آل سعود وأبناء زايد.. رهان أم تمرد على ذاكرة التاريخ..؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

آل سعود وأبناء زايد.. رهان أم تمرد على ذاكرة التاريخ..؟

التجارب أثبتت أن في مضمار السياسة لا توجد صداقات أو عداوات دائمة، والمصالح حتماً ما تكون المحرك الرئيس لمسارات السياسة وأداة توجيهها بما تقتضيه الظروف من مؤائمات محسوبة...

  نشر في 18 مارس 2023  وآخر تعديل بتاريخ 18 أبريل 2023 .

آل سعود وأبناء زايد.. رهان أم تمرد على ذاكرة التاريخ..؟

بقلم/ محمد أحمد فؤاد

تحركت مياه ظن أغلبنا أنها باتت راكدة حين داهمتنا أخبار عن تدخل بكين لحلحلة الأزمة المزمنة بين قطبي النفط في الشرق الأوسط إيران والمملكة العربية السعودية.. وتباينت ردود الأفعال بين دهشة البعض لهذا الحراك المفاجئ وما صاحبه من تكهنات، وبين ترحيب حذر من بعض شركاء المصلحة مع توجس من إمكانية تحققه بشكل كامل..!

التجارب أثبتت أن في مضمار السياسة لا توجد صداقات أو عداوات دائمة، والمصالح حتماً ما تكون المحرك الرئيس لمسارات السياسة وأداة توجيهها بما تقتضيه الظروف من مؤائمات محسوبة... لذا، ربما ليس هناك مجال للإندهاش إذا ما قيست تلك الخطوة بمقدار النتائج التي ستترتب على معدلات النجاح أو الفشل.. بادر البيت الأبيض بمباركة الإتفاق حسب صحيفة واشنطن بوست التي نقلت عن المتحدث بإسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي بأن الولايات المتحدة ترحب بتلك الخطوة مع تأكيده على أن الأخيرة لم تكن طرفاً مباشراً فيه، واعتبر كيربي أنه مازال من المبكر جداً الحكم على قدرة هذا الإتفاق على الصمود، حيث أن على طهران إثبات إلتزامها بالإتفاق، وأضاف أن النظام هناك لا يفي بكلمته وهو يأمل أن يفعلوا " هذه المرة "..! ربما كان كيربي هنا يبعث برسالة طمأنة لكيان الإحتلال الصهيوني الحليف، الذي أزعجته بقوة تلك الخطوة التي قد يترتب عليها إحتمالية إعادة ترتيب الأوراق مع مجموعة المطبعين على الشريعة الإبراهيمية ومعهم سبايا صفقة القرن...

عدا الصين التي تسعى بدأب واثق الخطى لتحتل موقع هام على خارطة الشرق الأوسط وإفريقيا إقتصادياً وسياسياً على حساب الغريم التقليدي الولايات المتحدة، لا شك أن كل الأطراف الأخرى الفاعلة تسعى للتخلص من مآزق ربما صنعتها طبيعة السياسة الأمريكية المهيمنة على الشرق الأوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بفعل الإحتلال المستتر غير المعلن.. فالمملكة العربية السعودية ترتدي عباءة جديدة مغايرة لتلك التي إرتداها في الماضي أبناء أل سعود من الجيل الأول، وهي تسعى بهذا للإستئثار بمقعد القيادة في المنطقة في تنافس غير خفي الملامح على فرض النفوذ السياسي والإقتصادي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وكلاهما في هذا السباق قد لا يجرؤ على التصريح المباشر بعداوة تجاه أي من القوى العظمى حتى مع تباين الأفكار.. وبالرغم من توارد الأهداف وربما توحدها، إلا أن الطبيعة التنافسية القبلية لكلاهما تبوح بحتمية إحتكامهما للمقامرة تارة، والتحرك الحذر تارة أخرى على كافة الأصعدة وبخطوات مدروسة لعلها تسفر عن تحقيق ضالة أحدهما المنشودة بزعامة الشرق.. لكن يظل السؤال: بأي تكلفة وعلى حساب من..؟ فكيان الإحتلال الصهيوني وحكام أنقرة، واليوم ملالي طهران تجمعهم نفس المآرب، إن لم تكن نواياهم أكثر طموحاً وإتساعاً، وكذلك هناك قوى إقليمية محسوبة داخل أي معادلة ربما إنحسر تأثيرها بشكل مؤقت، لكنها قد تعود للمشهد في أي لحظة بما تملكه من إمكانيات معطلة أو غير مستغلة في الوقت الحاضر نتيجة لأزماتها الداخلية كمصر والعراق وسوريا واليمن والجزائر.

كيان الإحتلال الصهيوني مرتبك بشدة بفعل تعقيدات الحسابات الجديدة التي أحدثتها بكين برعاية هذا الإتفاق، وحسب موقع "مِقور ريشون" الإخباري التابع لكيان الإحتلال الصهيوني فإن مثل هذا الإتفاق قد يدفع المصريين والإماراتيين والبحرينيين لأن يتحركوا في نفس المسار إذا ما إستمر تراجع دور الولايات المتحدة في المنطقة، وبعد أن أصبح للصين نفوذ ملحوظ ربما يمكن وصفه بغير المسبوق..! هذا ويرى بعض المعلقين هناك بأن التكهنات حول الخبر مازالت مبكرة، وربما تحتاج لوقت أطول حتى تتضح ملامح المشهد وأبعاده الجديدة.

يبدو أن الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للملكة حالياً في ظل إعتلاء والده شرفياً للعرش، قد أدرك ما لم يدركه أعمامه ممن حكموا قبل والده، وهو أن السياسة الأمريكية أظهرت مؤخراً تنكر وتجاهل سافر للإتفاق التاريخي الذي انتزعه الجد المؤسس عبد العزيز آل سعود من فرانكلين روزفلت حين جمعهما اللقاء على ظهر الطراد الأمريكي يو إس إس كوينسي فبراير 1945 في مياه قناة السويس بحضور إمبراطور إثيوبيا.. وحينها همس الملك عبد العزيز لروزفلت حرفياً " أنت أخي وكنت أشتاق دائماً لمقابلتك.. وأريد أن يكون تعاملي معك أنت وليس غيرك، لأنك رجل مبادئ ونصير للحقوق، ونحن العرب نتطلع إليك في طلب العدل والإنصاف من تحكم وإستبداد الآخرين".. وكان نتاج هذا الإتفاق هو توفير حماية أمريكية غير مشروطة لعائلة آل سعود مقابل ضمان السعودية إمدادات الطاقة للولايات المتحدة لمدة لا تقل عن ستون عاماً إنقضت بوفاة الملك فهد بن عبد العزيز خامس حكام عائلة آل سعود في أغسطس 2005، وقد شهدت فترة حكم الملك فهد أحداث تاريخية هامة إنعكست بالسلب على العلاقات الأمريكية السعودية مثل إحتلال العراق للكويت 1990 وكذلك أحداث 11 سبتمبر 2001 التي زعزعت من ثقة واشنطن في نوايا السعودييين تجاه الولايات المتحدة..!

ولا يبتعد كثيراً مسار العلاقات الأمريكية الإماراتية عن السياق الفعلي مع الشريك السعودي، فالولايات المتحدة كانت ثالث دولة تقيم علاقات دبلوماسية كاملة مع الإمارات المتحدة منذ نشأة الأخيرة في العام 1971، ثم تسارعت وتيرة توثيق العلاقات أمنياً وإقتصادياً وسياسياً بشكل واضح، حتى وصلت ذروة التعاون والتوافق إلى توقيع حاكم أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد إتفاقية التطبيع الخليجي الأولى من نوعها مع كيان الإحتلال الصهيوني تتويجاً لما يسمى بإتفاقية القرن التي تم تمريرها برعاية دونالد ترامب حاكم البيت الأبيض الأكثر إثارة للجدل...

ربما سيسيل لعاب الكثيرين من سكان المنطقة أمام هذا الحضور الصيني المباغت وما يملكه من حلول لإشكاليات استعصت على العلاج بالطرق التقليدية.. وبالتأكيد ستتبدل ملامح التوازنات الجيوسياسية والإقتصادية بناء على تلك المستجدات وما هو متاح من عروض.. ومع تعاظم فرص السقوط للعديد من الأنظمة والكيانات التي أصابتها الهشاشة والكهولة بين رواد المشهد الحالي بفعل أزمات داخلية أو سطوة قوى الإستعمار المستتر، تظل فرص الربح معلقة بقدرات الأكثر دراية منهم بكيفية إدارة مقدراته وطريقته للموائمة مع ما يحدث في كواليس المشهد الذي بات أكثر تعقيداً من أي وقت مضى..! 



  • mohamed A. Fouad
    محمد أحمد فؤاد.. كاتب حر مؤمن بحرية الفكر والمعتقد والتوجه دون أدنى إنتماء حزبي أو سياسي.. مهتم بشأن الإنسان المصري أولاً..!
   نشر في 18 مارس 2023  وآخر تعديل بتاريخ 18 أبريل 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا