جرائم الطغاة و تآكل السماحة وقبول الآخر..من أريام أفكاري د.عاطف عبدالعزيز عتمان

هكذا أرى الأريام منزعجة من تآكل مساحة السماحة وقبول الآخر ، فها هو صديقها المتسامح يتراجع خطوات للخلف وله مبرراته ، فالوضع في سورية دموي وميليشيات إيران تعيث في الأرض فسادا ويذبحون على الهوية ، والعراق إحتلت بمباركة مراجع إيران ، وكل هذا لا يساوي بشاعة إنتهاك حرمات أهل الفلوجة وإستباحة أعراضهم وأموالهم ومساجدهم ولن أقول قرآنهم ، فالقرآن قرآن كل المسلمين من لم يحفظ له قدسيته فليس منهم وكل ذلك تحت غطاء يا حسين ويا زينب !!

صديقي شعر أن كل المواقف التي ظاهرها إعتدال هي تقية وأن الحرب على أهل السنة وأن الشيعة هم العدو والخطر وتراجع عن مواقفه السابقة المتسامحة ويدعوني لمراجعة نفسي .

واجبي أن أراجع نفسي وأستمع لنصيحة صديقي وأوافيه بحصاد المراجعة .

يا صديقي العزيز لا تندم على أكف بيضاء مددتها يوما وإن قوبلت بالغدر فما مددتها إلا لله ولا تنتظر وفاء إلا من الله .

أما عن الجرائم التي ترتكب ويباد فيها أهل السنة لا لشيء إلا أنهم أتباع الحسن و الحسين وزينب رضي الله عنهم حقيقة لا زورا ، وأحفاد الفاروق عمر والصديق أبو بكر وأمير المؤمنين علي وذي النورين عثمان منهجا ودينا ، فمعك كل الحق في غضبتك ولكن مهلا يا عزيزي .

الجريمة تنسب لمرتكبها لا دينه ولا عرقه ولا مذهبه فكل نفس بما كسبت رهينة ، وهؤلاء المجرمين الذين يستحلون المقدسات عليهم لعنة الله مهما كان إنتماؤهم العرقي أو المذهبي أو الديني ، لكن تعميم الحكم على طائفة جور ومهلكة ، فكما هناك مجرمي التشيع الصفوي وأزرع المد الفارسي التي تغتال عروبة الضاد هناك مجرمي التكفير من السنة من دواعش وغيرهم ، وهم لا يرقبون في مؤمن خالفهم سنيا كان أم شيعيا عهدا ، فمن وجهة نظري أن الإنصاف أن ننسب الجرم لمرتكبه ويتحمل هو تبعاته وليس دينه أو مذهبه أو تاريخه أو عرقه .

من المستفيد من تأجيج الصراع وجعله سني شيعي ؟؟

من المستفيد من دفع الشيعة العرب بني قومي تجاه الحضن الفارسي بدعوى أنه حامي التشيع وسندهم فيصبحوا خناجر في خاصرة أمتهم ؟

لماذا إعتدت تلك الميليشيات التابعة لإيران على الشيعة العرب الرافضين للمد الفارسي وذبحوهم في رمضان وهم أبناء مذهب واحد ؟؟

هل هناك قاعدة شرعية أو منطقية أو إنسانية تجيز الحكم العام على فئة أو طائفة ويؤخذ الإنسان بذنب آخر من قومه أو فكره؟

هل أكفر مستقبل القبلة وناطق الشهادتين مهما كان فجوره ؟؟

وماذا عن من رفض من الشيعة الهيمنة الفارسية والإحتلال الأمريكي وقتل السنة وتهجير المسيحيين وأفتى بحرمة الدم وكفر الطاعن بعرض النبي ودعا للكف عن السب واللعن للصحابة فكيف أتعامل معه ؟؟؟

أما مسألة التقية ففيها تفصيل دعني أتفق معك جوازا ونعتبر كل الشيعة يمارسون التقية فكيف لي أن أحكم عليها وكيف أتعامل مع تلك المعضلة بسند شرعي أو إنساني ؟

هلا شققت عن قلبه يا أسامة ؟

لقد عصمت لا إله إلا الله دم قائلها ولو بلسانه ولو تحت حد السيف !!

يا صديقي إن السواد الأعظم من عموم السنة والشيعة والمسيحيين وغيرهم هم كذلك لأنهم ولدوا هكذا في ظل مجتمعات منغلقة لا يعرف أي منها عن الآخر إلا الكراهية والحقد نتيجة تدليس كهنة الأديان ومكر الساسة في ظل غياب حرية المعتقد فرفقا بالعامة ، فكل منا محاسب بقدر ما وصله من حق ووصوله للحقيقة .

إذا تبقى مواقف الإنسان وأفعاله وأقواله هي مناط الحكم والنوايا ملك لرب البرايا ، وهذا لا ينفي أن هناك شيعة سماهم المرجع الصرخي منتحلي التشيع ، وتشيع سماه الدكتور شريعتي رحمه الله تشيع الكفر والإلحاد ولي حوار شافي مع العلامة السيد علي الأمين يشع منه نور الإسلام المحمدي الذي لا يعكره الإختلاف حول الإمامة ، ولا يعني ذلك أن العرب غير مخترقين بإسم التشيع ويكاد لهم ويستدرجون بدعوى الطائفية .

أما عني فأنا لا أؤمن بالإمامة مع حبي للأئمة الأطهار من آل البيت جميعهم ، عندي الإمام زيد مثل بن أخيه الإمام الصادق وأحترم من يؤمن بالإمامة ، أدعو لوحدة السني والشيعي والمسيحي ، ولا أدعوا لوحدة التسنن والتشيع أو الإسلام والمسيحية ، فأنا مذهبي الإنسانية ، حيث هابيل وأحفاده سأكون ، فمحمد صل الله عليه وسلم علمني العدل في الخصومة ونصرة أخ العقيدة الظالم برده عن ظلمه ، والإنتصار للحق ، ديني الإسلام كما سماني خليل الرحمن عليه السلام ، وديني يعلو فوق المذاهب الفقهية البشرية الفهم للدين ، والمتأخرة قرون عن نهاية هبوط الوحي ، وإن إعتبرت مدرسة الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان هي الأقرب للصواب الذي أطمئن إليه فكل من شهد بالتوحيد له أخوة العقيدة ، وكل رحم حواء لهم صلة الرحم ، أكره كفر الكافر وظلمه وبطشه وأقاومه لكن لا أكرهه ، أدفع الظلم وأدافع عن العرض والأرض ولا أعتدي ، ولا أسحب الجرائم ومرتكبيها على أعراقهم أو طوائفهم .

رسالتي هي الإنسان وحقن دمه والحفاظ على كرامته وحريته وأهمها حرية معتقده ، وأن أضيء شموع الحب لأنير الطريق لضحايا الكهنة والساسة فأخبر عوام الشيعة أنهم كذبوا عليهم فوالله إنا نعشق ثرى آل البيت ونعرف قدرهم و حسن وحسين منا ونحن منهم وكيف لا وهما سبطا المصطفى ، وأن أخبر عوام السنة أن مذهب الإمام جعفر الصادق لا يقوم على السب واللعن والطعن في عرض النبي وأن الكذابين ومنتحلي التشيع فرقوا الجمع وبثوا الكراهية وأن الإمام زيد قال عن الشيخان ما سمعت عنهما من آبائي إلا خيرا وأن أبو بكر الصديق جد الصادق ، وأخبر المسيحيين أني أحبهم لرحم حواء ولوطن يجمعنا وإن تبرأت من معتقدهم كما يتبرأون من معتقدي لكنهم مني وأنا منهم ، محبة العذراء الطاهرة البتول المصطفاة من الله تجمعنا .

تلك هي رسالتي أتمنى أن تشفع لي عند ربي ولو ساهمت بحقن دم نفس واحدة فليس لي من عمل أو تقوى أو حسن عبادة ألقى بها ربي إلا تلك الرسالة عساها تفك رقبتي و تلك حصاد المراجعة فإن أصابني التوفيق فمن الله وإن أصبت الخطأ فنسأل الله العفو والهداية ، وأختم بحكمة بالغة من حكم الإمام العظيم إمام الموحدين وخامس الراشدين الحسن بن علي حيث قال : إنما جزاء الذين يعصون الله فينا أن نطيع الله فيهم .