الروح والجسد
هناك عشرات الأفكار والكتب والفلسفات التي تتحدث عن علاقة الروح بالجسد , وربما الوعي بالروح والجسد ,أو العقل بالوعي والروح والجسد .
ما أناقشه هنا أفكار اجتهادية لا علاقة لها بما نوقش من فلسفات ونظريات وأفكار , قد يجانبني الصواب تماما , وقد تتسلل الحقيقة بين أفكاري ولو خجلا , كما أن هناك مفردات تفرض وجودها بين طيات تلك الأفكار مثل
- الروح , - الجسد , - الوعي , - العقل
1/ العقل
لو نظرنا إليه كنتيجة تفاعلية للمخ بكل تلافيفه وعصبوناته المادية وإشاراته العصبية الكهربائية , يعتبر مادة .
2/ الجسد ومركز التحكم فيه (المخ) , والعقل هو نتيجة لعمل المخ
كذلك هو مادة
3/ الروح , 4/الوعي , هي غير مادية .
الجسد وهذا (رأي شخصي)
هو كيان مادي , وبدون روح لا يختلف عن أي قطعة خشب في حديقة ,
وحتى لو وجد الجسد داخل الأنثى ولم تنفخ فيه الروح سيظل بلا قيمة معنوية , يقول تعالى (فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا) , أي أن الروح لازمة لتحول الجسد من شيء بلا قيمة إلى شيء قيّم .
فإذا نُفخت الروح الغير مادية بالنطفة المادية تبدأ التفاعلات لتكوين بقية الجسد المادي , ومع تكون المخ المادي بكل تعقيداته وأسراره التي كُشفت والتي لم تكشف بعد .
وبقدرة الله تعالى يبدأ المخ بما أتاه الله تعالى من قدرة خاصة بعد الولادة , والخروج لمعترك الحياة والتفاعل معها , بربط الأشياء من حوله بطريقة منطقية تتيح له حماية الجسد وتفسير كل ما يحيط به بصورة منطقية يتقبلها الجسم , وتسمى هذه الميكانيكية بالعقل , فالعقل يعقل الأشياء ويحاول الربط بينها بطريقة معقولة ومقبولة .
وهنا (أرجح) أن العقل مادي لأنه ينطلق نتيجة أوامر عصبية وشحنات كهربائية تنطلق نحو الجوارح من المخ لتتحكم فيها , و يطلقها المخ عن طريق عصبونات وموصلات معينة فيه .
من الملاحظ أن هناك خلط أو إشكالية في دور كل من المخ والعقل والوعي في الجسم البشري , فمن وجهة نظري أن الإنسان بعد تكونه الأولي لا يمكن أن يملك وعي أو عقل أو ذاكرة , بدليل أنه لن يستطيع تذكر أي شيء داخل رحم أمه , فقط جسده وروحه التي تمده بأدوات التكوين والتطور الأولي .
فالمخ الذي يشعل فتيل العقل والذاكرة والوعي مازال دوره مقتصرا على مد الجسم بمكونات الجسد المادي الأولي من نمو عظام وجلد وأوردة وأعضاء داخلية وأطراف وحواس ومنها المخ ذاته .
وستظل الروح كما قال تعالى عنها :
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي )
فهي طاقة خلاقة علوية كما يقول عنها الفلاسفة .
فالروح كلمة ذات طابع فلسفي وديني أُختلف حوله كثيرا , وحتى في تعريفها لم يتفقوا على ذلك كثيرا , أو تحديد ماهيتها , وأكثر ما قيل فيها , أنها ذات قائمة بذاتها ذات طبيعة معنوية غير محسوسة , أو ملموسة , وإذا كانت الفلسفات ذكرت أن الروح مخلوقة من جنس لا يوجد له نظير في العالم المحسوس , وأنها أساس الوعي والشعور والإدراك , وهناك قول أن الروح تختلف عن النفس , وأن النفس عبارة عن اجتماع الروح والجسد معا , وعندما يموت الجسد تُفصل الروح عن وعائها المادي ولكنها تبقى بعده بطريقة ما .
ومن الشائع أن الروح تفارق الجسد في حالتين , النوم والموت , ففي النوم تغادر الروح الجسد ولكنها تكون قريبة لتعاودها بعد الاستيقاظ , ولكن بعد الموت تغادر بلا رجعة حيث يعلم الله بتوجهها .
(وجهة نظر خاصة) ولكن هل فعلا أن الروح تغادر الجسد عند النوم ؟
من المؤكد أن مغادرة الروح للجسد ولو لدقائق فهذا يعني أن الجسد مات وسيبدأ بفقدان مقومات الحياة بكل أشكالها .
من المرجح أن الوعي هو من يختفي عند النوم وليس الروح , فالروح هي النفخة الربانية التي تحافظ على وجود الجسد وبث حرارة الحياة فيه , فإذا كان أفلاطون يرى أن الروح هي الأساس لكينونة الإنسان والمحرك الأساسي له فكيف تغادره ربما لأكثر من 8 ساعات كل يوم ؟
ولكن هل يعتبر كلام أفلاطون أن الروح تتكون من ثلاثة أجزاء , هي النفس والعقل والرغبة صحيحا ؟
لو كان صحيحا هل نجد للجنين في بطن أمه بعد نفخ الروح فيه عقل أو رغبة ؟
أو أن هذه الأشياء لا تظهر إلا بعد ولادته وربما مرور بعض الوقت من ولادته ؟
قد تكون رغبة البقاء فطرية كأن يتناول ثدي أمه لحاجته للطعام , وهي مقرونة بأمر الروح ليحافظ على وجودها فيه , ولكن العقل مثلا كلنا يعرف تجربة موسى عليه السلام في موضوع التمر والجمر الذي تسبب في عقدة لسانه لينقذه الله من فرعون , فأغلب الظن أن الروح لا علاقة لها بالعقل والرغبة وحتى بالوعي .
أما علاقة الوعي بالروح و بالعقل أو التفكير أو المخ فربما يصعب تحليلها بشكل قطعي ,
وربما كان الوعي أحد أسرار المخ الكبيرة والتي لم تُكشف بعد , ربما كان الوعي أشمل من العقل , فالعقل يعمل غالبا عند الحاجة إليه , فعند التفكير في معضلة ما أو أمر يهتم به الإنسان أو لتحليل موقف واتخاذ قرار ما , عندها يبدأ المخ باستخدام العقل لمساعدتنا .
والعقل أحد أدوات المخ التي يتحكم فيها وقت الحاجة , وللمخ لا شك الكثير من المهام كونه المتحكم الأساسي للجسد .
المجنون الذي يفقد عقله لا يفقد وعيه لأن الوعي أشمل , والوعي يأتي ربما بعد الروح مباشرة , فهو الذي يمنح الإنسان الإحساس بما يحيط به ويحلل به المخاطر التي ربما يعجز فاقد العقل عنها , وهو الذي يمنحنا رغبة الحركة والتفاعل بما يحيط بنا , وبغياب الوعي ربما يقع الإنسان في مخاطر مميتة , كفقدان الإحساس بوجوده الحسي والمادي , و (فاقد الوعي) أقرب للميت منه للحي وهذه حقيقة لا جدال فيها , فتتعطل كل حواسه وتشل أطرافه ولم يتبق له إلا الروح فقط , وهذه حالة تشبه النوم تماما , فالنائم فقد وعيه ولم يفقد روحه .
ولكن يظل السؤال : أين يذهب الوعي أثناء النوم ؟
وما العلاقة بين أن ينام الإنسان وبين أن يُضرب على رأسه بشدة حتى يصل لمرحلة فقدان الوعي ؟
هذه الأسئلة مازالت إجاباتها عند الجزء الأكبر الغامض من المخ !!!
جميع الفلاسفة والروحانيين والصوفية لم يقدموا أي إجابة مقنعة عن الروح حتى اليوم , ربما لأن البحث فيها ومحاولة كشف أسرارها بالكامل هو أمر مخالف لإرادة الله تعالى في قوله (يسألونك عن الروح) .
ربما سيأتي يوم يستطيع العلماء الكشف عن كل أسرار المخ , ومعرقة ماهية العقل والوعي والمنطق .
ولكن حتما ستظل الروع بعيدة عن كل تلك المحاولات , لأنها إرادة الله وحكمه النهائي في هذه المسألة .
-
adelmolehhttp://adelansare6.blogspot.com/