سيادة الشعب بين شرعية الدستور.. وآلية التزوير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سيادة الشعب بين شرعية الدستور.. وآلية التزوير

نحو تفعيل دور المشاركة المجتمعية في صناعة القرار السّياسي وعدم التّذرع بآلة التّزوير في تبرير المقاطعة وترك الحق الدستوري

  نشر في 21 ديسمبر 2019 .

    ينص الدستور الجزائري صراحة في الفصل الثّاني : "الشعب"، في المادة 7 وما يليها أنّ ‬الشّعب مصدر كلّ سلطة، وأنّ السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده، أي أنّ الحرية المطلقة للشعب في أن يختار من يمثله وفق الآليات التي يحددها الدستور دون أن تمارس عليه الوصاية أو الجبر.

هنا الأمر جميل حيث يفترض أن نجد هذه المعاني مجسدة على أرض الواقع إلاّ أنّ المتتبع للشأن السّياسي يجد أنّ هذا الكلام مجرد حبر على ورق، فمنذ أن تمت مصادرة إرادة الشّعب في بدايات الاستقلال ورفض العمل بمقتضى بيان أول نوفمبر لم نلمس هذه المعاني أبدا على أرض الواقع. بل توجت بانقلاب جوان65 على الشّرعية، لنجد أنفسنا أمام اعتداءات كبرى على الإرادة الحرة للشعب في المحطات الانتخابية التي تلت انقلاب 65، حيث عملت آلة التزوير عملها بكل احترافية والغريب بنسب خيالية بلغت 99%..

ومع تسارع الأحداث والإفلاس في إدارة الدّولة بحكم أنّ التزوير يعمل على تقديم الفاشلين والانتهازيين، ويقتل المخلصين والكفاءات لم يتوقع النّظام السّياسي أن يصطدم بأزمة 1988م بفعل العوامل الخارجية وأزمة المديونية، ليجد نفسه أمام ثورة الشّعب أو ما يعرف بأزمة الخبز في محاولة منه لاسترداد كرامته المسلوبة وتحقيق ذاته.

ليخضع ولأول مرة لإرادة الشّعب ويتم فتح باب التّعددية المفخخة خارج هيمنة الحزب الواحد، والتّي توّجت بظهور الأحزاب والجمعيات، لتدخل هذه الأحزاب معترك المنافسة، ويعبر الشّعب فيها عن إرادته الحرة بكل شفافية ويزكي ممثليه بكل إرادة واختيار.

وماهي إلاّ أشهر حتى اصطدم الشّعب بمحاولات الاعتداء على حريته وإرادته ،والزّج بالجزائر في مستنقع الدمّ، وبذلك تقوى النّظام السّياسي من جديد ودفع الشّعب ثمنا غاليا في سبيل حريته المسلوبة، ونفس الآلة تثبت وجودها من جديد في عام 1995م، و وكذلك 1999م، لندخل النّفق المظلم الأحادي الوجهة نفق العهد البوتفليقي.

عشرون سنة كاملة كشف الحراك الشّعبي في 22 فيفري عن هشاشتها وفقدان النّظام السّياسي لهيبة الدّولة السّيادية على مختلف القطاعات الحساسة للدولة. وذلك بفعل استغلال السّلطة واحتكارها من طرف العصابة المتولدة من حصر كل السّلطات في الدولة في يد المخلوع، ليقول الشّعب هذه المرة كلمته على مدار عام كامل، لا لإجهاض سيادة الشّعب وحريته وإرادته الحرة في أن يكون هو السيّد.

إلاّ الملاحظ في هذه المرحلة هو الافتقار الرّهيب لقنوات الحوار الجاد والفعال بينه- الحراك- وبين الشّركاء الاجتماعيين والسّياسيين، مما ولّد حالة احتقان مزعجة كادت تعصف باستقرار وأمن الدّولة، لولا لطف الله تعالى، وإخلاص الجيش الشّعبي للوطن وتغليبه المصلحة الكبرى للوطن على المصالح الشّخصية.

