الحدود العربية ... حدود الأحزان - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحدود العربية ... حدود الأحزان

عبد الهادي الركب

  نشر في 27 يناير 2017 .

( حدودُ الأحزان )

حدود الأحزان، حدود الذّكريات ، تعبرها وسط دموع حاملاً معك مأساةً ستسقرُّ في دماغك حتى قيامة الله

الهواء تغيّر، الشّمس لم تعد صفراء، زُرقة السّماء اختفت، الأرض الخضراء التي ودّعتها للتّو اقحلّتْ هنا، كوكب آخر ولجتُ به عندما وطأتْ قدمي بلاداً جديدةً

حقائبٌ أكهلتْ ظهورنا لثقلها، فتشعر بأنَّ هموم البلد وهموم شعبه قد اختبأتْ بها ، تتشبّثُ بكَ لئلّا تنسى المعاناة ... وهيهات أن تنسى

عبورٌ لم يتخطَّ الدقائق و لكنَّه لا محالة فتحَ خانةً جديدة في دماغك لذكريات سنين

قلبك و عقلك يترنّحان معاً كسكّير سقطَ أرضاً ندم فتابَ ، كهجرة عصفور قسراً تركَ موطنه فمات

كنبيّ الله يونس عندما ناجى ربّه في بطن الحوت، أُناجي ربّي لكن حوت الغربة أكلَ دعائي

طفلةٌ تجلسُ هناك ، تنظر و تنتظر

و كهلٌ جلسَ على صخرة ينتظر بركاناً ليفجّرَ صخرته فيقذفه إلى منزله

و امرأة تودّع آخرَ قطرة ماء بقيتْ في زجاجتها من مياه أرضها، ترتشفُ، فتحيا

أجسادٌ تسير بلا أرواح ، أرواحهم تُركتْ هناك في منازلهم ، في وطنهم النّازف دماً

بالسيارة، عشرات الأميال كانت كفيلةً لتريكَ خيماً منتصبةً بيضاء اللون لكنها سوداء الذكرى والمعيشة

علامة لجودة الهدية التي أهدتها الحروبُ للسوريين

تحتضن اُناساً أُرغموا على النوم فيها و بيوتهم على مرمى حجر، و قد يكون عبورهم إلى جُزر المالديف أيسر من عبورهم لمنازلهم

مخيمات بيضاء تنظر إليها للوهلة الأولى فتخالها موسم حجّ لله، لكنها بالتأكيد تحجُّ للحرب

لا يتعالى فيها سوى أصوات السّعال و بكاء ليل على واقع ألمَّ بهم و على وطن يفقدوه

في صحراء يمكثون لكنها اخضرّتْ بعد أنْ ابتلَّ ثراها بدموعهم، فأنجبتْ لهم وطناً يحيا بين عروقهم

هناك على بضعة أميال خلفَ الحدود ، لهم وطنٌ ليس له حدود في قلوبهم، يعيشون معه ويشاركونه الآهات، وينبض بداخلهم ، يتغذّى على حبّهم ، و ينتظرهم

عبَرْنا هذه الحدود، حدود الأحزان، بانتظار أن تصبحَ حدود العودة

و مضيتُ هارباً منكسراً في ظلمة الليل الصامت - الذي لم ينبسْ بكلمة - الذي لا يجيبني على ما أسأل ( ماذا بعد يا حدود الأحزان ) !!


عبد الهادي الركب 


  • 2

  • Abdulhadi Al_Rakep
    من الشآم التي عبثاً تحاول مهازل الحياة أن تبعدنا عنها
   نشر في 27 يناير 2017 .

التعليقات

بسمة منذ 7 سنة
ابدعت ...دام قلمك .
0
Abdulhadi Al_Rakep
شكراً شكراً من القلب

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا