وطن بلا حدود.. قاسية أو حَنونْ!! 2 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

وطن بلا حدود.. قاسية أو حَنونْ!! 2

مقال بقلم/ عبده عبد الجواد

  نشر في 27 شتنبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .


 لماذا كان التفكير في وجود حدود بين الدول وما أهمية ذلك؟ ولماذا ستبقى ولن تزول؟

في البداية كان التفكير في وجود حدود لاستشعار النزعة التوسعية في الدولة المجاورة أو الخوف من قوتها فبنيت الأسوار والقلاع أو لمنع انتشار الأمراض من دولة لأخرى فوضعت على الحدود نقاط التفتيش والحجر الصحي وكذلك لمنع تسلل المجرمين ،ولمنع حدوث تضارب بين المصالح الاقتصادية للدول نتجه للتفاوت في المستوى الاقتصادي بينهما ، والحفاظ على الهوية الثقافية لكل دولة ، ومع مرور الزمان سار بناء قلعة أو سور لحماية أي دولة رؤية ضيقة ومتخلفة بعد تطور أنظمة التسليح الصاروخية والتي تخترق الاف الأميال في لحظات ،وبالتالي فهي تَحِد من التسلل البرى فقط ، أما باقي الأسباب لوجودها فمازالت قائمة لذا فلن تزول الحدود!!

ولكن لماذا توجد حدود شبه وهمية بين بعض الدول الأوربية

 وتستطيع أن تدخل للدولة الأخرى بمجرد أن تخطو خطوتين على الأرض بلا أسلاك أو بوابات ألا يخشون من المجرمين أو نقل الأمراض أو التأثير على هويتهم الثقافية؟!

وهنا نقول أن ذلك يتوقف على العلاقة بين الدولتين وتقارب الثقافات إضافة الى أن كل فرد يُحْكَم بالقانون وهو يعلم قوة تطبيقه في حال المخالفة فلا واسطة ولامجاملات أما نحن في وطننا العربي فلا نُحْكَم بالقرآن ولابسلطان عادل ، فأحكامنا مختلطة بين قليل من الشريعة والكثير من قوانين الغرب ودساتيرنا لا تعرف سوى ديمقراطية الأهواء التي تسمح لمن يتكلم بلغتنا أو برأينا فقط أن يتكلمون فهم الأمناء وهم أهل الثقة والباقي خونة يجب أن يطردوا وتسلب جنسيتهم أو يسجنوا ، أما القانون فهو مطاطي نطبقه عندما نريد أن نجرم معارضينا أو نبرىء أنصارنا !! وهؤلاء الأمناء الوطنيين الآن سنراهم -ولاتندهش - هم أنفسهم الخونة غدا!!

مشكلة الحدود ليست في الأسلاك الشائكة فاتفاقيات المصالح الاقتصادية وتبادل المنافع تتخطى ذلك، وهي الأصل في الموضوع وليس الشعارات والقوميات التي فشل بسببها اتحاد مصر وسوريا واتحاد وادي النيل بين مصر والسودان، فقد انضمت بريطانيا للاتحاد الأوروبي حين وجدت مصلحتها في ذلك وبرغبة شعبها، وعادت تقرر الانفصال باستفتاء، ورغبة شعبها أيضا ‘وفى النهاية لم تقاطعها تلك الدول ولم يتبادلا السباب والشتائم كما نفعل نحن، بل عقدت الاجتماعات وتقررت الالتزامات التي يجب ان تسددها، فهل نحترم رغبات شعوبنا كذلك؟! وهل نفعل ذلك في بلادنا؟!

مشكلة عالمنا العربي ثلاثية الابعاد

 الأول: التبعية، فوطننا العربي بعضه أمريكي وبعضه روسي والآخر مختلط الانتماء، وكل حاكم يهتم بمُلْكِهِ أولاً ثم شعبه الذي هو داخل حدود دولته، وكل الدول التي تتغنى ليل نهار بأن الاستعمار القديم (البريطاني الفرنسي الإيطالي) هو السبب في تخلفها لهثت وراء المستعمرين الجدد في أمريكا وروسيا وذيولهما الاتحاد الأوروبي!!

والثاني: الصراع المجتمعي، بنظرة من الداخل سنجد بكل دولة تركيبات عرقية مختلفة وأجناس مختلفة الأهواء من البشر وتركيبات واتجاهات دينية تتصارع وتحلم بحاكم قوى عادل يساوى بين الجميع دون تمييز، وستجد إمكانيات بشرية واقتصادية هائلة لو تكاملت لصارت قوة لا يقدر عليها أحد والجميع يعلم ذلك ولكن يخشى بعضنا بعضا!!

الثالث: ضعف الرؤية الشاملة للإدارة حتى داخل الدولة الواحدة فتجد خلافات على الحدود حتى بين المحافظات!! فقد تجد الطريق السريع بين المحافظتين دون رصف أو أنوار في جزء منه بسبب الحدود ومن منهما يتحمل ذلك من ميزانيته، وقد يطبق قانون معين على بلد صغيرة داخل دولة كأن تكون منطقة حرة مثلا ويتمتع أهلها بمزايا معينة، وتوضع الحدود ويُحْرَم من هو من محافظة أخرى داخل الدولة الكبيرة بل ويجرم ويسجن لو لم يسدد رسوم معينة في الجمارك، وكذلك في أولويات الإسكان أو التعيين بالوظائف في كل محافظة لأبنائها دون الآخرين مع أنهم جميعا أبناء نفس الدولة!!

وهكذا فأصل القضية في الحدود القاسية

 التي تضع الحواجز النفسية داخلنا تجاه بعضنا البعض بأمر كل حاكم، أو تلك التي تقصم مشاعر الشعوب التي من المفترض أنها أسرة واحدة، وتفرقها كتلك الأسرة التي قسمتها معاهدة السلام والتي لم يهمني وقتها أن أعلم أهي مصرية أم فلسطينية ؟!، أو تلك الحدود القاسية التي تصنف البشر دون الحقيقة فيكون حدود ائتمانك هو نطاق سلطتك وأموالك وتوافقك في الرأي أو المذهب أو العقيدة ، أو تلك التي تركز على شعارات الوحدة والقومية الجوفاء دون رؤية واقعية لشكل هذه الوحدة وشكل التكامل الاقتصادي ورغبات الشعوب مما يجعلهم يختلفون ويتفرقون ويتناحرون حتى بسبب مباراة في كرة القدم !!

ومن هنا فقد خسرت الأجيال الماضية الرهان على القومية العربية وتناثرت أحلامهم وذهبت كغثاء السيل، وقد يشاء الله أن نجد يوما وطنا بلا حدود.. قاسية كانت أو حَنونْ ، وحكاماً تقود الأمة فنتجاوز الأسلاك الشائكة وبوابات الحدود، ولن نفقد الأمل وسنستمر في الحلم أيضا بلا حدود!!

عبده عبد الجواد - مصر

للتواصل: عبر البريد الاليكترونى bd_gawad@yahoo.com


  • 4

  • Abdou Abdelgawad
    رحلتى الطويلة مع عشق الكلمات لسنوات هاويا، تحتوينى كلماتى أحيانا وفى أخرى أحتويها ، كفانى أراء وحب الأصدقاء كأوسمة ونياشين تفيض بها ذاكرة عمرى ، وسيظل عشقنا الكبير حتى يتوقف بنا قطار الحياة، وحينها ستبقى الكلمات شاهدا ...
   نشر في 27 شتنبر 2017  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

أقباس فخري منذ 7 سنة
تحليل لطيف وغني.
ألا تتفق معي أخي الكريم أننا حتى على النطاق الشخصي، غالباً ما نتعاطى مع الحدود بشكل غير منطقي (أو بالأحرى فوضوي). ولا أعني هنا حدود الأرض بل حدود التعامل. فإذا كان العدل (كما أبطنت في مقالتك) هو الذي يرسم الحدود، وأن الحدود تُخترق حين يتعدى أحد طرفيها أو كلاهما عليها، ألا ترى معي أننا نعتدي على حدود بعضنا حين نحيد في كثير من الأوقات عن العدل؟ مثلاً نتّخذ مواقف شخصية حيال قضايا ما أو أفراد ما، بناء على عواطفنا لا بناء على الحقائق الدامغة. أليس هذا التعدّي (العاطفي) هو ذاته يتدرّج من قاعدة الهرم إلى قمته في جميع شعوب العالم الثالث خاصة، ذلك أنها اعتادت أن تتعاطى مع الأمور بضيق أفق عشائري أو مذهبي أو عرقي. أي أنها اعتادت الهوى كاساس للتعامل، ولم تعتد العدل!
1
Abdou Abdelgawad
شكرا على متابعتك صديقي العزيز ورأيك ورؤيتك الواقعية سليمة ومحل تقدير

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا