العديد يؤكد ان الانطلاق من النقطة ا الى النقطة ب بقوة السلاح يعتبر احتلال من قبل اصحاب النقطة ب لكن لو كان الاحتلال "العربي" ان صح التعبير و حتى نرضي اطماع البعض، ان كان هذا الاحتلال بهذا الحجم من الهمجية لما تبقى اثر للقوميات الاخرى من كرد و امازيغ و فرس في اماكن توسع هذا الاحتلال.ولما استطاع هذا الاحتلال تغيير ديموغرافيا السكان الاصليين حتى لو استوطنوا و اتو بقطاع الطرق من شبه الجزيرة العربيةبالالاف..

الفتوحات او الاحتلال او الغزوات هي مجرد مسميات لتبرر نية خبيثة او حسنة، فحين فتح المسلمون بقاع الارض كانت الاغلبية ترى في ذلك "جهاد" و اعلاء لكلمة الله مع احترام شعائر السكان الاصليين و تقاليدهم و حمايتهم من التوسع الروماني"المسيحي" ..

البعض لن يعجبه الامر و لا يزال يراه "احتلال" لكن بالمقارنة و المقاربة الزمنية القريبة الجميع يرفض فكرة احتلال الولايات المتحدة لكوريا الجنوبية و اليابان و فرنسا ووقوفها في وجه النازية و الشيوعية لانه ببساطة امريكا كانت و لا تزال احلى المرين..مثلما كان يرى السكان الاصليين المسلمين احلى المرين...في ضل معاناتهم من الرومانيين..

و لكن البعض يتحجج و يدافع عن رايه بالقول" انه اذا بقي اثر للمستوطنات الاصلية بالتعبير الحديث فهذا لا يلغي همجية الاحتلال او ما تسميه جراء المقاومة او حتي الاستسلام و دفع الجزية لسلامة الروح و الممتلكات".

وهنا الجواب البسيط يكون بسؤال بسيط كذلك.. هل أغلب العرب الموجودين في شمال افريقيا الآن هم عرب عاربة !!

لا يمكن لأي هجوم بربري او احتلال همجي أن يمحي حضارة باكملها الا باستعمال الابادة الجماعية للسكان الاصليين و التي قام بها الاوروبيون في أمريكا ضد الهنود الحمر، و لا أعتقد أن المسلمين قاموا بحرق الناس أحياء نساء او اطفال و رجال وهم مجرد ابرياء ...

أما "المستوطنات" فلا يمكن ان ابدا تغيير ديمغرافيا اصحاب الارض ، أي أن سكان هذه الارض الاصليين الامازيغ هم نفسهم الآن الاغلبية لكن تعرب لسانهم نتيجة التصاهر و الذوبان في الحضارة الاسلامية آنذاك فكما قال ابن خلدون القوميات تذوب في حضارة الاقوى و هذا ما يجعلنا نتعلم الانجليزية مثلا لانها الولايات المتحدة هي الحضارة الاقوى حاليا.

أما الجزية فلها حديث و تأويل آخر لان الجزية اساسا ضريبة على الذكر البالغ الذي لا يستطيع المحاربة مع جيش المسلمين للدفاع عنه وقد اسقطها العديد من الصحابة في العديد من المرات حين فشلوا في الدفاع عن الاهالي ضد الروم ،حين اضطر المسلمون إلى مغادرة مدن الشام المفتوحة قبيل معركة اليرموك، قاموا برد ما كانوا قد أخذوه من الجزية إلى أهل البلاد. فرد خالد ابن الوليد الجزية على أهل حمص، ورد أبو عبيدة الجزية على أهل دمشق، وهكذا فعل بقية القواد المسلمين. وكان مما قاله القواد المسلمون لأهل تلك البلاد : "إنا كنا قد أخذنا منكم الجزية على المنعة والحماية، ونحن الآن عاجزون عن حمايتكم، فهذه هي أموالكم نردها إليكم"

لو كان "السكان الاصليون" ضد الاسلام و الاحتلال الاسلامي لهم لحاربوه كفكرة و ليس كجيش ، فحين تحارب الكاهنة او اكسل جيوش عقبة بن نافع دفاعا عن الارض هو قمة الوفاء و الاخلاص لهذه الارض..وحين يحتضن السكان الاصليون الفكرة او الدين بدون اعتباره "احتلال" حينها تكون النتيجة غرناطة، و قرطبة ، و الرفاهية و التطور الذي مييز الاندلس و الذي كان بايدي "امازيغ" آمنو بفكرة و عقيدة الاسلام و مبدأ التعايش آنذاك بعيدا عن المسميات المختلفة احتلال ، فتح، اعتداء.

يقول كاتب ياسين في دفاعه عن الفرنسية أنها غنيمة حرب..يمكننا أن نقول كذلك أن العربية غنيمة حرب مثلها مثل الفرنسية و انتمائنا للعرب هو انتماء جيوسياسي و جغرافي وهنا يكمن جوهر الانسان الجزائري بمختلف مكوناته و تراكماته التاريخية مزيج بين العرب العاربة و العرب المستعربة و الامازيغ.

.

.