من التبرع إلى التسول : " مفيش فايدة " !
متى تكف منظمات المجتمع المدنى عن التسول ؟
نشر في 27 شتنبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
" اتبرع ولو بجنيه "
جملة اعتادنا عليها كثيراً على شاشات التلفاز المختلفة وإن اختلفت المسميات من حين لآخر ، تقوم معظم المنظمات الأهلية والجمعيات التطوعية على إختلاف أنشطتها برفع ذلك الشعار لاسميا فى مواسم دينية ومناسبات يتمتع فيها الناس بالقابلية لبذل الكثير من الأموال في سبيل الله ، والرغبة فى عمل الخير .
الوضع أشبه بعروض الأزياء والموضة ، التى يريد الكل أن يرتديها ، فعلى الرغم من كم المشكلات التى تواجه تلك الممنظمات فى مصر- ولذا قد ألتمس لهم العذر - ، ولكن تظل سياسة التبرع تحتاج لمزيد من التقنين من الجمعيات نفسها قبل الجهات الرقابية . فتفشى ذلك الأمر بهذه الطريقة أوجد خللاً واضحاً فى عمل تلك المنظمات وتناقضاً مبيناً فى الأهداف والرؤى ، فكيف تريد تلك المؤسسات أن تخدم المجتمع وتساعد الناس وتُحدث تغييراً ، فى الوقت الذى تستنفذ فيه طاقات المجتمع ، ويتبرع لك البسطاء ، وتتبع نفس النهج المتُبع فى سياسة الدولة العامة أين تحقيق أهدافك إذاً ؟!
العمل على إيجاد طريقاً منيراً يُمارس فيه سياسة للتغيير ، يتطلب وجود فكر مستنير وتطبيق مبتكر فى إدارة مثل هذه المنظمات فإن لم تستطع أن توفر دخلاً ثابتاً ورعاية كاملة للأنشطة والأعمال فهذا هو الفشل بعينه ويصبح عندها التبرع فى مجال التطوع هى طريقة للتسول ليس إلا ، أن تلجأ للبسطاء الذين يعانوا من أحوال سيئة وصعبة ليس حلاً ، وعاجلاً أم آجلاً ستسقط ،فما يحدث ما هو إلا تبلور لفشل ذريع في منظمات المجتمع المدني ، لأنها لم تأخذ بعوامل النجاح وظلت أسيرة التبرعات لسنوات طوال .
وحقيقةً لا أعلم ما العائد القوى الذى يدفع بهم لعمل إعلانات تليفزيونية تكلف ملايين الجنيهات تطلب فيها التبرع والمساعدة ! أى عقل هذا ؟! لماذا لا تتجه نحو كبرى الشركات لعقد اتفاقيات لرعاية الأنشطة والأعمال ؟ لماذا لا تقوم بعمل بعض المشروعات ولو متوسطة أو صغيرة تدرُ دخلاً مناسباً تمارس من خلالها تلك الأهداف النبيلة ؟ لماذا اللجوء الدائم لرجل الشارع والموظف البسيط والذى بالطبع لا يحيا فى مستوى معيشي ودخل يضمن له الثراء ، أو على الأقل حالة مادية مستقرة .
أنا لست ضد التطوع ، ولا أُعادي المتطوعين - بل أحترم وأقدر الجميع - ، ولكني أنتقد فكراً وأسلوباً إدارياً عانينا منه ومازالنا نعاني طيلة الأعوام السابقة ، وعندما نتحدث الآن عن التغيير نجد نفس النهج بنفس الطريقة ، فلا أجد بُداً إلا أن أستحضر مقولة الزعيم المصري سعد زغلول : " مفيش فايدة " !
-
Mohamed Salemعضو مجلس الشباب الإستشاري بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا ، رئيس تحرير مجلة فصلة ، كاتب بموقع ساسة بوست ، ومحرر ببوابة يناير ، عضو في عدد من مؤسسات المجتمع المدني .