في أصول الفقه الإسلامي أحكام تكليف الشرع خمسة، وهي: الفرض، والمستحب (المندوب)، والمباح، والمكروه، والحرام.

وما يترتب على هذه الأحكام من ثواب وعقاب كالآتي:

الفرض: يؤجر فاعله ويؤثم تاركه.

المستحب: يؤجر فاعله ولا يؤثم تاركه.

المباح: لا يؤجر فاعله ولا يؤثم تاركه.

المكروه: يؤجر تاركه ولا يؤثم فاعله.

الحرام: يؤجر تاركه ويؤثم فاعله.

ولكن في واقع كثير من المسلمين أحكام الشرع مقسمة إلى قسمين حصرًا، وهما حلال أو حرام، وعلى أساس هذا التقسيم، ضاقت الأحكام بكثير من الناس، فلم يميزوا ما بين الفرض والمستحب والمكروه ..إلخ

لذلك يرى هؤلاء الناس أن المسلمين تهاونوا في دينهم. ولكن الحقيقة أنهم هم من تشددوا في الدين وفرضوا تشددهم على الآخرين; فيرونهم متفلتين ومتهاونين.

وهذا ليس كلامًا مطلقًا عن تهاون الناس بدينهم، فهناك من تهاونوا حقًا، ولكني أقصد المعتدلين الذين يتهمهم البعض بالمتهاونين.

مثالًا على هذا، تطويل الأظافر عند كثير من النساء اليوم، هناك من يرى هذا الفعل حرامًا، أو حتى إن لم يعتبره حرامًا، يُشعِرُ من تطيل أظافرها بالدونية، وأنها متهاونة بحكم كبير في الدين، فتفرض الأم على ابنتها قص أظافرها، ويتدخل الأب والأخ، وكأن ذلك الفعل كبيرة من الكبائر، أو أن البنت خرجت عن السنة، ومثله تضييق الطالبات في المدارس في هذه المسألة، والبنت لا تقصد شيئًا من فعلها هذا سوى أنها تجد كفيها أجمل بالأظافر الطويلة. إن قص الأظافر من السنن المستحبة، والمستحب يؤجر على فعله ولا يؤثم على تركه، فلماذا نعتبر تطويل الأظافر حرامًا، أو لماذا يجبر الآباء بناتهم على فعل لا يؤثمن عليه، ولم يرد في التشريع عقوبة على تركه، هل من المنطق أن تُجبر البنت على فعل تؤجر عليه وهي غير مقتنعة به، وهل ستؤجر على فعله حقًا؟!

كذلك تحريم حلاقة وتسريحات كثير من الشباب، قياسًا على القزع، والقزع عند الفقهاء كلهم مكروه لا محرم، والمكروه يؤجر على تركه ولا يؤثم على فعله، فلماذا نحرمه، أو لماذا نجبر أبناءنا على فعل لا يؤثمون به، ونريد لهم الأجر بجبرهم على فعله؟!

 إنه ليس سوى فرض وجهة نظر الآباء على الأبناء بما يناسب ذوقهم وبما كانوا يرونه صحيحًا في زمانهم واعتادوا عليه. 

إننا لو وجهنا نظرنا صوب مقاصد الشريعة المتمثلة بالضرورات الخمس، والتي ترتبت عليها الأحكام وهي: (حفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ الجسد، وحفظ المال، وحفظ الأسرة) 

ولو اكتفينا بالحديث الذي جاء فيه رجل النبيَ ﷺ يَسْأَلُه عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ ﷺ : خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ، وصوم رمضان، والزكاة، فقالَ الرجل: هل علي غيرها؟ قال ﷺ : لا إلا أن تطوَّع، فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولَا أنْقُصُ، قالَ ﷺ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ. لكان ديننا دين يسر ولكانت الحياة أسهل بكثير. الدين ليس بالتشدد، والمتدين ليس ذاك الذي يصلي السنن فوق الفروض ويحفظ القرآن كله ويتابع الكثير من البرامج الدينية حتى نعترف به أنه متدين.

يكفي إن كنا موحدين ونفعل الفروض الخمس ونتجنب المحرمات الصريحة في القرآن وفي السنة الصحيحة المطابقة للقرآن لنكون متدينين.

ختامًا

تطويل الأظافر لدى النساء، وقصات الشعر لدى الرجال من الأمور غير المحرمة، وهكذا أفعال تدخل حيز الحرية الشخصية ولا يحق لأحد أن يفرض وجهة نظره على الآخر، وإن كان قص الأظافر من باب النظافة الشخصية فدور الأهالي أن يوجهوا إلى تنظيف الاظافر وتعقيمها بدل قصها، فهذه حريتهم مادام الفعل غير محرم.

وقصات شعر الشباب أيضًا تعود لذوقهم، ويسمح لهم ما لم تكن القصة غريبة وناشزة عن المألوف فمنعهم سيكون لحمايتهم من التنمر عليهم لا لحمايتهم من الإثم، فهي غير محرمة أصلًا.