظمات المجتمع المدني و القيادة)

1- يتيم الشخصية الاعتبارية و الأحمق المطاع: حيث تم في أول مناقشة مطالبة المتدربين اسقاط ما جاء في محتوى فيديو كرتوني جميل جدا يتحدث عن أكل مال اليتيم على الشخصية الاعتبارية للمنظمة التي ينتمي إليها كل متدرب، ويعتبر هذا كمقدمة مهمة للولوج إلى مفهوم القيادة في منظمات المجتمع المدني ذلك لأن تسييرها يختلف تماما عن المنظمات العامة و الخاصة، لتأتي المهمة الأسبوع لتداول الشخصية القيادية المثيرة للجدل وهي " الأحمق المطاع" و التي تنطبق في عصرنا الحالي على الكثير من المسؤولين في الدول السائرة في طريق النمو في كافة المستويات لأنها عادة ما تمثل ذلك الشخص صاحب النفوذ أو المال أو السلطة ولكنه يتصف بالحمق في قراراته و أفعاله و ممارساته لكن الغريب أن المحيطين حوله يتبعونه بسببين هما الخوف والمصلحة الشخصية.

2- القائد المتحدي:

- تحدي الوقف: يعتبر مفهوم مؤسسات المجتمع المدني اليوم موافقة لحد بعيد لمفهوم الوقف تاريخيا خاصة في الحضارة الاسلامية، فبالوقف تحصل الموارد و تتعدد و تتنوع الغايات والأهداف، ورأينا من خلال شروحات المواد العلمية المرفقة بأن الوقف هو القطاع الثالث في الحضارة الاسلامية رتبة لكن هو الأول مرتبة لما كان يحقق من نفع عام ومتنوع لجميع المجتمع، فالتعليم والصحة والدين هم القطاعات الاستراتيجية الثلاث التي كانت تمول عن طريق الوقف، لأنهم كانوا يدركون آنذاك أن هذه القطاعات الثلاث إذا ما قامت بها الدولة فستشكل البيروقراطية الإدارية معرقلا حاسما يحول دون تحقيق أهدافها ، و بالتالي مسألة الوقف مسألة حرية شخصية وواجبات مواطنة فردية وجماعية، وعليه الأمة العربية اليوم بأمس الحاجة للوقف حتى يقوم بنشاطه في تمويل المشاريع المجتمعية خاصة المشاريع التي تنمي الفرد صحيا و عقليا و بدنيا و روحيا، و ينبغي أن يكون عبارة عن منظومة متكاملة مستقلة يتفرغ لها علماء ومحسنين ومتطوعين في إطار تفاعل مهاراتي و تسييري جيد و محكم وتوسيع دائرة المشاركة فيه و التسويق و الدعاية له حتى يظم أغلب افراد المجتمع.

- تحدي الحصول على الموارد من مخيريق: وهي القصة الثابتة تاريخيا عن الحاخام اليهودي مخيريق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أوصى بّأنه إذا قتل في أُحد فإن حدائقه ستعود إلى محمد، وبقياس هذه القصة على مفهوم الحصول على الموارد لمنظمات المجتمع المدني تم اسقاط حيثياتها على الجهات المانحة والآخذة والعلاقة بينهما، والحقيقة أن هذه القصة تنطبق مع المبدأ السادس من المبادئ الدولية التي تحمي المجتمع المدني التي تنص على الحق في التماس الموارد وتأمينها في إطار معايير واسعة من مصادر قانونية داخلية وخارجية؛

- تحدي المجتمع المدني بين فهم الناس والوقف الخيري: يمكن لفعاليات المجتمع المدني أن يتحدوا تلك الظروف البيئة خاصة في البيئة الخارجية لمؤسسات المجتمع المدني من ظروف اقتصادية و قانونية و سياسية وجهوية التي تعيق عمل الجمعيات في أي بلد و تضيق على الكثير منهم و على أفرادها، يمكن أن يتمثلوا تلك الشخصية القيادية المتحدية التي تمكنهم من تجاوز تلك الظروف، و ذلك من خلال المثابرة المستمرة؛ بناء علاقات مع كل أطياف المجتمع خاصة مع الذين لديهم نفوذ كبير في المؤسسات الرسمية حتى تستخدمهم كجهاز حامي لعملها، استقطاب عدد كبير من الجماهير فبالجهود يتحقق المقصود، توسيع دائرة النشاط، عدم الخضوع لأي مساومات مهما كان مصدرها، ابراز قدرات تلك الجمعيات و الأفراد الناشطون فيها حتى يتبين لجميع المجتمع و الدولة بأن منظمات المجتمع المدني وجدت لتنجز وتساهم في التنمية من خلال تنفيذ وحماية الأوقاف.

- تحدي الخريطة التفاعلية الحرارية: بالعودة إلى الخريطة وملاحظة تطور عامل حقوق الملكية نجد أغلب الدول العربية سجلت أرقام متدنية، ويعتمد في هذا معايير موضوعية مندرجة في الخريطة التفاعلية الحرارية، وجاءت هذه النسب الهزيلة في الدول العربية لتعبر عن حجم الفساد و غياب العدالة، وأن معظم الأملاك هي للدولة وغير مستغلة استغلالا يخدم البلد في حين نسجل العكس في دولة أخرى خاصة تلك المتطورة حديثا مثل سنغافورة. والهدف من هذا معناه أنه كلما كان هذا المؤشر مرتفع فهذا يمكن منظمات المجتمع المدني من حقوقهم في ملكية بعض الموارد لتسيير شؤونها خدمة لأهدافها و سينعكس ذلك على البلد ككل بمعنى أنه إذا كان هذا المؤشر مرتفع فهذا يدل على أنه أي جمعية تستطيع أن تبحث عن أوقاف أو هبات أو وصايا لصلحها تستخدمها في تغطية و تنظيم و تسيير نشاطاتها، و إذا كان هذا المؤشر منخفض فهذا يدل على العكس، و هذا ما لاحظناه في دول عربية عديدة ظهر أكثر في تأميم العديد من الممتلكات سواء الشخصية منها أو تلك التي في حوزة بعض الجمعيات العريقة لصالح الحكومة.

- تحدي الحق في التملك: الغريب أن كل دولة عربية يوجد في قوانينها حق الجمعيات و منظمات المجتمع المدني في امتلاك الموارد، لكن يبقى هذا حبيسا بين دفتي القوانين إلا في حالات استثنائية لبعض الجمعيات المحسوبة على الجهات الحكومية، وهذا لعمري ينقص من فعالية هذه الجمعيات، و بالتالي ينعكس سلبا على تنمية المجتمع.

- تحدي المرأة بين الوقف و المجتمع المدني: شجرة الأوقاف، شجرة ممتدة الجذور، زرعت بتشريع رباني، ونمت بتطبيق نبوي، وانتشرت بامتثال خيري، وتوسعت باجتهاد فقهي، فكان للنساء نصيب من الوقف كما كان للرجال، وأوقاف النساء على وجه الخصوص كثيرة وفيرة، تعود شجرة الإسهامات الوقفية النسائية الأولى إلى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فهن أول من أوقف من النساء، بل وتؤول أول إدارة نسائية للوقف إلى أم المؤمنين السيدة حفصة رضي الله عنها، التي عهد إليها الخليفة عمر بن الخطاب بمهمة الإشراف على أوقافه بعد وفاته. وانتقل عبر العصور ليمتد إلى مدن شمال إفريقيا من المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر والسودان و كذلك إلى دول المشرف العربي ودول الخليج ...إلخ، ويعود الوقف بحسب ما يقول الفقهاء إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له". وهو الحديث الذي يتأسى ويتأسس عليه الوقف عموما. ومن الجدير بالذكر أن "أحكام الوقف" التي تقعَّدت في كتب الفقه لم تميز بين الرجل والمرأة، بل كانت ترد فيها روايات عن مشاركة الصحابيات في "الصدقات الأولى"، وهو ما حفَّز المرأة المسلمة حيثما وجدت للإقبال والمساهمة في الوقف في الدول الإسلامية التي تشكلت في العالم الإسلامي وهو ما ميز مشاركة المرأة في الوقف حيث كن يضعن كل أموالهم وممتلكاتهن ابتغاه وجه الله والدارة الآخرة والفوز بالجنة .ومنه يتضح أن دور جمعيات المجتمع المدني ينبغي أن يركز على الحث على إعادة دور الوقف في تنمية وتقدم المجتمعات ويذكر بسير الصحابيات الجليلات ومن تأسى بهن من النساء حتى يعاد للوقف مكانة ويعاد إحياء العمل به. "مشاركة مهدي السليماني في معهد الفضاء المدني بتاريخ 7 سبتمبر 2018"

3- القائد المشجع:

- هشاشة الدول بين شح الموارد وحواجز الحصول عليها وانقسام نخب المجتمع المدني: تعود أسباب هشاشة الدول إلى سبين رئيسيين تتفرع منهما العديد من الأسباب الجزئية وهي: 1 وجود عقبات و حواجز تحول دون الوصول إلى الموارد. 2 تصدع بليغ و انقسام كبير بين نخب المجتمع المدني. ولقد ثبت عبر التاريخ قديما و حديثا أن هناك العديد من الدول لا تملك موارد كبيرة سواء مالية أو باطنية، و في المقابل، العديد من الدول تملك هذه الموارد، لكن المفارقة العجيبة أن الأولى استطاعت أن تحتل مكانة مرموقة اقتصاديا و اجتماعيا وثقافيا، والثانية احتلت كذلك مكانة مرموقة في التخلف والانحطاط، وهذا راجع إلى السبب الأول الذي ذكرناه آنفا وهو وجود عقبات و حواجز تحول دون الوصول إلى الموارد، و المسؤول الأول عن ايجاد تلك الصعوبات والحواجز هو الحكومة أو النظام الذي يحكم ذلك البلد، بحيث وبسبب سياساته الفاشلة في تسيير شؤون البلد واتباع نظام بيروقراطي يعرقل السير الحسن للمرافق العمومية والتبعية الأجنبية في استخراج و استغلال الموارد وغياب نظام قضائي عادل يحارب كل أشكال الفساد الإداري و الظلم المجتمعي ونشوء صراعات بين تيارات النظام أو بين جهات معينة ذات النفوذ العالي في ذلك البلد بحيث يحاول كل واحد منهم أن يستغل أكثر الموارد للمصلحة الشخصية ولو يُسوَّق لذلك على أنه مصلحة عامة . و الحقيقة أن هذا هو الذي ينتج السبب الثاني و هو تصدع و انقسام نخبة المجتمع المدني، فتأثير السياسيين كرها و طوعا على النخب لا مفر منه بحيث الواقع السياسي يفرض بيئة ما للتأثير على النخب إما بشراء الذمم أو بالمساومات أو بالإغراءات أو بالإكراه للنخب. حيث يحاول أن يفرض على البعض منهم التسويق لمشاريعه المنحطة بواسطة هذه النخب، و هنا يحدث انشقاق كبير بين النخب فيتحول الصراع بينها من النخبوية " الذي يعتمد على العلم و المجادلة بالحكمة" إلى الشعبوية " خدمة للأجندة السياسية أو الجهوية" و بالتالي يحدث شرخا كبيرا في المجتمع، و عدم الاستغلال الأمثل للموارد والعجز عن إيجاد موارد.

إن أسباب تقدم الأمم هي العلم و العمل به، فمحاكاة العولمة، و الاعتماد على الثروة البشرية و العقل المفكر، وانتهاج مبدأ الكفاءة كمبدأ رئيسي لتقلد المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية و منظمات المجتمع المدني، ووضع مناهج تعليمية حديثة تتماشى مع التطورات العالمية الحاصلة، و إعطاء المعلم و الأستاذ وحامل العلم الأولوية و الاجتهاد أكثر في بناء هذه الفئة علميا و قياديا هو الذي يحدث نقلة نوعية في أي بلد ينشد التطور و التحضر، لأن المعلم و الأستاذ و المربي هم الذين سيعكفون على بناء الأجيال الصالحة و العاملة، ويبقى دور الحكومة هو التسيير و التيسير و التبسيط و المرونة و فتح الأبواب و خلق الفرص والمساعدة على الانجاز والاهتمام بالكفاءات، و انتهاج نظام تعليمي جيد، لأن التعليم هو الفعل الاستراتيجي الأول لنهضة الأمم وتقدمها، وتخلي الحكومة على النظام البيروقراطي في تسيير المرافق العمومية و عليها ضمان الشفافية و النزاهة والمراقبة الفعالة،  واتباع نظام قضائي عادل لمحاربة كل أشكال الفساد على جميع المستويات.

- العقبات القانونية ضد المجتمع المدني في الحصول على الموارد في الميزان: إن الحصول على الموارد خاصة الأجنبية منها في نظر الدول الهشة و حتى بعض الدول المتطورة أنه يخدم أجندة خارجية و مصالح معينة الغرض منها التضييق على الدولة نفسها، أو ضخ ثقافات معينة في ذلك البلد، أو لأغراض أخرى ذات رعاية دولية؛ السلاح الثاني: أن التمويل الأجنبي للجمعيات يساهم من دون شك في تغطية تكاليف الجمعيات بل حتى يساهم في التأسيس القوي لها فالموارد المادية هي أحد المكونات الرئيسية للنهوض بالقطاع الثالث، بل و بدونه هذا القطاع لا يمكن أن يخدم مصالحه إلا بالمال وقد يساهم في تحسين ظروف معيشة المواطنين لأنه يضمن لهم موارد يسترزقون منها، وفي رأينا الشخصي: من المفروض أن أي دولة لا تحضر التمويل الأجنبي للجمعيات، و الذي يصدر من جهات معروفة لكن بشرط على الدولة مراقبته من المنح حتى الانفاق في إطار اتفاقيات بين الجهة المستفيدة و الجهة المانحة، و تبقى الدولة كحارس على هذه الاتفاقية بين الطرفين. وهذه الموارد تساهم في حركة الأفراد داخل البلد خاصة في تلك التي ترعى لاجئين، ثم إن استثمار تلك الموارد في شكل استثمارات خارجية مباشرة أو غير مباشرة من شأنه أن يحدث توازنا في الميزان التجاري لأي بلد و بالتالي زيادة في مستوى الدخل القومي، وبهذا الانفتاح يمكن لأي دولة أن تبعث برسالة هادفة من خلال اتباعها هذا الإجراء إلى المستثمرين الأجانب على الولوج إلى هذا البلد والاستثمار فيه وهذا يساهم في التنمية الاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة و يسمح للجمعيات من ممارسة نشاطاتها بشكل جيد.

- تراثنا المجيد كأداة فعالة لتشجيع القائد لمعاونيه: إن تراثنا الزاخر بالقيم المعنوية والإنجازات المادية بني على أساس متين نابع من رب السماوات و رسول العالمين وحول إلى واقع عملي ومنهج حياة في مسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وازداد ثراء في عهد الخلفاء الراشدين وفي عز الدولة الاسلامية الحضارية، وظهر في معالم الطب والاقتصاد والثقافة الاسلامية التي ابهرت العالم آنذاك، غير أنه بفعل خارجي متعصب نتيجة عامل الدين "اليهود و النصارى" و عامل داخلي الوسوسة والنفاق واتباع الهوى و المغريات، قد اسقطت تراثنا في فخ التخلف و شهد محاولات تزييف وتقتير و تمزيق ؛ و لأنه مبني على أسس متينة يستطيع أن يكون صالحا لأي زمان مع إجراء بعض التعديلات، و من أجل الاستفادة من تراثنا لبناء حضارتنا يجب أن نفعل الآتي:

أ‌- التجميع و التنقيح: وهو اعتكاف مجموعة من المهتمين بالتراث التاريخي لأمتنا وتجميع كل مضامين عناصره المادية وغير المادية، وتنقيحها (لأن جزئا من تراثنا إما هّمِّش أو تم تغيير جزء منه قصدا)؛

ب‌- التكييف: تكيف التراث التاريخي الديني والقيمي مع الواقع الحالي لأمتنا وعالمنا؛

ت‌- النشر والتبليغ: وهو إدراج هذا التراث المنقح في المناهج التعليمية و الجامعات؛

ث‌- التثمين: وهو بناء مراكز متخصصة للحفاظ عليه ونشره في المجتمعات وتحسينه باستمرار بما يتوافق مع عصرنا.

- ملامح قيادية من قصة أبي الدحداح: نستنتج من القصة العديد من المفاهيم التي تنطبق على القيادة وهي: التفاوض، احتواء المشكلة، التشجيع و التحفيز، استماع القائد، التأكد من المعلومات، ايثار القائد، قوة التأثير، المصداقية "الصدق و الأمانة"، الثقة بين القائد و الاتباع، مبدأ الشورى، الطموح و المغامرة، الحرص، مبدأ الاحترام؛ وللتفصيل أكثر في هذه المبادئ نحيلكم إلى الرابط التالي https://www.rqiim.com/hadjou-youcef/%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%AD-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B5%D8%A9

4- القائد الممكن: حيث حاول هذا الأسبوع بانتهاج أسلوب القائد الممكن الذي يمنح مساعديه المشاركة الواسعة والصلاحيات المهمة و يفوض لهم بعض الأمور، و تسليطها على منظمات المجتمع المدني خاصة في مبدأ الحصول على الموارد، إذ يجب على الدولة أن تكون ممكنة لهذه الجمعيات في تفويضها لبعض المجالات حتى تساهم بشكل فاعل في الحصول على الموارد من خلال تشجيع ومساهمة منظمات المجتمع المدني في حل مشكلة البطالة وهشاشة الاقتصاد: وخلق المجتمع المدني يساهم في قضايا الشأن العام، وهذا يعني أن الجمعيات و المنظمات غير الحكومية الناشطة في حقل الشأن العام (الاجتماعي، الثقافي، الديني، الاقتصادي، الخيري و الانساني، الحرفي ...) كلها تمس الشأن العام لأنها مرتبطة بالحياة اليومية لأفراد المجتمع وفق مبادئ المشاركة الديمقراطية و التعاون و المساءلة و الالتزام و المسؤولية المجتمعية وهذه الممارسات إذا ما تمكن منها قادة هذه الجمعيات و الهيئات غير الحكومية وحولوها إلى مشاريع ليقدموها إلى المجالس المنتخبة أو حتى المؤسسات الرسمية يمكن لها أن تساهم بشكل فاعل في خلق فرص عمل و التقليل من هشاشة الاقتصاد من خلال النقاط التالية:

• يمكن للجمعيات أن تقوم بإعداد مشاريع قوانين تقدمها إلى الجهات المعنية و تذكر فيها بنود تتحدث عن اتفاقيات بين المؤسسات الاقتصادية و الجمعيات و منظمات المجتمع المدني فيكون فيها مثلا: يمكن للجمعيات ان تستثمر وفق شراكة معينة مع أي مؤسسة اقتصادية وتوفر هذه المؤسسات مناصب عمل للمتطوعين وتكون الجمعية كشريك أساسي لهذه المؤسسات تسويقيا لمنتجاتها؛

• إذا أرادت الدولة أن تثري الحياة المدنية و أن تعمل على تثقيف الأفراد في الحقوق والواجبات وممارسة الحياة المدنية وفق القانون أو حتى لنشر مبادئ التعاون و التكافل و احترام الدولة، والمظاهر الخارجية كالنظافة العامة و غيرها، يمكن أن تستعين بمنظمات المجتمع المدني فمثلا تقوم الدولة بإصدار بروتوكولات عمل تمس هذه الجوانب التي ذكرناها وتتكفل الجمعيات بنشر هذه البروتوكولات في المجتمع على أن تضمن الدولة مناصب عمل في هذا الإطار؛

• يدخل في إطار الشأن العام تثمين الحرف والصناعات التقليدية، وبحكم أن الدولة ليست من مهامها اليومية هكذا أعمال فإنها يمكن أن تفوض هذا الأمر إلى منظمات المجتمع المدني وفق قوانين يتم إعداداها تشاركيا بينهما وتحدد صلاحيات كل طرف فيها و هذا من شأنه أن يخلق فرص عمل و بالتالي تضمن الدولة الحفاظ على تراثها؛

• يمكن أن تهتم الجمعيات في تفعيل الاقتصاد المنزلي، كما يمكن أن تهتم بضمان برامج تدريبية للموظفين الذين يشتغلون في المؤسسات الخاصة و العامة، وهذا من شأنه أن يخلق فرص عمل للجمعيات وأفرادها، و كذلك تحسين مردود موظفي هذه المؤسسات، ويجب على الجمعيات أن تعيد النظر في عملية الدعم المباشر مثل تقديم أموال وأغذية و أن تصيغه بالطريقة التالية: تخلق مشاريع استثمارية للمحتاجين ويكونون موظفين و بالتالي يتعدى ذلك من مفهوم الدعم المباشر في كل مرة إلى المساهمة في خلق موارد إضافية.

- وسط اشتداد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتنموية، ومحدودية قدرات القطاعين العام والخاص منفردين في التصدي، يتنامى دور “القطاع الثالث” الذي بات معروفاً بالجهود التي يقدمه على الأصعدة الاجتماعية و الثقافية و الاجتماعية وحتى الأخلاقية و الاقتصادية، و الذي يشقّ طريقه رسميا بتشريعات وقوانين سعيا للمزيد من الاستقرار وحسن إدارة الموارد وفرص العمل في الدول العربية، و هذه الأعمال والأنشطة التطوعية تتم وفق مبادئ وثوابت تتمحور حول المشاركة والمساءلة الذاتية والخارجية والحوكمة، والابتكار و التجديد والريادة في هذه الأعمال، و المشاركة بكل استقلالية، وحسب رأينا المتواضع جدا – حيث يتمحور دور القطاع الثالث حول خلق فرص العمل في الوطن العربي وبالعموم جعل الاقتصاد في خدمة الانسان وتلبية احتياجاته بدلا من تركه تقليديا في خدمة السعي لأعلى مستوى أرباح ومردودية استثمارات من شأنها زيادة النمو بغض النظر عن مساهمتها في تأمين التنمية المستدامة ويظهر هذا جليا في النقاط التالية:

• كون القطاع الثالث هو الشريك الأساسي للمؤسسات الاقتصادية في ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية، هذا الأمر يعطي الحرية والامكانية لمنظمات المجتمع المدني في استثمار تلك الأموال الناتجة عن المسؤولية الاجتماعية لخلق مناصب عمل؛

• أصبح القطاع الثالث اليوم لا ينظر إليه بالنظرة الاجتماعية فقط يسير بين ثنائية الأخذ و العطاء و إنما أصبح يسير بين ثلاثية ( الأخذ، الاستثمار ، العطاء)، وهذا من دون شك يساهم في خلق فرص عمل و تنميتها عن طريق الاستثمار؛

• كثير من منظمات المجتمع المدني في هذا العصر تقوم بتوظيف موظفين دائمين برواتب مقبولة حتى يقوموا ببعض الأعمال اليومية ، وهذا جزء مهم من خلق فرص العمل؛

• شهدت الدول العربية بداية من سنوات الثمانينات تحولات في سياساتها الاقتصادية من الاشتراكية إلى الرأسمالية، و كذلك صحوة مهمة في المجتمع المدني من خلال تأسيس الجمعيات و الاتحادات و النوادي و غيرها، هذا الأمر نتج عنه قوانين مهمة منها ما هو ايجابي و منها ما تعتريها بعض السلبية في جوانب معينة، ونتيجة لذلك شهد القطاع الثالث ممارسات اجتماعية و اقتصادية مهمة، فالعديد من الجمعيات قامت باستثمارات في أموالها من خلال أوقاف تجارية تخلق من خلالها فرص عمل للمتطوعين و أرباحها تعود لخدمة المجتمع.