مع كل هذه الإشكالات العميقة أضحى لزاما على الفاعلين في المجال السّياسي، والشّركاء الاجتماعيين في مختلف القطاعات العامة أو الخاصة تغليب لغة الحوار، وفتح قنوات التّواصل بينها من جهة، وبين السّلطة الفعلية من جهة أخرى، من أجل تنظيم محكم وفعال للانتقال السّلس للسّلطة السّياسية بمشاركة مجتمعية فعالة.

من خلال القراءة التأملية لسيرورة الأحداث من لحظة اغتصاب إرادة الشعب إلى يومنا هذا يمكننا أن نستنتج انّ السلطة المجتمعية لابدّ لها من:

- هيكلة تنظيمية

- حرية الاختيار

- القدرة على التأثير

- الائتلاف والتّكامل وعدم تقديم المفاهيم الجزئية على القضايا المحورية الكبرى.

- أن تتسم بالسّيادة المطلقة على قراراتها دون أن تستمدها من جهات أجنبية أو أجندات داخلية.

في هذا الإطار ومن أجل بيان أهمية الحوار الذي دعت إليه السّلطة في تعزيز فرص المشاركة الفعالة لمختلف مكونات المجتمع في صناعة القرار السّياسي وجب علينا تقديم رؤية واضحة حول أهمية التّواصل في خلق فرص التّعاون والانسجام في العلاقات بين مختلف مكونات المجتمع، وذلك ضمن مستويين:

- أولا: آليات التّواصل والاتصال مع المجتمع.

- له أهمية كبرى وذلك لما يرتبط به، ألا وهو التّواصل بين الشّريك الاجتماعي والسّلطات المحلية وما ينعكس منه على الواقع الاجتماعي، إذ يعتبر التّواصل مع المجالس المحلية من جملة الأولويات التّي ينبغي على نشطاء المجتمع المدني مراعاتها، والسّعي في تذليل صعابها، وسدّ كل المنافذ التّي من شانها إعاقة العملية التّواصلية، وذلك لما يوليه التّواصل من أهمية بالغة في إيجاد سبل التّعاون، والتّي من جملتها:

- - التّعاون في المشاريع الإنمائية

- - المساعدة في تقديم المساعدات للمواطنين.

- - المساهمة في إطلاق حملات توعوية في نطاق المجالس البلدية.

- - تقديم الدّورات التّدريبية للمنتخبين في التّسيير الإداري

- وغيرها من المجالات التّي يمكن أن تساهم في رفع مستوى الشّراكة بين الشّريك الاجتماعي والسّلطات المحلية باعتبارها الهيئة التّنفيذية، ومع ذلك تبقى إشكالية التّواصل قائمة بينهما وذلك لجملة من الأسباب أهمها:

- - الاختلاف في الأهداف والأولويات.

- - الاختلاف في طرائق العمل.

- - الخلافات الحزبية والسّياسية.

- - ضعف قدرة المنظمات المدنية على إيجاد البدائل والحلول، أو غيابها تماما عن الواقع.

- - التّنافس السّلبي بين أعضاء المنظمات المدنية حول الزعامة والظهور.

- من هنا نقف عند أهمية التّواصل في تطوّر المُجتمع ونموّه، من خلال بناء علاقات جيّدة بين المسؤول المحلي والنّاشط المجتمعي ويقودنا هذا الكلام إلى ضرورة صياغة أهداف تهدف في الأساس إلى ترقية الشّراكة الفعلية بينهما وبلورتها لتخدم في النّهاية المصلحة العامة، ويمكن أن نجملها في الآتي:

 ‬ 1 - بلورة مفهوم ورؤية مشتركة وواضحة للتّنمية أو أي قضية تمس حياة المواطنين‬

 2 - بلورة مفهوم ورؤية مشتركة وواضحة حول دور قطاع المنظمات غير الحكومية‬

 3 - التّكامل والمشاركة في الموارد المادية والبشرية والخبرات بين الشركاء‬

 4 - الانتقال من الدّور الرّعائي وتقديم الإعانات والإغاثة الى النّهوض والتّنمية والتّغيير‬ الاجتماعي

 ‬ 5- التّنسيق والحد من ازدواجية الخدمات والأنشطة‬

 6 - بناء قدرات الأعضاء وتنمية مهاراتهم وتدريبهم‬

 7- الوصول الى مصادر التّمويل‬

 8. التّعاضد للمناصرة والمدافعة

‬ 9 - تعزيز موقع السّلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية التّفاوضي مع باقي الجهات‬ الحكومية، الجهات المانحة، القطاع الخاص، المنظمات الدّولية.

ثانيا: مفهوم ومبادئ تنظيم المجتمع والمشاركة.

- بعد عرض أهمية التّواصل في بناء الشراكة الفعالة بين الشريك الاجتماعي من جهة، وبين والسلطة الفعلية عن طريق فتح قنوات الحوار من جهة أخرى ننتقل إلى بيان أهمية تنظيم المجتمع في أفكاره ورؤيته للمستقبل ومشاركته في بناء وإنتاج مجتمع المعرفة للخروج من الأزمة والمضي في عجلة التقدم.

 الفكرة في مجملها تقوم على تنظيم المجتمع من خلال المشاركة الفعالة، وهي تدور حول بناء العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد من خلال التّأثير في صنع القرار داخل مكوناته المختلفة، والخروج بحلول ناجعة تخدم المصلحة العامة، ولا يكون ذلك ألاّ بـــ:

-أولا: تنظيم المجتمع.

لا يمكن تنظيم أي مجتمع إلاّ إذا ارتبط ارتباطا وثيقا بالسّعي نحو التّغيير الايجابي، وإلاّ أصبح مجرد رعاية للقطيع في حاجيات الحياة، ويتطلب ذلك وجود قادة يمتلكون الهمة والعزم للمضي في ذلك الاتجاه، هذه القلة الفاعلة هي من تقود على رأي مارجريت ميد " "ينبغي ألا يساورك الشّك مطلقا بأن مجموعة صغيرة من المواطنين ممن يحملون الفكر والالتزام، تستطيع تغيير العالم، إنّها الطريقة الوحيدة التي يمكنها القيام بذلك ".

ثانيا: المشاركة المجتمعية.

التّشاور المجتمعي عملية مستمرة متعددة الأطراف والمراحل ولا يمكن أن يقتصر إجراءها في طريقة واحدة فقط أو في خطوات محددة سلفا أو لا تتناسب مع خصوصيات كل هيئة وامكانيات ورغبات وطبيعة.

وبالتّالي هي: مسئولية اجتماعية لتعبئة الموارد البشرية غير المستغلة ، ووسيلة للفهم والتفاعل المتبادل لجهود وموارد كل أطراف المجتمع والتّنسيق بينها من أجل تحقيق الصالح العام في المجالات المختلفة في المجتمع .

أمّا تعريف أرنشتاين لمفهوم مشاركة المواطن (قوة المواطن) فهو كالآتي:

مشاركة المواطن ببساطة تعني "قوة المواطن"، بمعنى:

إعادة توزيع القوة التي ّتمكن المواطنين الذين لا يملكون القوة (المهمشين، المستضعفين)، الذّين هم مستبعدون حاليا من العمليات السّياسية والاقتصادية، من أن يدرجوا عمدا في المستقبل، وهي الاستراتيجية التي ّينضم إليها (المهمشون، المستضعفون) في تحديد كيفية تقاسم المعلومات، ووضع الأهداف والسياسات وتخصيص الموارد الضريبي تشغيل البرامج وتقسيم المزايا، باختصار إنّها الوسيلة التي تمكنهم ّمن إحداث اصلاح اجتماعي كبير، وبحسب أرنشتاين فإنّ سلم مشاركة المجتمع يتألف من ثمان درجات أدناها درجة النّشر بهدف تثقيف الجمهور حول مشروع من أجل كسب التّأييد للسّلطة وذلك لا يعتبر مشاركة وهو الواقع الذي تعيشه مجتمعات معظم البلدان النّامية، وألاها درجة سلطة الجمهور.

ثالثا: مبادئ المشاركة المجتمعية.

تتداخل وتتشابه مع مبادئ تنظيم المجتمع وقد تمّ تصميم احدى المناقشات للمقارنة بين مبادئ تنظيم المجتمع ومبادئ المشاركة المجتمعية، وفيما يلي المبادئ السبعة للمشاركة:

 المبدأ 1: التّخطيط الدّقيق والتّحضير من خلال التخطيط الكافي والشّامل.

 المبدأ 2-الإدماج والتّنوع

 المبدأ 3-التّعاون والغرض المشترك

المبدأ 4-الانفتاح والتّعلم

المبدأ 5-الشّفافية والثقة

 المبدأ 6-التّأثير والعمل

 المبدأ 7-الاستمرارية والانخراط وثقافة المشاركة.

رابعا: مستويات المشاركة المجتمعية.

تنقسم مستويات المشاركة المجتمعية إلى خمس مستويات، وهي:

- تقديم المعلومة.

- التشاور مع الهيئة المحلية أو السلطة.

- اتخاذ القرارات بشكل مشترك وتفاعلي.

- العمل معا من أجل انجاح المشروع.

- دعم المبادرات المجتمعية المستقلة.

يعتبر مفهومي المشاركة والشّراكة الاجتماعية اثنين من مستويات التّشاور التيّ تحدث مع زيادة الرّغبة الحقيقية للجمهور في المشاركة. ولا يمكن الوصول إلى هذه المستويات من المشاركة إلاّ بعد استكمال التّواصل الفعال مع كل مكونات المجتمع المشكل لأطراف الحوار

خامسا: أسباب ضعف المشاركة المجتمعية.

- قلة الوعي العام وغياب مقومات المشاركة.

- ضيق دوائر اتخاذ القرار في مؤسسات الحكم المحلي والمؤسسات الأخرى.

- ضعف الإحساس الفردي والعام بالانتماء وافتقاد المجتمع الى رؤية جماعية للمستقبل.

- شيوع الخوف من السّلطة وفقدان المصداقية وعدم الثّقة في المؤسسات الأجهزة الحكومية.

- غياب ثقافة الحوار بدءا من الأسرة وانتياء بالسّلطة الحاكمة.

- غياب الإعداد والتّدريب على المشاركة في المؤسسات المحلية.

- عدم وصول الجمعيات الأهلية إلى الجمهور بشكل كافي وارتباط اسمها بالمكسب المادي.

- محدودية قدرة المؤسسات على القيام بمثل هذه الأعمال بشكل منتظم.

خاتمة.

من خلال ما وقفنا عليه مما تمّ تقديمه في معالجتنا لإشكالات التّواصل المجتمعي بين مختلف الفعاليات والهيئات والسّلطات، نجد أنّ من بين أهمّ أسباب ذلك:

- انعدام الثّقة بين المجتمع والسلطة الحاكمة.

- عدم وجود أليات تشاركية حقيقية من قبل السلطة المركزية أو المحلية تجاه المجتمع المدني

- غياب التّواصل الفعلي والحقيقي، ومحاولة إيجاد الحلول للمشاكل .

- عدم تحمل المسؤوليات.

وفي الأخير أدعوا جميع الفاعلين في الحراك الشّعبي، وكذلك السّلطة السّياسية أن يغلبوا لغة الحوار ، وأن ينشؤوا قنوات للتّواصل بينهم من أجل الخروج بآليات تشاركية تضمن الانتقال السّلس للسّلطة السياسية من جهة و تمضن كذلك استقرار المؤسسات الدستورية للدولة للنهوض باقتصادها وضمنان ديمومتها واستمراريتها .

في الأخير نسأل المولى القدير أن يحفظ بلادنا العزيزة وأن يرد كيد الكائدين ..

أهمية الحوار بين السّلطة الفعلية في الجزائر وبين الشركاء السّياسيين ومدى انعكاسه على بناء وتنظيم المجتمع التّشاركي  



   نشر في 21 ديسمبر 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا