في صغري , وفي بداية عهدي بمشاهدة مباريات كرة القدم وخصوصا المحلية , كنت مشجعاً لنادي الزمالك , و هذا لسبب ساذج , أن مدرستي تقع في شارع الزمالك !
سبب سرعان ما أقنعني أبي بتغييره , ناصحاً لي أن اشجع النادي الاهلي , فهوي الأقوي و الأفضل , كما أنني سأكون اهلاوياً مثله , وقد كان .
أول مباراة مباراة قمة شاهدتها , تعادل فيها الناديان 2-2 , وكان الأهلي هو الاقرب للفوز بالدوري , لكن "و لسوء الحظ" اتت الرياح بما لا تشتهي السفن في النهاية , خصوصا بعد خسارة الفريق في أخر مبارياته أمام فريق ( إنبي ) في موسم شهير ليذهب الدوري سريعاً الي الزمالك .
أذكر جيداً هذا اليوم , كنت عائداً من المدرسة وكانت المباراه تذاع عصراً , طلبت مني أمي أن أذاكر فوعدتها بأن أقوم بذلك بعد المباراة " التي من المفترض أن يفوز فيها الاهلي باللقب " , بعد الخسارة شعرت لأول مرة تقريباً في حياتي .. بألم الإحباط وضياع الأمل .. ولم أذاكر في هذا اليوم .
كان شعوراً حديثاً عليّ , تعلقت بشده بفوز الأهلي بالدوري لأرجع الي المدرسة اليوم التالي و أتباهي بذلك أمام زملائي الزملكاوية , و أن أنزل الشارع متباهياً بقميص الأهلي الأحمر الجديد ..
كل هذه الأحلام الصغيرة كصغر سني ضاعت ,تبخرت ببساطه بعد 90 دقيقة
وعرفت اخيراً معني ضياع الأمل .
جاء الموسم التالي و خسر الأهلي الدوري ايضاً , ثم بدأ عصر إحتكر الأهلي فيه بطولات الدوري لثمانية مواسم متتالية .
مع كل مباراة كان يفوز الأهلي فيها , كنت أعتقد أن هذا أسعد يوم في حياتي , وكيف لا وهو النادي الذي أحُبه " بلاعبيه و مدربيه و جماهيره "
وكذلك مع كل خسارة كنت أشعر بالألم و الغيظ و الضيق .
يقولون أن الزمن يكشف لك دائماً دروساً قد لا تجدها في الكتب , وهذا في رأيي صحيح , وخصوصا في هذه الحالة .
حبي لفريقي كان مجرد حب أسم الفريق " الأهلي "
لا أستطيع أن أمسك (الأهلي) أو أضعه في جيبي أو في الصالون مثلاً , فهو إسم لكيان وهمي أطلق علي مجموعة من الأشخاص .
لكن يمكنني أن أفرح و اشعر بسعادة غامرة حين يفوز , و أتألم و يفسد يومي تماماً حينما يخسر .
أتعلق , أتعلق بشيء ليس لي دخل فيه ولا يد , أتعلق بهدف يتحكم بتحقيقه من عدمه آخرون , لاعبين وجهاز فني وإداري , أما الجماهير , العاشقة المحبة , ليس لها إلا الحب , بأفراحه وآلامه .
أتعلق بأمل انا عاجز عن تحقيقه , أتعلق بفوز ما , أصرخ وأغضب وأطالب المدرب بتغييرات تغير سير المباراة , ولا يسمعني ابداً ..
أتذكر بعض الأزمات التي حلت في النادي الأهلي , بين الجماهير ومجلس إدارة النادي , أزمات تتعلق غالباً بإصرار المجلس علي بقاء لاعب لا يرضي عنه الجمهور , او التخلص منه رغم رغبة الجماهير ببقائه
أتذكر كيف رحل (مانويل جوزيه) " لعدم وجود موارد مالية " و كيف إستمر (جاريدو) " لان مجلس الإدارة يعرف جيداً مصلحة النادي الأهلي "
أتذكر كيف فشل جاريدو فشلاً ذريعاً واضطر في النهاية مجلس الإدارة لإقالته
دائماً كان مبرر معظم هذه الأزمات " ان مجلس الإدارة يعرف جيداً ماهي القرارات التي تؤدي الي مصلحة النادي "
وكيف لا و مجلس الإدارة مجلس منتخب , إنتخبه قله من أثرياء الجماهير الأعضاء في النادي , اما البقية العظمي فليس لها سوي الإنصياع
تعلمت في النهاية
أن أكون " بارداً " في تشجيعي لأي نادي بشكل عام , لا مزيد من الصراخ والغضب والنشوة والفرحة , لا مزيد من آلام الهزيمة ولا حتي فرحة الإنتصار
طالما أن هناك من يتحكمون بهذه النتائج , فهم أولي بالفرحة أو الحزن
وطالما أن هناك مجلس إدارة منتخب يعرف مصلحة النادي جيداً , فلا فائدة لي من المطالبة بمطالب لن تتحقق ..
أمل لا يد لي في تحقيقه , أمل عاجز , لا اعتقد ان التعلق به سيكون امراً صائباً
وبالمناسبة , قميص الأهلي البديل " أزرق " .
-
رجائي سامحطالب جامعي من القاهرة, مصر لدي عدة هوايات منها الكتابة , احب الكتابة في مجالات القصص القصيرة والمقالات والخواطر