• يمكن للدول العربي أن تجد صيغة معينة لتفتح المجال أمام منظمات المجتمع المدني لإنشاء مؤسسات مصغرة أو ناشئة؛

- طائر الإوز نموذج للقائد الممكن: تقوم طيور الإوز بالتحليق في السماء على شكل مثلث بدون قاعدة ، حيث يوجد في الأمام إوز واحد ثم يتبعه اثنان على اليمين و على اليسار ثم يتبعهم اثنان آخران وهكذا دواليك، و  هذا يدل على:

• هناك رؤية واضحة لطيور الإوز و أنهم جميعا يسعون إلى أهداف مشتركة، فكذلك القائد عموما و القائد الممكن خصوصا عليه أن يسير باتجاه الرؤية الواضحة و الأهداف التي رسمها مع معاونيه، و أن يكون هو المبادر و في المقدمة؛

• يتضح كذلك من خلال رؤيتها وهي تحلق أنها منظمة بشكل فريد ودقيق ، وهذا ما يتوافق مع مفهوم الهيكل التنظيمي ذو الشكل الهرمي الذي يفسر وجود قائد في أعلى الهرم ثم يتم توزيع الصلاحيات و المسؤوليات وفقا لتخصصات معينة على المعاونين وهكذا، وبالتالي هناك توزيع للأدوار من جهة وتكوين و تدريبهم من جهة أخرى، فالقائد الذي يمارس تحديد الاتجاه و السير نحوه ويحفز الآخرين لاتباعه هو ممكن فعلا للقيادة، ثم إن تلك الصورة للطيور وهي محلقة تستنتج أنها متفاهمة و متناغمة ومتعاونة بينها و أنها تربطها روابط قوية، و أن هدفهم واحد عكس الطائر الذي يحلق وحده الذي يعبر عن الانفرادية أو السرب الذي يتفرق في طيرانه الذي يدل على عدم التفاهم و التجانس؛ تلك الصورة على شكل الحرف الأجنبي (V) أو مثلث بدون قاعدة تعطي لنا مفهوم عميق لروح الفريق وفعاليته في تحقيق الأهداف المشتركة بكل اقتدار و في أسرع وقت و ربحا لتكاليف الجهد و الوقت؛

• عندما يكونوا متحدين فهذا يدل على تحمل المسؤولية مع الصمود جميعا أمام الأخطار التي قد تحدق بهم، و هذا ما ينبغي أن يكون في القائد و معاونيه، ثم إن حكمة طائر الإوز تقتضي أنه عندما يحدث للقائد عائق يحول بينهم و بين مواصلة مسيرته القيادة لفترة مؤقتة أو دائمة أن يتراجع إلى الوراء و يسمح لمرور قائد آخر ليواصل مسيرة الاتجاه نحو الهدف.

5- القائد المتقدم: حيث تم التركيز في هذا الأسبوع الخامس على كيفية فسح المجال للشباب للتقدم والمشاركة في الحياة العامة: وحسب رأي يتم ذلك عن طريق، توسيع دائرة مشاركة الشباب في المجالس المنتخبة على المستوى البلدي و الولائي و الوطني؛ توسيع دائرة الشباب للمشاركة في تقلد مناصب عليا في الدول العربية؛ الابراز الإعلامي للوجوه الشابة التي نجحت في مجالاتها و التسويق لها باستمرار حتى تكون كنماذج يقتدى بها بعض الشباب؛ توظيف قدرات الشباب الابداعية توظيفا سليما؛ الاهتمام بالمتميزين في الجامعات و مدارس التكوين و البحث؛ عدم التضييق على الشباب القادة على الجمعيات و منظمات المجتمع المدني؛ مرافقة الشباب أصحاب الاستثمارات الصغيرة و المتوسطة و مساندتهم ماديا و تسويقيا؛ خلق فضاءات تجمع الشباب الناجحين (ملتقيات ، أيام دراسية، برامج تدريبية ...

- كما شاهدنا في هذا الأسبوع الخامس أغلب التبريرات الحكومية التي تحد من حق الجمعيات في الحصول على الموارد، خاصة تلك التي وجدت في نيجيريا و فنزويلا و روسيا، وهذا ما خالف المقرر الدولي بشكل عكسي،  على أن المنظمات المجتمع المدني يمكن أن تلعب دورا مهما في مكافحة الارهاب والفساد و تضمن وتساهم في سيادة الدول من خلال الصلة المباشرة التي تربط المجتمع المدني مع الناس، و الذي يظهر في شكل العمل الانساني و المساعدات المادية، والتقليل من معدلات الفقر وتحصيل مناصب شغل والمساهمة في الاقتصاد الوطني، و ترسيخ الثوابت الوطنية و غيرها، كلها أمور إذا قامت بها الجمعيات و منظمات المجتمع المدني من شأنها المساهمة الحقيقية في تحقيق الاستقرار على عكس ما تقول به بعض الدول.

6- القائد المتبصر:

- قيادة المجتمع المدني بالاعتماد على المبادئ ال 7 للنسر (النسر الطائر): المجتمع المدني من مبادئ القيادة السبعة عند النسر:

• النسر يطير وحيدا وعلى ارتفاعات شاهقة: إن القائد المتبصر يفكر بطريقة غير تلك التي يفكر بها بقية الأفراد، المحافظة على منظمات المجتمع المدني الهادفة و إصلاح الفاسدة منها، و الاهتمام بالقادة البارزين فيها الذين لهم إسهامات مهمة و كبيرة في تطوير المجتمع المدني؛

• للنسر رؤية ثاقبة: حيث يجب على القائمين على منظمات المجتمع المدني أن تكون لهم رؤية ثاقبة حول مستقبل المجتمع المدني،  ويجب أن تتمثل هذه الرؤية في احتلال المجتمع المدني المرتبة التي يجب أن يحتلها و أن يكون أبرز المكونات الثلاث للمجتمع الجزائري و أي مجتمع عربي وهي (القطاع العام، القطاع الخاص، وقطاع المجتمع المدني) في تقدم الدول العربية، و أن يمكن الاعتماد عليه في تحقيق التنمية الشاملة و أن تركز على هذه الرؤية دون الانغماس في العقبات و التهديدات الموجودة في بيئتها مثل العقبات الحكومية كتلك التي تحد من فعالية الجمعيات وتحد من المشاركة السياسية و المدنية للجمعيات، أو عقبات الظروف السياسية و القانونية و الأمنية التي تحيط بالدول العربية، أو العقبات الخارجية المتمثلة في التهديدات الخارجية و الاستسلام لمحاولات الاستغلال الاقليمية و العالمية لها؛

• النسر لا يأكل الأشياء الميتة و إنما يتغذى على الفريسة الطازجة: باعتبار منظمات المجتمع المدني نظام شامل يحتوي على مدخلات و معالجة و مخرجات و تغذية راجعة، هذا معناه يجب أن يحرص قادة هذا المجتمع المدني على المخلات الايجابية و الجيدة و تتمثل هذه المدخلات - تقابلها لدى النسر الفريسة الطازجة- ، في الموارد البشرية أي المتطوعين الفعالين و الناضجين فكريا و الذين تتوافق أهدافهم مع أهداف المجتمع المدني بالإضافة إلى الموارد المالية و المادية، حيث يجب على منظمات المجتمع المدني أن تنوع من مداخيلها مثل الاعتماد على المحسنين و التبرعات و البحث عن سبونسورينغ وكذا الاستثمارات الصغيرة و المتوسطة التابعة لمنظمات المجتمع المدني، و البحث عن تمويلات خارجية بضوابط قانونية إلى غيرها من الموارد المالية التي لها عدة أوجه و مشارب، بالإضافة إلى أن هناك أمر في غاية الأهمية يجب أن يتضمن في المدخلات وهو الأساليب الإدارية و التسويقية و القيادية و الإعلامية التي يجب أن تمارسها منظمات المجتمع المدني حتى تقوم بنشاطاتها بأداء جيد و كفاءة عالية و تسويق محترف لبرامجها و أنشطتها و مشاريعها؛ و هذه هي الفريسة الطازجة بمعنى أساليب و موارد بشرية ومالية أثبتت فعاليتها في تسيير هكذا منظمات ، بالإضافة إلى اعتمادها على الانجازات، و أن تبث هذه الروح في صفوف مناضليها وأفرادها العاملين معها و التخلي عن الروتينية و التقليدية في الأنشطة و الانجازات؛

• النسور تحب العاصفة: يقابلها في منظمات المجتمع المدني : عدم الخوف من العاصفة و مجابهتها بحزم : كثير من منظمات المجتمع المدني و صل بها الأمر إلى درجة الانهزامية النفسية بمجرد ظهور عائق أو مجموعة من المشاكل فتبدأ في الفتور والانحدار في مستوى أدائها، هذا الفعل غير محبوب لمنظمات تريد المساهمة في تطوير بلدانها، بل المنظمات التطوعية و منظمات المجتمع المدني التي أنشأت من أجل المساهمة في تطوير البلدان يجب عليها مواجهة والتصدي لكل العراقيل التي قد تحدق بها بحكمة و ذكاء و إرادة و دهاء، وأن تكون لها إرادة قوية لتحدي العواصف  وأن تعمل لذلك وفق تنظيم و تخطيط محكمين حتى تخرج من أزمتها.

• عندما تقابل انثى النسر النسر، تختبر مدى التزامه: في كل بلد عربي إلا و يوجد العديد من المنظمات التي تخدم المجتمع المدني ، و أجزم القول أن هناك فرق في تعامل الحكومات العربية و منها الجزائرية في التعامل مع هذه المنظمات، بمعنى آخر الحكومة الجزائرية مثلا تتعامل مع بعض الجمعيات الوطنية بطريقة خاصة و مميزة و بحذر شديد لأنها تحترمها و تقدر مجهودها في المجتمع و تعلم يقينا أن لها تأثير كبير في المجتمع، في حين لا تبالي ببعض الجمعيات الأخرى لأنها تدرك أن لها أنشطة قليلة وليس لها تأثير في المجتمع، إذا لما تدرك هذه الحكومات  بقوة منظمات المجتمع المدني فإنها تحاول أن تّكوِّن صداقات معها و أن تتعاون و تتكامل فيما بينها لخدمة أهداف معينة، و بالتالي يكون هناك مجال واسع لهذه الجمعيات في النشاط و خاصة في الحصول على الموارد، إذا فهي تختبر مدى التزام هذه المنظمات بأهدافها و القوانين المنظمة لها؛ من جهة أخرى ضروري جدا على قادة المجتمع المدني القيام بقياس أداء الأفراد وفق مبدأ المشاركة والتقييم، بمعنى أنها تمنح المجال لكل الأفراد في اعداد البرامج و تنفيذها ثم تحاول تقييم كل فرد على حدة حتى تعرف مدى التزام هؤلاء الأفراد؛

• النسور مستعدة للتدريب: يوجد في علم الإدارة ما يسمى بدورة حياة المنتوج فإذا طبقنا هذا المفهوم على منظمات المجتمع المدني يمكننا القول أنها تمر بخمسة مراحل و هي مرحة النشأة مرحلة الارتفاع مرحلة النضج مرحلة الانحدار ومرحلة الاندثار او النهاية، فعندما تصل أي منظمة في المجتمع المدني إلى مرحلة النضج فإنها تستقر فيها لمدة زمنية معينة ، وهنا يجب عليها البحث عن أساليب جديدة في تسييرها و على برامج أخرى تنفذها و موارد بشرية تقودها لتغير من نمط تسييرها و تبحث عن موارد مالية جديدة و إضافة لتمويل مشاريعها و أنشطتها، و هذا لا يتم إلا بالتدريب على هذه الأشياء أو الاستقطاب ، فإذا ما حصل هذا تستطيع الاستمرار و إلا فإنها ستدخل في مرحلة الانحدار و إذا طال بها الأمر لمدة عام أو عامين فإنها حتما ستصل إلى مرحلة الاندثار و بالتالي نهاية هذه المنظمة من الوجود، فالتدريب أمر في غاية الأهمية للحفاظ على مكانة أي منظمة و به يتحقق الاستقرار و التنويع في العمل و الكفاءة في الانجاز و الأداء وخلق ميزة تنافسية أمام الأقران؛

• عندما يكبر النسر يقوم بنتف ريشه لينمو من جديد: يمكن إسقاط هذا المفهوم على منظمات المجتمع المدني، و على قادته من خلال  تغيير نمط تسيير هذه المنظمات والبحث عن أساليب جديدة و أسواق عمل أخرى وموارد أخرى جديدة، و عدم التقيد بما كانوا عليه في السابق، و أن يتخلوا على بعض الأمور و الموارد البشرية التي لا تستطيع تقديم قيمة مضافة .

الخاتمة: لقد حاولنا في هذا المقال إدراج كل المفاهيم التي تم تناولها في الأسابيع الستة، وركزنا فيها أكثر ذات الأهمية ومقاربتها على ثنائية المجتمع المدني و القيادة، لذلك اخترنا عناوين قريبة جدا لهذه الثنائية، حتى يتسنى للقارئ الكريم معرفة أهم الملامح القيادية التي يجب أن تكون في منظمات المجتمع المدني، وللتوسع أكثر في هذه المفاهيم أنصحكم بقراءة المراجع التي كانت ضمن مقررات هذا المساق من خلال طلبها بوسيلة التواصل الخاصة بي البريد الالكتروني: yhadjouni@yahoo.fr



  • يوسف حجو
    يوسف حجو، دكتوراه في التسويق و الإدارة، وخريج المدرسة الوطنية للمناجمنت و إدارة الصحة ومدرب في التنمية البشرية، مهتم بالمجتمع المدني و العمل التطوعي وله عدة بحوث ومقالات ودورات وورشات في ذلك.
   نشر في 10 أكتوبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا