تقديم الكاتب ياسين بوزلفة لرواية من فلادو إلى موزارت - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

تقديم الكاتب ياسين بوزلفة لرواية من فلادو إلى موزارت

رواية للكاتبة والروائية التونسية أصيلة ولاية المهدية أميرة مبارك

  نشر في 14 أبريل 2024 .

مقدمةعامة:

القراءة ليست فعلا بقدر ما هي حالة تلبس بخيط رابط بين الباث والمتلقي، خيط شفاف رقيق لكن قوي عجيب يجعل من الروحين روحا واحدة، فتتجانس حينها المقاصد وتتوحد الأحداث الدافعة ليكون كليهما صانع لها متأثر بها حيث ينفعل الوجدان محفزا ولادة تأملات مستنجدة تتجاذب فيما بينها دلالة ومقصدا. <من فلادو إلى موزارت> ليس مجرد عنوان بقدر ما لخص صفحات الرواية وطواها في كلماته، هي الرسالة المتبادلة في غير زمان ومكان، ثابتة المعنى، أكيدة الوصول، شديدة الوضوح.. رسائل وصلت دون الإرسال قصدا. 

نظرة تحليلية: 

فك <فلادو> الشيفرة ليضع أخرى ويرمز بها، حيث <موزارت> الغائب حضورا والأكثر تأثيرا بغرائبية لم تخلو منها حياته كما مماته. كانت الأزمان متداخلة، حيث تندفع الشخصيات لصناعة الحدث والمضي قدما واكتشاف المجهول المستقبلي. كانت كذلك تسترجع ماضيها التي لطالما سعت للهرب منه ونجح هو في التجلي لها تذكرا وتقريرا.

الحاضر في الرواية:

 كان إعادة صياغة الماضي في حلقة مفرغة لا خروج من متاهتها مهما علت الإرادة وقويت العزيمة، كذا الحياة مفرغة إذا ما نظرنا إليها من خارجها دون التعاطي مع تقلباتها جوهريا. 

التراجيديا المحزنة:

 انعدام الأمل في صناعة خيط حياة ذاتي كانت حاضرة بقوة فبقدر الابتعاد عن الألم بقدر الاقتراب منه والاحتماء به من أمل زائف يخفي المكاره العظام. أما الشخوص هنا فقد أتت عارية لا تخفي ولا تدرك جدوى الاختباء، فكشفت بواطنها قبل ظاهرها، وكان التلميح أعلى من التصريح، حيث فقدان الشغف يؤسس لصورة حياة فينا، وينمحي الشعور بوخز الإحساس لاعتناق الحزن والأسى تبرؤا من صفاء الطفولة الغضة وتبرما منها. إشكال تعمم في جنبات الرواية لدرجة خلنا أن المخلوقات اشتركت فيها، فلا ينجو من الشرك إلا من سعى لفهم ذاته عن طريق الولوج في الآخر ضمن ثنائيات غير عددية تسمو فكرا وروحا دون تحديداتظاهرية.

الأزمة الوجودية والعدمية في الرواية: 

الطريق واضح.. أو هكذا يتهيأ للشخصيات التي تعيش فيه الضياع والخسران وخراب البنيان، لتكتشف أن التطفل الإنساني هو ما يجعل من الطريق طرقا يضيع الهدف فيها ويندثر، فتكثر الأطماع وتتأجج الأحقاد وتفني الذوات بعضها البعض من أجل <الأنا> في صراع حتمي لا ناج منه غير الخيال والإيمان بوجود العدم. كانت أولى أنفاس الرواية <تخيل معي>، هي دعوة مباشرة إلى الدخول في لب عالمها حيث تبني لبنات خيالها لتشاركك إياه بعجييه ومتغيره، فتحدد للقارئ انطلاقا من المشهد الخاص إلى المنحى العام أن الركيزة هي تبني الخيال والعالم الذاتي كحقيقة تواجه بها العالم الواقعي بثقله وغموضه رغم ما تتخلله من شذرات جمالية حذرة تظهر لتختفي وتزيد المتخيل تماسكا وتقلبا. إذ الدعوة إلى عيش لحظة روحية على رصيف طريق خال إلا من ضوء خافت وروح ضائعة داخل نفسها.

ختاما:

كانت الكاتبة تدرك وهي تؤسس إمارتها الإبداعية أن الكلمات لابد أن تكون غامضة بديعة، والمقاصد متهورة وديعة، لنسبح بذلك بين أحلام اليقظة وكوابيس الوعي، ذاك السفاح فينا الذي ما فتئ يقصف أحلامنا ويقصي أحبائنا ويعدم حماسنا. وكذا كان فلادو الذي ما فتئ يعيش دور الزعيم في عالمه المليء بالفراغ والضياع الأليم. 


أدعوكم أحبتي لقراءة الأثر البديع والتمتع بما يفعم به من معاني وأساليب جمالية.. 







   نشر في 14 أبريل 2024 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا