كيف تصبح مسخاً - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كيف تصبح مسخاً

  نشر في 22 ديسمبر 2017 .

هالني ما حصل الأسبوع الماضي في سطيف الجزائرية ، و هالني ذلك المهووس المسخ الذي خشي على عذريته من تمثال حجري يبلغ قرناً من العمر ، و لكن ما صعقني هو تلك الإشادات التي تلقاها ذلك المسخ و التبريكات للفعل الشنيع الذي أقدم عليه ، من قبل عديد رواد التواصل الإجتماعي العرب .

لن أناقش التعليقات السياسية ، و التي اتهمت حكومة الجزائر بأنها كافرة و مرتدة و ما إلى ذلك من دواعي الاسلام السياسي ، الذي خرب البلاد و هجّر العباد ، و لم يترك موجة إلا ركبها في سبيل تحقيق غاياته المنفعية .

سأناقش قليلا أولئك البسطاء الذين اعتقدوا أن ما فعله مسخ سطيف هو نصرة للدين ، و ربما كانوا يعتقدون أنه لولا تلك الفعلة لسقط دين الاسلام و تشرذم المؤمنون به .

فعلها ابراهيم من قبله ، و توّجه ربي نبياً ، قال أحدهم ، و نسي ذاك أن ابراهيم لم يحطم الأصنام خشية على الدين ، بل لتبيان نقصها و ضعفها و ضحد الكهنوت الذين استثمروا بها ، و استحمروا البسطاء ، و ما أقرب اليوم من الأمس .

أحدهم قال أن الرجل الثلاثيني قد فتنه التمثال و خشي على نفسه و على غيره ، و أسأله هنا ، يا ترى ، إن لم يقم ذلك المهووس بتحطيم التمثال ، هل كان فعل الفاحشة معه ؟ أم أنه خشي على نسله من تمثال لا يدري له حسباً و لا نسباً ؟

راقني جداً دفاع الأهالي عن التمثال العتيق ، و راقني تدافعهم و انكارهم للحادثة المستنكرة ، و التي أثبتت أننا شعب لم يمت بعد ، و أن هناك ، في الأفق البعيد ، بصيص نور قد ينتشلنا من هذه العتمة الكالحة ، و التي أرخت بظلالها على كل تفاصيل حياتنا .

حياتنا التي بات شخص كعبد العزيز القناعي متهماً ، و مداناً ، في حين يجد مهووس سطيف من يتعاطف معه ، و يجد من يناصره و يشد على يديه و يبارك شناعته .

و لكن ، هل سألنا أنفسنا لم وُجد بيننا هذا المسخ المهووس ؟ هل سألنا لم وجد بيننا من يبارك فعله و يعتبره بطلا ؟ تأتيك الإجابة عندما تعلم أن ذلك المعتوه يعتبر الموسيقى حرام ، و الفنون مبارزة لخلق الله ، و المرأة عورة يجب دفنها و التخلص من عارها .

هذا المسخ و أمثاله ، يعتبرون أن كل المختلفين عنهم حل لهم ، و أن كل الفكر المختلف عنهم هو هرطقة ، و كل ما لم يتحدث به السلف هو بدعة يجب وأدها و التخلص منها .

أولئك يعتقدون أن دينهم أوهن من بيت العنكبوت ، فهم يخشون من الآخر ، و يخشون من العقل ، و يحاربون الفكرة .

هل سألت نفسك ، كيف تحصل على مسخ يخشى على نفسه فتنة تمثال حجري يفوق عمره القرن ؟

الوصفة جاهزة و متوفرة عافاك الله .

حرّم الموسيقى و أمنع الفن و حارب حرية الرأي ، و أترك للطبيعة أن تكمل ما بدأته ، و ستجد هؤلاء المسوخ ينسلون من كل حدب و صوب .


  • 1

   نشر في 22 ديسمبر 2017 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
ارجو ان ترحب بالرأي الاخر، رغم تذوقي للفن ،التمثال بالنسبة الي ليس نصبا تاريخيا ،فقد شيد ابان فترة استعمار فرنسا للجزائر ،وهم مختلفون عن سكان الجزائر دينيا ،فما قام به هذا الشخص ليس بتلك الفضاعة،ولا يدل على هشاشة دينه او ما كتبته في المقال عن تأثره به،و استغربت جدا للضجة الاعلامية حول هذا الموضوع ،احسست بان تمثالا من حجر لاقى اهتماما اكثر من جزائري في وطني ،ما لم يتأذى كائن حي من قبل هذا السلفي،ساتحفظ على وصفك له بالمسخ ،فهو يبقى انسانا له وجهة نظر ولو اختلفت عن وجهة نظرك.
1
Nafez Samman
طيب، دعيني أولا أعترف بجهلي لخلفيات التمثال وحكايته التاريخية، و دعيني أيضاً أعتذر عن توصيف (المسخ) الذي لم أكن أعني به شخص من قام بتحطيم التمثال المعني ، إلا أنه كان يشمل كل من سوّلت نفسه أن يصغّر من حجم ديننا العظيم بفتاوى لا طائل منها وبتفكير لم ينزله الله بكتاب.
كان ذلك أولا، أما ثانيا فرأيك يُحترم وأتفهم ما قلتٍ ويبقى الاختلاف في الرأي سنة الله في الأرض وليس علينا محاربتها .
Salsabil Djaou
احييك على سعة صدرك سيدي الكريم تحياتي.
Nafez Samman
أهلا بك دوما

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا