بقلم/ ياسمين علاء الدين
تعددت أشكال الحب والزواج عبر الأزمان التي ليست ببعيدة، وكذلك تعددت طلباته. فبعد أن كانت تنهيدات الحيرة والحب تتدارى من وراء الكلمات المكتوبة في خطابات الحب قديمًا، وبعدما مرت بإظهارها من خلال كلمات معبرة في شرائط الكاسيت، أصبحت الآن على مرئى ومسمع من الجميع.
•«الجرامافون».. الآلة التي خطفت القلوب
حيث كان الحب عن طريق سماع أغاني عبد الحليم حافظ وأم كلثوم في الستينات من خلال «الجرامافون»، وكان الزواج عن طريق الخاطبة، أو الأم عندما تأتي بصور لبنات العائلة أو الجيران، ليشاهدها الأبن ويختار منها زوجة عمره بعدها.. غالبًا عن طريق الشكل.
وكان الفرح يتم غالبًا في المنزل، بوجود أقارب العريس والعروسة، وبإحتفال بسيط للغاية. وكانت العروسة ترتدي فستان فرح واسع وطرحة طويلة جدًا، وكان العريس يرتدي بدلة سوداء كما نرى في الأفلام قديمًا.

•«شرائط الكاسيت».. الحلم الذي تحقق
يأتي بعد ذلك الحب عن طريق شرائط الكاسيت في أوائل الثمانينات وإستمر لفترة طويلة جدًا إمتدت إلى القرن العشرين، فكان المطربين حينها: هاني شاكر وايهاب توفيق، ومحمد فؤاد، فكان الحبيبان يراسلان بعضهما بالجوابات، والزواج كان برغبة العائلة أيضًا ولكن بطريقة متحضرة قليلًا، فبعد أن كان الزواج بإرادة الأب والأم، ولا لازوم لإرادة الأبناء، أصبح الزواج بإرادة الأب والأم مع أخد رأي الأبناء.
وكان الفرح يتم بإحتفال بسيط أيضًا في المنزل أو في النادي، بوجود أقارب العريس والعروسة وأصدقائهما.

•الــ«MP3».. الجهاز السحري
وفي أوائل القرن العشرين، ظهر جهاز صغير يدعى «MP3»، هذا الجهاز الرهيب يمكن أن نسجل عليه ألاف الأغاني لسماعها في أي وقت، فبدلًا أن كان الشخص يرتبط بمكان معين لسماع شرائط الكاسيت، أصبح يأخد ذلك الجهاز السحري في جيبه، ويذهب به لأي مكان وسماعه بمنتهى البساطة.
فكان الحبيبان يراسلان بعضهما بالأغاني، حيث كانا يعبران عن مشاعرهما بأغاني محددة، وكانا من السهل أن يعبرا عن مشاعرهم بهذه الطريقة دون معرفة أهاليهم. وكان الزواج حينها بإرادة الشباب أولًا ثم بموافقة أهاليهم.
وأصبح الفرح ضخمًا، بعدما كان بسيطًا، وكذلك أصبح يقام في فنادق ونوادي بعدما كان يتم في منزل العروس، بوجود الأهالي والأصدقاء والجيران.

•الـ«Sound Cloud».. الحب في زمن السرعة
أما الآن أصبح الحب عن طريق تطبيق يحمل من الإنترنت، يسمى بالـ «Sound Cloud»، حيث يحتوى هذا التطبيق على ملايين الأغاني، فبمجرد تحميل ذلك التطبيق على الموبايل، أصبح العالم كله بين يديك، حيث تستطيع تسجيل المقاطع الصوتية بنفسك عليه وإرسالها إلى حبيبك.
أصبح الحب سهلًا، وأصبحنا نسمع كثيرًا عن كلمه "متصاحبين" بدلًا من " مرتبطين"، وكذلك أصبحت الأغاني ليست في مستوى تلك الأغاني قديمًا، وكذلك أصبح طلب الزواج سهلًا وله أشكال جديدة لم نكن نعرفها من قبل، مثل فكرة الـ« proposal». فأصبحنا نشاهد الآن طلبات الزواج بكثرة في الجامعات وفي العمل..
حيث نشاهد الشاب يذهب إلى جامعة، التي تدرس فيها حبيبته، ويصنع لها لوحة كبيرة «بانر» مكتوب عليه "بحبك.. تتجوزيني"، وهنا أًصبح الشاب يطلب يد حبيبته من نفسها، قبل أن يطلبها من أهلها.
وأصبح الفرح في أماكن واسعة، وعدد المعازيم بالآلآف من أهالي العريس والعروسة، وأصدقاء العريس والعروسة، وأصدقاء الأصدقاء، والجيران، وأصدقاء الجيران أيضًا، وأصبحت العروس لا ترتدي فستان والعريس لا يرتدى البدلة السوداء، فأصبحوا يرتدون ملابس عادية، لا فرحة فيها.
وأخيرًا لابد من القول أنه بعد أن كان الحب صعبًا ويأخذ وقتًا طويلًا، وهذا من وجهة نظري ليس بشيئًا سيئًا، إنما يوضح مدى تعلق الحبيبان ببعضهما، أصبح الحب كما يقولون "تيك آوي"، حيث السرعة في كل شئ، بداية من التعبير عن ذلك الحب، وحتى تمامه.

فمن الحب عن طريق «الجرامافون» لـ« شرائط الكاست» وصولًا بالـ«MP3» منحدرًا إلى الـ«Sound Cloud».
ومن أغنية «يا حبيبي أنا.. يا حياتي أنا كلنا في الحب سوى» لـ«يا حبيبي كان زمان.. طلعة الورد بأوان» وصولًا بـ«يا حبيبي لمحمد رمضان» منحدرًا إلى «يا حبيبي المحشي إستوى!».. يا قلبي ما تحزن
السؤال هنا.. كيف سيصبح الحب خلال العشرين عامًا المقبلة؟!