ما إن تتعدى الفتاة المغربية العشرينات إلا و قد تم شحن عقلها الصغير بالشروع في رحلة البحث عن عريس مناسب يرضي متطلبات أهلها و يشبع فضول مجتمعها...كل صديق...رفيق دراسة...ابن عم..ابن خالة...فهو حتما عريس مُحْتَمَل...تبذل كل قواها لتحقيق الوظيفة التقليدية التي خلقت من أجلها قبل أن تبلغ الثلاثين من عمرها... فتصبح حافلة بقوى الظلام و الإكتئاب التي تتخبط داخل جسدها بحرية و توجه ضرباتها المؤلمة...فَتُنْهِكُهَا تساؤلات الجارة المتطفلة: "فوقاش غانفرحو بيك.." " راك بديتي تكبري ماشاء الله. .هذا هو الوقت د الزواج" "واش مزال ماكاين شي واحد؟"...عبارات و أخرى تشكل قناعاتها في شَنِّ حملة أقوى لتسديد الهدف...تُعَزِّزُ أفكار التبعية لديها...ترفع من حدة هاجس الخوف من الوتيرة المتسارعة للتقدم في السن...فتدخل المسكينة في صراع مع نفسها و المجتمع فقط للعثور على ذلك المثالي الذي يحقق رغبات أهلها و يخضع لمعايير العريس المغربي"الهمزة"...يمنحها مهرا يفوق مهر ابنة خالتها...عُرْسٌ لم يشهد له الأقارب مثيلا...المختصر أن يملك جميع المقومات التي تجعل منها حديث الساعة في حَيِّهَا...عزيزتي... و ماذا بشأن أخلاقه؟ دينه ؟ أَ يروقك أم لا؟ أَ يتوثر فؤادك حين رؤيته؟ أَ تتبعثر كلماتك ؟! أَ وَقَعَتْ مَحَبَّتُهُ فِي قَلْبِك؟ ...متى ستتزوجين؟ أم من ستتزوجين؟ ..ما الأجدر بالإهتمام يا ترى؟؟!!
كوني أنتِ..لا أمك..و جارتك الحِشَرِيَّة...ما أنتِ بِجَسَد ٍفارغ يستقبل كل ما وُجِّهَ إليه دون روح و عقل يحلل..يناقش...ينتقي ما يناسبه...و يستغني عن ما يعارض قناعاته...لا تتمادي في دور ضحية المجتمع المفعول بها دائما. ..لا تُمَرِّرِي ملامح هذا النمودج المادي لطفلتك...اجعلي منها مرأة مثقفة حتى تتمكن من تربية أجيال غير جاهلة و تشارك في الدعوة و إصلاح المجتمع...لا مرأة سطحية سقف تطلعاتها لا يتجاوز أحمر شفاه يُبْرِز حُسْنَها...لا تُزَوِّجِيها إلا برضاها...عَلِّمِيها كيف تتصالح مع ذاتها...كيف تُنْشِئُ علاقة متوازنة مع المجتمع...و كيف تظل نظيفة لا تسقط منها مبادئها واحد تلو الآخر كلما قابلت عريسا محتملا ..فلا يحن وقت الحلال إلا و قد تلوث فؤادها بخطى عابريه...لَقِّنِيها كيف تكون مَرْيَمِيَّةً لِيَهَبَهَا الله نصفا يُوسُفِيًّا ...
إبنتي...و ما الزواج بِعُرْسٍ فخم..هدايا...بيت...أثات...و سيارة...و ما حلاوة كل خطوة إلا و قد حققتماها سويا...ما جمال أثات غرفتك إلا و قد اخترته برفقته...ما السيارة الفخمة إلا نكهة السعادة باقتنائها و أنتما معا...ما العظيم في تجاوز كل هذه اللحظات؟! ما المثالي في الاستمتاع بكل شيء جاهز دون استشعار لَذَّةِ أَدَقِّ تفاصيلِ الحصول عليه..!!!
إعملي جاهدة أيتها المغربية على جعل مبادئ ابنتك تنصب داخل فكر إسلامي معاصر متوازن...لا تجعليها لقمة سهلة للنمودج الذي يرغب العلمانيون في نَحْتِهِ وَ تَرْوِيجِه...و لا تجعلي منها مرأة مضطربة داخل منظومة فقهية شديدة الانغلاق و التَّحَجُّر...مسلمة هي...فاعلة في المجتمع. ..محكومة بالضوابط الشرعية. ..لا تَتَبَنَّى التحرر على الأسلوب الغربي الذي يجعل منها سلعة للعرض تُمْنَحُ لِمَنْ يدفع أكثر...و الأهم أن لا تغفلي عن شحنها بأخلاق التعامل مع يُوسُفِهَا :
طفلتي...فَلْتَعِيشِي تحت جَنَاحَيْهِ...فَلْتَجْعَلِي زمام أمورك بين يديه. ..أنثى أنتِ بين أحضانه...رجل مع غيره...جمالك بِيَدِ الرحمان...لكن أناقتَك و رُقِيَّكِ بِيَدِك...كوني له متبرجة في بيته...متحجبة خارجه...إملئي عينه...لا تتركي له وَ لَوْ فَجْوَةَ نَقْصٍ صغيرة تَدَعُهُ ينظر لغيرك...كوني له كل شيء...مطيعة...حنون...طيبة...و صاحبة رأي...كوني الصوت لا الصدى...تمنحين نفسك فرصة للنقاش و الإقناع لا الإمتثال لجميع رغباته فَيَنْفِي قناعاتك...توجهاتك...ميولاتك...بل و حتى آدميتك...كوني له مُسْتَمِعًا جيدا. ..لا تمنحيه فرصة لِيُفَضْفِضَ بهمومه لِغيرك...كوني أنتِ الكل في عينيه...السند..الأم...الأخت...الصديقة...الزوجة...و الحبيبة...إجعلي منه مُسْتَشَارَكِ الأول و الوحيد فذلك يُشْعِرُهُ بِرُجُولَتِهِ...كوني له أنثى نظيفة عَبَرَتْ ماضيها دون تلوث...فَلْتَجْعَلِي مريم العذراء قدوة لك أيتها المغربية..!^^
#قلم_أنثى