مرحباً ... أيُّها الغائبين! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مرحباً ... أيُّها الغائبين!

كانت تتأمّلني بشيءٍ مِِن العتاب، النظرة التي لم أفهم خفاياها إلا حينَ عاوَدَت النظر نحو السماء !

  نشر في 06 شتنبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

" مرحباً أيها العالم، مرحباً أيتها المدينة التي لا ينام فيها أصحاب القلوب الخفّاقة، مرحباً أيها الليل الذي لا يزيدني حين إنسدال ستائره بغير الهُيام مكنوناً بمشاعرٍ كثيرة، مشاعر تخفق على الدوام دون أن تنطفئ، حافزُها ممزوج بجوف الليل الهادئ، وضجيجها لا يختلف عن صخب النجمات ... هاه !! مرحباً أيتها النجمات، أراكِ جيّداً، جميلةً بحدٍ مُرهق، ما يُتعبني بِك أنكِ غير قابلة للإحصاء عدداً، وللمرة الأولى أجدُ فيك طَرديةَ العلاقة، فكُلما تناثرت في جوف الليل أكثر، كُلما إذدانت بِك لوحتي المُفضلة، اللوحة التي تمتلئ بِك أيتُها النجمات، ولا تنفردُ بغير بريقها الذي يدعو للمزيد مِن الإنحياز والإنتماء.

مرحباً أيتها الغيمات الساهرة، مرحباً أيها القمر ! "

كالعادة أطوي هذه الرسالة وألقي بها نحو السماء تلحق بطيفٍ ما، لربما تجد سبيلها نحو مَن يستحق، فالكثير مِن القلوب تنظر إليها في هذه اللحظة، الكثير مِن الأمُنيات تتزاحم في حُضن هذه السماء العظيمة، يا لجمالها !

تِلك الرسائل التي ألقيها في كل ليلة تجعلني أشعر بشيء عجيب، فرغم صعوبة ما مرّت بِه روحي من قبل إلا أنني ما زلت قادراً على الكتابة، ما زلتُ على قَدَرٍ عجيبٍ مِن المَلَكَة التي هرَّبها إليَّ والدي من جيناته فتشّربتها، ما زالتُ أُحب الكتابة بقوّة مُضاعفة، ويا لحاجتي للكتابة بعد كُل هذا الوقت، الكتابة بنهمٍ تستقيه نفسي مِن وحي هذا الليل الجميل.

ما زلتُ أرى في الليل أُنسي الذي لا يكل عن ملاقاتي، وما زلتُ أنظر نحو ذات السماء التي احتوت في كُنْفِها كل صرخةٍ شجيةٍ نادى بها قلبي يوما ما، وما زال القمر يمتلك ذات الجمال الذي كنت أراه فيه غير أنه يتحول في كل شهر إلى شيء آخر، لكنها دورة حياته.

تِلك الرسائل أكتبها وأتأمل كلماتها التي غادرتني في لحظة الهُيام التي أعيش، في كُل مرة أنظر نحو هذه السماء الكبيرة تغدرني أفكار كثيرة، وتهزمني بعضها رغم أنني أصبحتُ أكثر صلابة من أي شيء قد يغلبني يوماً، لكن هي ذواتنا رغم كل شيء، تحتمل ما يُحتمل وتُذهب ما يؤرقها بعيداً بشجون دامِع.

لكن...

أليس كل ما يدور مِن حولنا جميل جداً؟، أقصد هذه السماء ... وتِلك النجمات التي تلتئم برؤيتها جراح القلوب، وتتآلف ببريقها الدافئ أرواح لربما لم تكن لتلقي يوماً ما لو لم تكن تِلك النجمات مزدانة في جوف هذا الليل العظيم !

ألم تنظري يوماً إلى القمر كيف يحدق بأعيننا وكأنما هو رُوح قريبة تريد أن توصل إلينا رسائل ما، رسائل لربما هي أعظم مِن مجرد كلمات لم تُنطق، أو حروف لم تُرص على لوحة المفاتيح يوماً كي تُقرأ، ورُبما هي مشاعر لم يُسعفها الوقت كفاية كي تعيش !

مضى كل هذا الوقت وأنا أحدّق وحيداً نحو السماء، أداعب بنظراتي النجمات التي تجتمع كل يوم في مشهدٍ لا يختلف على جماله أحد.

غادرتني المشاعر التي تسللت إلى نفسي في تلِكَ اللحظة سريعاً حينما مرَّ طيفُ شُهُبٍ يخترق ظلام الليل مُسرعاً، يااه، مرّ وقت طويل جداً منذ آخر مرة رأيتُ فيها شُهباً يخترق سكون الليل!

الأمر الذي أوقعني في الدهشة لم يكن مرور ذلك الشُهب بقدر ما كانت نظرة زوجتي إليَّ في تِلك اللحظة، كانت تتأمّلني بشيءٍ مِِن العتاب، النظرة التي لم أفهم خفاياها إلا حينَ عاوَدَت النظر نحو السماء !

تلألات النجماتُ بصورةٍ عجيبة وكأنها تُغنّي، للحظة ما بدأتُ اُنصت إلى تِلك الترنيمات الهادئة، أكادُ أُجزم أنها تعزف بلألآتها موسيقى Mayby للموسيقار Yiruma.

نظرتُ نحو زوجتي وهذه المرّة لم أجد في أعينها سوى نظرةً واحدة، ابتَسّمت لي حين رأتني غارقاً في دهشتي، فأنّى للنجمات أن تعزف لحنَ موسيقاي المُفضّلة، وكيفَ تسكن السماء كُل تِلك الحياة التي لم أرها سوى الآن؟ كيف يبتسمُ القمر وتتغازل النجماتُ في جماله وما تنفك الغيمات تُداعبه؟ وكل ذلك تحتضنه السماء في جوفها وكل أمنية زرعها أصحابها؟!

استوقفتني ابتسامتها الجميلة مرةً أُخرى، وبشغفٍ هادئ رددتُ لها ابتسامةً لطيفة وأعادتها إليَّ بلطفٍ لها رونق خاص وقالت :

مرحباً بِكم ... أيُها الغائبين!


  • 1

   نشر في 06 شتنبر 2020  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا