اجتاحتنا العوالم الافتراضية والمجتمعات الرقمية واستهلكتنا وأوقاتنا وأذهاننا

فصرنا نقضي جُل يومنا ونحن نتنقل بين تطبيقات وبرامج تلك الأجهزة المحمولة نصبحُ عليها ونمسي بها ، نكرس لها عقولنا ونصب فيها أفكارنا ومشاعرنا بل ونفرغ أنفسنا من أنفسنا كي نملأ فراغاتنا بمخلفات تداولاتها بنزرٍ من فائدة أو كثير من لغط!!

لم نعد في أُسَرِنا إلا شواغلَ أسِرّتِنا ، تجمعنا شبكة الاتصال اللاسلكية في الحين الذي تفرقنَا فيه فنحن بينهم في بينٍ عنهم ، متفرقين عن عائلاتنا منقطعين عن علاقاتنا ومجتمعنا بل قد نؤخذ أحياناً عن مصالحنا وأولوياتنا ، لنشتغل بمجتمعات وعوالم أخرى هي حشد لا ينتهي من مستعارات الأسماء والألقاب في مستحدثات وسائل التواصل الاجتماعي والتي هي في الوقت ذاته أسباب الافتراق العائلي ،

فالكل منا يتملص من واقعه والشخوص والعلاقات حوله ليرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بآخرين رقميين من صغار الأحلام كبار الأوهام ، أو جليلي الأفهام وقليلٌ ما هم ..!

أي أننا لم نعد نركن كثيراً لمن حولنا أهلنا أقاربنا ، وإن قاسمناهم الماء والهواء والمأكل والمسكن فقد ذهبنا عنهم بذواتنا وأذهاننا ، أوقاتنا واهتماماتنا ، أفراحنا أحزاننا ، ضحكاتنا وانسجامنا ، كل ذلك وأكثر نصبه طوعاً في تلك الشاشات والأجهزة ومن خلفها ثم لا ننثني أو نكل أو نمل !!

يبقى السؤال هل نحن مع أولئك أو مع من حولنا أو حتى مع أنفسنا ؟

هل سيستمر بنا الحال طويلاً أم هي عادة البشر بالانبهار بكل ما جديد وخوضه وتعاطي تفاصيله حتى الثمالة , ثم يأتي اليوم الذي سنأنف فيه عن كل ذلك أو نعافه شيئاً فشيئا لنتحرر تماما من هذا السلوك الإدماني ومغَبّاته الضارة ..أم نحن في طريقنا لما هو أسوأ من ذلك ؟

دعونا نشارك أصدقاءنا تساؤلاتنا عبر تلك الاتصالات والوسائل !

الكاتبة : نورة يوسف تويتر norah_yosef