أسرة سلمى 29-30 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

أسرة سلمى 29-30

  نشر في 26 شتنبر 2021 .

29

- بابا سعد، ارفع صوت التلفزيون لنسمع التكبير والتهليل.

- سمعا وطاعة.

- هذه السنة لم يحجّ إلّا ستّون ألفا من المواطنين والمقيمين في السعوديّة والذين تمّ تطعيمهم ضدّ فيروس كورونا.

- ليتنا كنّا هناك لنؤدّي فريضة الحجّ.

بعد أن رزقنا الله، أضحينا مستطيعينِ لأداء هذه الفريضة.

- هذا أبو شروق، أكثر من عشر سنين وهو يحاول أن يسجّل ولم يفلح!

العلاقات الدبلوماسيّة المتأزّمة بين إيران والسعوديّة أدّت إلى تقليل عدد الحجّاج قبل تفشّي كورونا؛ فماذا نفعل؟!

- ربّما علينا أن نشتري بطاقة التصريح من السوق السوداء.

- إلّا فريضة الحجّ.

لم يفرض الله سبحانه وتعالى أداءها خارج إطار التقيد، وبأضعاف سعرها من السوق السوداء.

- إذن علينا أن ننتظر عقدا أو أكثر حتّى نستطيع التسجيل، وبعدها ننتظر دورنا.

- لا حيلة لنا غير هذا.

اليوم زارني شخص أعرفه منذ عشر سنوات، واقترح أن يحضر لي راية سوداء أنصبها في باب المحلّ!

- ولمَ هذه الراية يا ستّار؟!

- قال حزنا على الحسين.

- ولكن يفصلنا عن شهر محرّم أسبوعان.

- قال إنّ لديهم هيئة مدعومة من بعض الجهات، يشترون الرايات السود للمحلّات، والقمصان السود لأعضاء الهيئة، ويستقبلون شهر محرّم قبل أن يهلّ هلاله بعشرة أيّام، ينصبون الحديد على الرصيف ويشيّدون محلّا لمقرّهم يسمّونه (تكية).

- وما جدوى الملابس السود سوى أنّها تصيب الإنسان بالكآبة؟!

- يقول إنّ حزننا على الحسين يجب أن يبرز في ظاهرنا أيضا، ولهذا يطلقون اللحية ويرتدون السواد مدّة شهرين، ولا يستمعون للموسيقى، وإنّما إلى النواح وقصائد الندب والتي يسمّونها (لطميّات).

- وما رأيك بهؤلاء يا أبا سعد؟

- لولا أهميّة القضيّة لما أبديت برأيي، فقد يعتبرها البعض تدخّلا في المعتقدات الدينيّة.

ولكن سأبدي برأيي مع احترامي لجميع الاعتقادات.

قضيّة عاشوراء انحرفت عن مسارها، أمسى همّ البعض ارتداء السواد، وأداء النذور، وإقامة المآتم واللطم والبكاء على الحسين لا غير، ولا أريد أن أتطرّق إلى قضيّة الملالي الذين لا يقرأون كتابا واحدا طوال السنة فيرتقون المنابر ويكرّرون قصص السنة الماضية

دون نقصان أو زيادة، ويشترطون على الناس مبالغ هائلة دون أن يقدّموا موضوعا مفيدا لا يعرفه الحاضرون من قبل.

- ذكرت النذور، والدتك لديها نذر أيضا.

- مشكلة الناس البسطاء هي اعتقادهم بأنّ النذور سوف تدخلهم الجنّة!

من الذي عليه أن يوجّه هؤلاء أن لا يهدروا أموالهم في الطبخ للذين لا يستحقّون؟!

أطفالك أولى بهذه النقود التي تبدّدها في نذور تقدّمها للجيران وهم ليسوا فقراء.

اشترِ بها كتبا، ادعم بها مؤسّسة ثقافيّة، تصدّق بها على فقراء يستحقّون، وما أكثر الفقراء المحرومين من ثروات بلادهم، يكفي أن تقف قرب سلات المهملات بعد غروب الشمس لتراهم يبحثون فيها عن قوت يومهم.

