فى رثاء من تخطى الخمسين
الخمسينيات .. وما أدراك ما الخمسينات ! تبدو فيها كمن يرقص على السلالم تاركا وراءه عمرا بأكمله ؛ وأمامه سنوات تفر منه كالساعات !
نشر في 05 أبريل 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
الخمسينيات .. وما أدراك ما الخمسينات !
تبدو فيها كمن يرقص على السلالم تاركا وراءه عمرا بأكمله ؛ وأمامه سنوات تفر منه كالساعات !
وهاجس يلح عليه : أنت عجوز أكل منه الزمن وشرب . ولم تعد تلهيه سوى ذكريات هنا وهناك عن : أب أفنى حياته البسيطة وجرى جرى الوحوش ليربى أبنائه ونصيبه فى النهاية لن يحوش ؛ تاركا الدنيا غير أسف وهو فى ال56 من عمره ؟ أوعن أم أستلمت الراية من بعده ول30 عاما ويزيد ؛ لتكمل رسالته قبل أن تموت مهمومة بالزهايمر الذى أستوطنها ل3 سنوات كاملة ؟
أوتشغلك ذكريات من عينة : مرضك الأول أوحبك الأول حينما صدمت بالرفض بنعومة تشبه حد السيف ؛ لتنصرف مهموما باكيا فى حجر أمك !
شريط سنوات عمرك الذى راح وأنقضى يلح على خاطرك . بعضه يقول لك : أنت فاشل وبأمتياز . أنظر لمن كانوا معك وصاروا ملءالسمع والبصر وتكدست أموالهم فى البنوك ؛ أو صاروا من الأعيان وأمتلكوا هنا وهناك وأنت محلك سر ؟
وبعض يؤكد لك : كل واحد بياخد نصيبه من الدنيا لا تنقص ولاتزيد قيراطا واحدا ؛ أحمد الله على نعمة الصحة والستر والزوجة والعيال . وأحيانا يلح على عقلك ما أتخذته من مواقف وأراء كلفتك الكثير ؛ وسط لوم من حولك : عامل ثورجى .. أشرب بقى !
وتحاول أن تفلت من دائرة فشلك المستمر . تجرب مرة أن تضع ما أدخرته من فلوس قليلة فى البورصة أو فى الأوراق المالية ؛ فتكون النتيجة : الفشل الذريع ! تهرب لهواية أحببتها فى الكبر ؛ فتشترى عددا من أصص الزرع ؛ وتزرع ورودا وفاكهة وبعض الخضروات فتفاجئ أنها لاتنبت أبدا . وهكذا تمضى أيامك من فشل لفشل !
تفزعك وتوقظك .. يد شخص تربت على كتفك وتقول : سلامتك ياحاج ؟
جملة .. تلخص كل معاناتك وتعيدك لقواعدك سالما ؛ فلم يعد فى العمر بقية وما فات قد فات وما مر من أفراح وأطراح .. لن يعود أبدا .
أصبحت عجوزا بشهادة الناس والزمن ؛ وأستوطنت الأمراض بعضا كبيرا من جسدك الذى نحل . وبعد ان كنت تسير بالساعات ؛أصبحت لاتقوى على صعود سلم أو ركوب أتوبيس دون مساعدة .
البقية فى حياتك .
أنت عجوز .. أعلنت أستسلامك وعلقت هزائمك فوق الشماعة . ولا تريد أن تعترف بأن : شيخوختك مثل الحب .. لا يمكنك أخفاؤها ؟!
-
خالد حمزةنائب رئيس تحرير باخبار اليوم