تأمَن نَفسي زمانَها كلمّا رأت بيتًا حافِظ لمن فيه من الدُّنيا وما تُخفيه ، مُحافِظ على الأصول راعيه ، رصين البِنا بأهله و لو كان حُجرةٍ من طِين ، وضّاح السَّنا بخلقِهم و لو كان نور البيتِ ليس إلا قنديل خافِت على الباب .
"بيتٌ عامِر بأهله" بكل معنى العِبارة ، لازال كلامُ الأب فيه دستور يُتَبّع رهبةً من عينيه الغاضبة و رغبةً في رؤية جمال غَضبِها الذي يخبِئ حرصًا وحبًا و شقاءَ التفكيرِ المؤرق في هذا الزمان المُغرِق ، وأمٌ كشمسٌ في كونِها ومن حولها أبناءها كالكواكبِ ، أبناء يأخذون النصائِح على مَحمَل الجد لتحقيق المنال وفي أحيانٍ على الهزلِ طمعًا في الدلال إلا إنهم واعون مُدرِكون ، لَهُم سَرائِر طيبة يسرُّون في أنفسِهم ما يلتمسِون من طِيب هذا البيت و تبديه الأيام كلما مرّت ، الأيام التي تمضي منذُ أن كان عَبقُ الأجدادِ وتَستمر حتى يسلُك الأحفاد سُبل حياتِهم ، تلك الحياة في هذا الزمان التي كَثُرَت فيها المُشكلات والمُعرقِلات والصعوبات والظروف وأقدار الدنيا الكثيرة بخيرِها وشرِّها، كل هذه جعلت منا أُناسًا في حالة تَذمُّر وأحيانًا في عدم رِضا ، نشكو الدنيا ونشكو أهلها ونشكو أنفسنا ويشكو بعضنا البعض ، ثم نقول هذا الزمان أختلف أهله ولم يعد فيه الخير ويدخل البعض في جدال من هذا الأمر وووو....
لإننا لا ننظر في طبيعة الحال من نظرةٍ واقعية عَميقة ، نحن في هذا الزمان أمام تحديّات كبيرة لم نختلف هي الطبيعة الوراثية ذاتها لآبائِنا وأجدادِنا و البيئة والعادات والأفكار ذاتها التي تربينا عليها ، وإنما بعثنا الله في زمان عظيم ذو أسبابٍ لا يُحصيها إلا مُهيّء الأسباب سُبحانِه.
سابقًا كانت الحياة بسيطة جدًا لإن أسبابها بسيطة ، فمثلاً إذا تَمرض المرء أما أن يشفى ببعض الأعشاب أو طرق العلاج البدائية فإن تعذرت ليس له إلا دعاؤه لله تعالى .
الآن عندما تمرَض هنالك طبيب وصيدلية ومختبر ومذخر و آلاف العلاجات من مِئات الشركات كُل هذه أسباب وهذا مثل واحد على حالة واحدة نَمُرُّ بها في حياتِنا من بين آلافِ أحوالِنا ، التواصل ووسائله ، النقل و وسائله العلم وأماكنه ، الوظائف ومؤسساتها ، السيارات المنازل .... إلى المناديل الورقية وأنواعها أصبحت جميعها أسبابًا لنا ما قد أوتِيت لُعظماءِ الملوكِ أسلافنا.
فإذا لم يَكُن العيب في الزمان ولا في أهله ، إذن ما بال الحال؟
الحال إن الناس أصبَحَت تنشغل بالأسباب وتجري وراءها وتنسى مسببها سُبحانَه ، تُفتَن بها ومَن فُتِن أضلَّ سَبيله .
فإن السبب حجة ملقاة على الإنسان
، فعلى قَدرِ ماكانت سابقًا الحجج الملقاة (الأسباب) قليلة وبسيطة جعل الله قلوبَ الناسِ بسيطة و صافية وعلى قدرِ ماكانَت الحجج الملقاة علينا كثيرة أخطأنا فيها فحملنا وزرَها فأصبحت قلوبنا يغشاها غُبار وزرِها و اليأس والخوف والظن و الخيبة .
دعونا نَحمَدُ الله على زمانِنا و ناسِنا و أهلنا لا زال هناك الخير الكثير فينا و فيكم وفي لو كان عدوًا ، لازال هنالك الخير لطالما أحسنّا إلى كُلِّ نعمَةٍ ساقها الله لنا وكل سببٍ باطن وظاهِر ، فبذلك يُزال غُبار القلوبِ و تُحفَظُ البيوت وتأمَن النفوس زَمانَها و تبقى البيوت عامِرة بأهلِها .
-
مها سعد فاضللي عقلٌ يتفَكّر و قلبٌ يفقه و ضميرٌ حَي و أصلٌ عَربيّ أكسَبَني فصاحةً على الفِطرةِ و قلمٌ ليس بيني وبينه بين حَرِيٌ أن أقول كاتبة ...
نشر في 17 ديسمبر
2023 .
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
فاطمة بولعنان
منذ 4 أسبوع
fawzi mosbah
منذ 1 شهر
من المستفيد من النّزاع القائم بين المغرب والجزائر؟
رشيد مصباح(فوزي)كاتب جزائرئإذا أردت معرفة المجرم الحقيقى فابحث عن المستفيد من الجريمة.يبدو أن هذه المقولة هي المعيار الحقيقي لمعرفة من المستفيد من النّزاع القائم بين بلدين مثل المغرب والجزائر.إنهاء الاحتلال الصّليبي ثمنه لم يكن مجرّد أرواح تم تقديمها على الأكف
مريم الجزائري
منذ 2 شهر
جلال الرويسي
منذ 2 شهر
نظام إدارة المخزون والمبيعات
يعتبر نظام إدارة المخزون والمبيعات (Inventory and Sales Management System) أحد الأنظمة و الأدوات الرئيسية التي تساهم في تحسين أداء الأعمال وتسهيل العمليات اليومية في الشركات Business Operations. يقوم هذا النظام بتنظيم و ترتيب العمليات المتعلقة بإدارة المخزون وعمليات البيع،Logiciel de gestion de stock au en Afrique et Maroc
Le Maroc, en tant que plaque tournante économique de l'Afrique du Nord, voit de plus en plus d'entreprises adopter des stratégies avancées de numérisation, gestion d'entreprise et gestion de stock de produits de distribution pour rester compétitives sur le marché
Rabah Islam
منذ 6 شهر