بالنسبة إلى والدتي، أقنعتها أن لا تطبخ، وأن تشتري رزّا ودجاجا تتصدّق به على فقراء (الطويجات).

5-8-2021

30

- مرحبا أبا سعد، كيف أمسيت؟

- الحمد لله، لا أزال أتكلّم بلغتي العربيّة.

- يبدو أن أبا شروق يريد أن ينهي حلقاتنا، ما السبب يا ترى؟!

قلّة المواضيع؟! أم شحّة معاناة أبناء شعبنا وحرمانه؟!

- إن كان السبب كذلك، فأنا أستطيع أن أزوّده بمواضيع أهوازيّة كثيرة، منها منشأها الجهل، وأخرى الفقر، وهناك من يؤثر قضايا شعبه على مصلحته الشخصيّة، وهنالك من يتراقص على جراح الشعب.

على سبيل المثال في قضيّة الجهل، أمس جاءني زبون، وكان يشكو من شقيقه فقال:

لدى أخي ابنان غير متزوجينِ ولديّ بنتان، وكان يأمل أن أزوّج بنتيّ لابنيه!

وعندما جاءني خاطبان رضيت بنتاي بهما زوجينِ، وعزمت على تزويجهما، لم يعترضني، لكنّه حنق عليّ ولم يكلّمني منذ سنة!

ألا يستحقّ هذا الموضوع المعالجة؟!

- أبا سعد، قد يكون الرجل تعرّض لمضايقات ثانية، ولهذا قرّر أن يختم الحلقات.

- حتّى لو تعرّض، فإنّ قلمه لا يتراجع بسهولة عن تدوين ونشر ما يعانيه شعبه.

- قبل أيّام رأيت امرأة في الدرّة قالت إنّ بيتها في المنيوحي، وإنّها لا تملك أجرة السيّارة لترجع، وطلبت منّي مبلغا لأجرة السيّارة.

لم أسألها كيف جاءت من عبّادان إلى المحمّرة، اقترحت عليها أن أؤجّر لها سيّارة توصلها إلى بيتها؛ لكنّها قالت: كيف أثق بالسائق وأنا لا أزال شابّة؟!

أعطيني المال وأنا أعرف كيف أرجع إلى بيتي.

ألا تستحقّ هذه الظاهرة أيضا أن يكتب عن أسبابها والتي بدأت تتفشّى في بلد زاخر بالثروات؟ وكيف نتعامل معها أو نعالجها؟!

- أمّ سعد، أبو شروق طلب من أعضاء مجموعة المشورة أن يقترحوا مواضيع لهذه الحلقة، واقرئي ما اقترحه أبو إيناس، اقتراحه أن أخرج إلى المظاهرات و أتعرّض لطلقة وأستشهد.

- أبكاني اقتراحه، لا أستطيع أن أتصوّر الحياة من دونك، ماذا أفعل بعدك يا حبيبي؟!

- أتبخلين عليّ بالشهادة وهي ما تمنّيته طوال حياتي يا أمّ سعد؟!

أم أنّ قضايانا لا تستحقّ التضحيات؟!

- كلّا، ولكن فراقك ليس هيّنا، فأنت الهواء الذي أستنشقه والماء الذي أشربه، وهل يستطيع المرء أن يعيش بلا ماء ونحن في هجير الصيف، أو أن يعيش بلا هواء؟!

- الهواء، والماء، يا له من تعبير غرامي جميل!

وبُعدا للقوم الذين لوّثوا هواءنا بعد أن جفّفوا الهور، وسرقوا مياهنا.

وما رأيك باقتراح أمّ أمير وهو أن يُلقى عليّ القبض في المظاهرات، أو لمواقفي التي لا تروق للسلطة فأسجَن، وتزورينني في السجن ويدور بيننا حوار.

- السجن ثانية؟!

لقد ذقت المرارة في غيابك حينما سُجنت، وأعتقد أنّك قد أدّيت ما كان عليك من واجب، والآن عش مع عائلتك واستمتع قليلا بحياتك.

طبعا لا أقصد أن تنأى عن شعبك وقضاياه.

- إلّا النأي عن قضيّة الشعب، لا تقاعد للمثقّف عن رسالته، رسالته تستمرّ من ساعة انضمامه إلى قافلة المثقّفين، إلى أن تتوفّاه المنيّة.

جواد اقترح أن أهاجر إلى أوروبا بسبب مضايقات رجال المخابرات، وقد أجابه أبو حسام: باقون هنا.

- الحقّ مع أبي حسام، الهجرة لا تخدم الشعب، إلّا اللهمّ تخشى أن تُسجن لمدّة طويلة، أو أن بقاءك يعرّض حياتك للخطر.

وماذا بعد؟

- أبو علي اقترح أن أفتح مشروعا اقتصاديّا يشمل عدّة فروع منها مكتبة لبيع الكتب العربيّة، ومعرض للملابس العربيّة، ومعهد لتعليم اللغة العربيّة، ليدعم هذا المشروع شبابنا البطالين.

واقترح أبو رحيم أن أصاب بفيروس كورونا ويتمّ نقلي إلى المستشفى لأنقل ما يعانيه المرضى من سوء الإدارة، وضعف الإمكانات وغياب الرعاية الصحيّة.

- نحن نراعي جميع الإجراءات الصحيّة ونلتزم باستخدام الكمامة في كلّ مكان، ولهذا لن نصاب بفيروس كورونا.

ألم يكن في جعبة اقتراحاتهم موضوع يخصّ عوائل الأسرى والشهداء؟ أو يدعم الأسرى أنفسهم؟

- صدقتِ، هذا الموضوع لا ينبغي أن يغيب عمّا يتناوله المثقّفون.

والآن سأبلغ أبا شروق أن يختم الحلقة، ولكن كيف يستطيع أن يؤلّف بين هذه المواضيع المختلفة في حلقة واحدة؟!

سعد: عمّي أبا شروق، قبل أن تنهي الحلقة، اكتب لي نصيحة لعلّها تخلّد اسمي في حلقاتك التي تخصّ أسرتنا.

- طيّب يا سعد، عليك أن تمنح شقيقتك بدور كلّ الاحترام، أن تحترم ذاتها وحرّيتها وخصوصيّتها، وأن تكون لها سندا في المستقبل.

وأن ترعى والديك بعد أن يبلغا من الكبر عتيّا.

بدور: ونصيحتي أنا يا عمّ؟

- سأكتبها، واقرئيها عندما تكبرين، عندما تكبرين وتتزوّجين وتسكنين بالقرب من بيت أهلك، لا تبخلي عليهم بزياراتك الخفيفة، ولكن اعلمي أن بيتهم ليس مطعما تدخلينه وزوجك وأطفالك أكثر من مرّة في الأسبوع.

فالكرم العربي يمنع سلمى وفؤادا من أن يبوحا لك ولأسرتك بغير عبارات الترحيب.

سلمى: وأين حصّتي من نصائحك صديقنا أبا شروق.

- هي ليست نصيحة وإنّما رجاء:

لا تزالين يا أمّ سعد شابّة، فأرجو أن لا تبخلي على سعد بإخوة، وعلى بدور بأخوات، وعلى مجتمعنا بمثقّفين مكافحين ومناضلين.

وأنّ في حياة امرأة ذات رسالة مثلك أشياء أهمّ من المكياج والملابس ومتابعة المسلسلات الدراميّة.

أشياء مثل تثقيف الأخريات، تعليم اللغة العربيّة عبر مجموعات التواصل، الاهتمام في تربيّة الأبناء تربيّة حسنة في موازات العمل.

فؤاد: وبماذا تعظني يا أبا شروق؟

- لا تحرجني يا أبا سعد، فأنا الذي يجب أن أتعلّم منك الصبر والتضحية، أنت على مستوى عال من الوعي والتحدّي، ولا حاجة أن أوصيك بأن تجعل نصيبا من وقتك وممّا رزقك الله بعد ذاك الفقر، لشعبك وقضاياه.

12-8-2021

سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز



  • سعيد مقدم أبو شروق
    سعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.
   نشر في 26 شتنبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا