لماذا يدمن إخواننا؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا يدمن إخواننا؟

  نشر في 31 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .


فى تجربة مثيرة أجراها عالم عبقرى منذ سنوات عديدة قام بحبس فأر فى قفص ووضع أمامه وعائين متماثلين أحدهما به ماء صافى و الاخر به ماء مذاب فيه مخدر الهيروين , حاول الفأر الخروج من القفص بشتى الوسائل و أخد يرتشف القليل من الماء و بعد فتره دب اليأس فى قلبه و تأكد من استحالة تحرره من محبسه و أتخد قرارا فى غاية الغرابة فلقد أعرض تماما عن إناء الماء الصافى و أخذ يشرب بنهم من الإناء الاخر و استمر ذلك الأمر حتى وصل تركيز مخدر الهيروين فى جسده لمستوى مرتفع للغاية أصابه بالتسمم و من ثم مات الفأر .

ولكن تجربة ذلك العالم لم تقف عند ذلك الحد, فلقد قام بإستئجار حديقة جميلة غناء و وفر فيها العديد من وسائل الراحلة للفئران مثل الاطعمة المحببة لهم و ألعاب صغيرة مبهجة الألوان كرات و غيرها الكثير حتى أنه أطلق عليها " حديقة الفئران" ثم أحضر مجموعة من الفئران الذكور و الإناث و تركهم فى تلك الحديقة بعد أن وضع بالحديقة نفس الإنائين كما بالتجربة السابقة , إناء ماء صافى و الاخر إناء به ماء مذاب فيه مخدر الهيروين و أخذ يلاحظ سلوك الفئران , اخذت الفئران تجوب الحديقة بحرية تامة و تتناول الأطعمة و تتزواج فيما بينها و تتخذ بيوت صغيرة فى بعض جنبات الحديقة و بدا عليها جليا مدى الإرتياح و الإنطلاق , و الغريب أنها لم تشرب من الإناء المحتوى على الهيروين و إنما فقط شربت من الإناء المحتوى على الماء الصافى .

و هنا برز التسائل المنطقى لماذا إختار الفأر فى التجربة الأولى أن يدمن المخدرات حتى مات و لماذا رفضت الفئران الإدمان فى التجربة الثانية و صممت على تناول الماء الصافى؟

حتى تتضح الإجابة دعونا ننتقل إلى الولايات المتحدة أثناء الحرب الأمريكية على فيتنام حيث واجه الجيش الأمريكى ضربات قاسمة و عانى جنوده الأمرين , و هربا من ذلك الواقع المؤلم و فى محاولة منهم للتأقلم مع ويلات الحرب قام العديد من الجنود الأمريكيون بإدمان المخدرات حتى أن التقارير الرسمية أثبتت أنه مالايقل عن 20% من الجنود قد أدمنوا المخدرات و حينما أقتربت الحرب أن تضع أوزارها بدء الرعب يدب فى أوساط صناع القرار فى واشنطن , فعودة عشرات الالاف من الجنود المدنين إلى أمريكا تمثل خطرا شديدا على المجتمع إلا أنه ما كان بد من عودتهم إلى أوطانهم لذا فلقد قرر صناع القرار تعويضهم بمبالغ مالية و منح و وظائف كتعويض عما عانوه على أرض فيتنام , ثم أخذوا يراقبوهم عن كثب و وجل بعد أن اعدوا خطة مفصلة للتعامل الأمنى مع هؤلاء الجنود إذا لزم الأمر, و ما هى إلا شهور قلائل حتى عاد الجنود الأمريكيون و بدئوا تدريجيا الإندماج مع مجتمعاتهم و نسيان ما ذاقوه من ويلات الحرب و رويدا رويدا شعروا بالأمان و السعادة مع أسرهم و أبنائهم , و أستمرت مراقبة الجهات الأمنية لهم خوفا مما قد يسببه لهم و للمجتمع ما اعتادوا عليه من إدمان للمخدرات إلا أن الغريب أن الغالبية الساحقة من هؤلاء الجنود قد توقفوا تماما عن تناول المخدرات كأنها لم تمتزج بدمائهم لسنوات و كأن أيديهم لم تمسها قط و عاشوا حياة طبيعية و أصبحوا أفراد منتجين صالحين يساهموا بكل إخلاص فى رقى وطنهم .

حسنا كفانا ذكرا للتجارب و الشواهد حتى لا أطيل عليكم

هل أدركتم الان لما يدمنن إخواننا ؟

إن الإدمان هو مجرد إنعكاس طبيعى لغياب العدالة و طغيان الظلم

إن الإدمان ليس سببه الفقر و إنما سببه الإفقار

فعندما يستأثر قلة فاسدة بموارد و ثروات البلاد و يمتصوا دماء الشباب ليزدادوا غنى بينما يزداد باقى الشعب فقرا , فلا تسأل بعد ذلك لماذا يبتلع الإدمان شبابنا ؟

و عندما يتم إقصاء شباب ثورة 25 يناير من كافة المواقع الفعالة و يحل محلهم مجموعة من شباب ثورة 1919 فلا تسأل لماذا يدمن إخوننا ؟

وعندما يتم الزج بالشباب فى غياهب السجون لأنهم عبروا عن رأيهم أو رفعوا بالونات عليها شعار يذكر القتلة بما أقترفته أيديهم , فلا تسأل لماذا يدمن إخواننا؟

و عندما يوهم قادة جماعة شبابهم بأن تظاهرهم هو لنصرة الدين و إنقاذا للوطن من السقوط فى براثن الكفرة و المرتدين و يطالبونهم بالثبات فى ميدان الشهادة ثم يفر القادة إلى حياة الدعة و الراحة بينما يضحى الشباب بأرواحهم بمنتهى البسالة موقنين بصدق رؤية قادتهم مسحورين بكلماتهم الرنانة و خطبهم الحماسية

فحينها لا تسأل لماذا يدمنن إخوننا ؟

و كما أن مفهوم الزنا أوسع بكثير من زنا الفرج كما وضح لنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فكذلك فإن مفهوم الإدمان أوسع بكثير من إدمان المخدرات

فقد يكون الإدمان إدمان مخدرات أو إدمان مشاهدة مواقع إباحية أو إدمان الإستماع لأغانى هابطة او إدمان المواقع الإجتماعية كالفيس بوك أو غدمان الألعاب الإلكترونية أو حتى إدمان السلبية وعدم المبالاة

كل هذه و أكثر هى صور للإدمان تمثل محاولة للهرب من واقع أليم تخيل الشباب أنهم عاجزون عن تغييره فاثروا أن يعيشوا واقع اخر يغيبهم عن ذلك العالم البغيض , إلا أنهم تناسوا حقيقه مهمة تصدح قائلة :

" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "

مازال الأمل موجود مادام القلب ينبض

فلننحت فى الصخور و نتجاهل الألم و نستبشر بقرب الفرج ففى اخر النفق نور إلا أننا لن نصل للنور إلا لو بذلنا و تعلمنا و عملنا و حاربنا

حاربنا الجهل و الفساد و الإستبداد و السلبية

أثبتنا للجميع بأننا الشباب رمانة الميزان و شريحة الحسم و موجهوا الدفة

نريد أن نزرع فى قلوب إخوننا الأمل قبل أن ننتقدهم لأنهم سقطوا فى فخ الإدمان

و لنوقن أن الله لا يضيع أجر المحسنين

و للحديث بقية إن شاء الله .


  • 5

   نشر في 31 يناير 2016  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

مقال أكثر من رائع تسلم يُمناك :D
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا