لماذا نقاتل الكافرين؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا نقاتل الكافرين؟

  نشر في 27 أكتوبر 2016 .

يكون طرح هذا السؤال منطقيًّا جدًا، وخاصة أن الإسلاموفوبيا تحقق أرقامًا قياسية، سواء في المجتمعات العربية أم الغربية، سنحاول الإجابة عن هذه السؤال بدون أية سفسطة أو مراوغة، أو حتى السؤال بالضد كحق مشروع، كأن نتساءل لماذا تقتلنا النصرانية؟ واليهودية تسفك بنا؟ والشيوعية تذبحنا والعلمانية تطعن؟… إلخ.

إن أقذر الرذائل لها أسس إسناد ودوافع، منها ما تكون منطقية كالداروينية أو العرق الآري والعنصرية عامة، فكيف بالأديان والأيديولوجيات وبهذا موضوع خاصة، أي الحجج والدلائل العقلية والنقلية التي تفحم لها كل الفلسفات والمذاهب الفكرية متوفر لدينا وبكثرة حول سؤال: «لماذا نقاتل الكافرين؟» وغيرها من الأسئلة والشبهات، لدرجة تفحم إنسانيتك المفرطة وتقنعها إن لم تربت على كتفيها!

ما أريد قوله بأن أي إقصاء ومحاولة الاستناد إلى جزئية واعتماد ما تستهوي وترك ما لا تستهوي دعه جانبًا، في أي بحث لك في عالم مقارنة الأديان والإلحاد إن كنت باحثـًا بحق، أي تخلص من تلك الطوبائية الزائفة، وإياك أن تنسى إنسانتيك الجانب المظلم بالتحديد، وكما يقول صديقي أيوب: «الإنسانية حلم مثالي داعب مخيلتنا كما داعبت المدينة الفاضلة مخيلة أفلاطون».

عمومًا الإسلام ليس دينـًا ظهر في الجزيرة العربية على العرب فقط دون سابقة توضيح أو تبشير، وأن النبي محمد «صلى الله عليه وسلم» ليس مجرد رسول خرج في قومه يصلح حالهم جاءهم بدين جديد كما يتصور بعضهم أو يحاول التصوير، إذ إن الإسلام هو دين الله الحق الذي جعله للبشرية من خلق الخليقة إلى يوم القيامة، وما أرسل الله من أنبياء ورسل على مر العصور والأزمنة، إلا برسالة واحده من أول نبي ورسول إلى آخر نبي ورسول، رسالتهم واحدة لا غير مضمونًا وهدفًا، ومن هؤلاء الأنبياء والرسل ما علمنا بهم ومنهم ما لم نعلم عنهم شيئًا، من الذين علمنا بهم وعرفنا عنهم «25» نبيًا ورسولًا جاء ذكرهم في القرآن ومنهم «آدم عليه السلام، إدريس عليه السلام، نوح عليه السلام، هود عليه السلام، إسماعيل عليه السلام، يعقوب عليه السلام، يونس عليه السلام، موسى عليه السلام، محمد صلى الله عليه وسلم… إلخ»، أما عن مجموع هؤلاء الرسل والأنبياء فإن عددهم حسب ما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفـًا، قلت: يا رسول الله، كم الرسل منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير، قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟ قال: آدم»، حيث كانت مهمة هؤلاء الرسل والأنبياء على مر العصور والأزمنة ، مهمة واحدة ورسالة واحدة من أول نبي إلى آخر نبي، ومن الأدلة على وحدة رسالتهم وهدفهم في القرآن الكريم:

»وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ»

»إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ».

«وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ«.

»إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا«.

«شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ».

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ «69» إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ «70» قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ «71» قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ «72» أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ «73» قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ «74» قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ «75» أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ «76» فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ «77» الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ «78» وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ «79»).

-«وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ».

ومن الأدلة الأخرى حول الدين الأساس هو الإسلام، هي ما ذكرته الديانات الأخرى كاليهودية والنصرانية وأعني بالتحديد هي ذكرها وإشاراتها وتبشيرها بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبدقة أخرى صحة الإسلام بدلائل تلك الديانات، أما في الجوانب الأخرى التي ليست فقط تؤكد على أن الإسلام هو دين البشرية إنما تدل على صحته فهي جوانب معلومة مثلًا: «المبدأ لدى غالب الأديان الجنة والنار، والعقاب، والعدل ، وقدرات الله وصفاته، والدعوة للعبادة والفضائل، موقف الإسلام من أنبياء الأديان الأخرى، ما جاء في تلك الأديان عن الإسلام، معجزات الإسلام، توافق ما جاء به مع البشرية علومها وفطرتها وعقلها، الأدلة العملية والنقلية على صحة الإسلام… إلخ» وللاستفادة في هذا الجانب راجع كتاب بداية تعريف بدين الإسلام ونبوءة محمد من الشك إلى اليقين.

ما أريد قوله بما أن الإسلام هو الدين الحق الأساس للبشرية الذي ارتضاه الخالق للعباد، فإن الحق ليس كالباطل، وبعبارة الإسلام الأصل الحق والكفر هو الفرع الباطل، أي أن القضية ليست مجرد دين من آلاف الأديان يدعي أنه الصواب وغيره الخاطئ بهكذا سطحية، نعم أنا مسلم كل الأديان ستذهب إلى الجحيم وهي على باطل، ويمكن أن يخرج لي «ملحد» أو صاحب ديانة أخرى يقول كقولي، لكن العبرة ليست بالقول؛ فالجميع يقول ويتكلم لا مانع لطالما القضية الألسنة؛ إنما العبرة الحقيقة بصحة تلك الأقوال وإثبات أدلتها وصحتها، ونحن كمسلمين لدينا من الدلائل الكثير بمقياس العقل والعلم.

ولعل من المفارقات التي تستحق الذكر بهذا الصدد، هي أن العديد من الملاحدة واللادينين يحملون قولًا يريدون به دليلًا لهم، لكن يثبت لهم العكس من حيث لا يعلمون، وهو أنهم يحتجون ببعض الأدلة المذكورة في الديانة النصرانية مثلًا حول الإسلام، دليلًا على تشابه بين هذه الأديان أي الإسلام، لكن السخرية هي دليل لنا يثبت صحة دين الإسلام الأساس وإثبات أنه دين البشرية، وعمومًا حتى لا تضيع الإجابة بالسرد سوف نلخصها على شكل نقاط:

– إن دين الإسلام هو دين البشرية سابقـًا وحاضرًا ومستقبلًا ووضحنا هذه النقطة بدلائل ذكر الإسلام بتلك الديانات، كذلك وبدلائل صحة الإسلام سواء بالمقاييس العلمية أو العقلية فهي جوانب معلومة، بناءً عليه بأن أن الإسلام فهو دين الحق الأصل، وأن الكفر دين الباطل الفرع، وعليه وجود الحق واستمراريته تتطلب محاربة الكفر ورد شره، فهو باطل والباطل ضرورة محاربته، فهل يستوى الأعمى والبصير أو الظلمات والنور؟

– مبدأ «قتال الكفار في الإسلام» هو مبدأ دفاعي على كل أصعدته، يحكم قتال الكفار جملة من الضوابط والقيود، بدأ من حرية الكافر في البقاء عليه دينه والاكتفاء بدعوته «لا أكراه في الدين»، واحترام حقوقه، بمعنى أن للكافر حقوق وعليه حقوق ولنا في خير الآية الكريمة خير دليل: «وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» وفي الحديث الشريف: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا»، يطول الحديث عن حرية الكافر بكفره وأحكامه فهي معلومة جدًا كما معلوم فارقها مع الأديان الأخرى، عمومًا لعل من المفارقات التي تذكر بهذا الصدد هي، أن بعضهم يتحدث عن حرية الكافر في الإسلام مكونًا مغالطات معينة، لكن سرعان ما يناقض تلك المغالطات وحججه، عندما يتحدث عن الجزية!

– عندما يدعو المسلمون البشرية إلى الله وعدالته ودينه الحق فإنهم سوف يحاربون بسبب هذه الدعوة وهذا ما لا يلقى كل خير، لذا وجب حماية هذه الدعوة، فإذا كان الحق والعدل لا يتحقق إلا من خلال القوة مثل معاقبة المجرم والمذنب، فكيف بنشر الحق وتطبيق العدل على البشرية ورسالة بهكذا ضرورة، فالإسلام دين منهج وعمل وخطة حياة ليس فقط عبادة وطقوس.

– كما أن للحق شرعًا ونهجًا فإن للشر نهجًا وشرائع، حيث إن الشرائع التي تتفرع من الكفر هي شرائع باطلة ظالمة، عكس الشرائع التي تتفرع من الحق رحيمة عادلة، فكيف أن شريعة الحق من الله عز وجل حيث هو من أمر بمقاتلتهم وهو أعلم بنا منهم، فضلًا أن الكفر يسعى إلى هلاك معتنقيه في الدنيا والآخرة، فمن اتبع الكفر هلك سوى بعلمهم أو بعدمه، فوجب إنقاذهم من خلال تبليغهم برسالة الله بدون فرض أو إجبار فلا إكراه في الدين كما وضحنا، كما في تبليغ حجة وحكمة، فإن الله لا يعاقب الكافر على كفره بدون ما لم يصله نبأ الإسلام.

– الكفر لا يكفي المسلمين ودولتهم عدوانه، فكما رأينا كل الأنبياء تمت محاربتهم من نبي الله آدم إلى خاتم الأنبياء محمد «صلى الله عليه وسلم»، تتم محاربتهم شر حرب من الكفر ومحاولات دائمة لإطفاء نوره، فإن الظروف تحتم على المسلمين محاربتهم والحفاظ على أمنهم ودينهم حتى لا يتمادى سلطان الكفر ويطغى، وحتى تصل رسالة الإسلام إلى البشرية عامة ويسود شرع الله في أرضه، وما الفتوحات الإسلامية إلا خير مثال على هذه الهدف.

– إن طبيعية البشرية تفرض هكذا حربًا وقتالًا فإنها سنة كونية وصفة بشرية، إذ الكون فيه خير وشر والصراع بينهم متواصل، فعندما يوجد كفر لا بد من وجود إيمان، وعندما يوجد دين باطل لا بد أن يوجد دين حق، ولا يحق الحق أو الباطل بدون حرب؛ فلكل منهم أنصار سواء بسبب الأولى أو الثاني فما حجم الفرق بين سبب حرب كل منهم، وأختم بهذا المثال: «قتل المجرم لأحد ما، ليس كـقتل المجرم لأنه قتل أحدهم، ففي الأولى ظلم وفي الثانية عدالة» فتأمل.

المقالة منشورة في ساسة بوست



  • 1

  • محمد رجا
    كاتب عراقي، مهتم في الشأن السياسي والاجتماعي
   نشر في 27 أكتوبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا